تعهد رجب طيب أردوغان بعد أدائه القسم الدستوري أول رئيس لتركيا ينتخبه الشعب مباشرة، «السير على خطى» مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، فيما اتهمته المعارضة بـ «السرقة» و»انتهاك الدستور»، معربة عن خشيتها من «حكم شمولي». وتسلّم أردوغان الرئاسة في حفل عسكري مهيب، من سلفه عبدالله غل الذي غادر قصر شنكايا بعد 7 سنوات. وبدا الحضور الديبلوماسي الدولي ضعيفاً في مراسم أداء القسم الدستوري في البرلمان، إذ كان التمثيل الأميركي على مستوى القنصل العام في تركيا، ولم يرسل الاتحاد الأوروبي أو الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي ممثلاً عنها، فيما كان لافتاً دعوة القائم بالأعمال المصري في أنقرة إلى حضور التنصيب. وأقسم أردوغان الذي انتُخب لولاية من 5 سنوات، على «حماية وجود الدولة واستقلالها وسلامة أراضيها، والتزام الدستور وسيادة القانون والديموقراطية ومبادئ أتاتورك وإصلاحاته ومبادئ الجمهورية العلمانية». وأتبع ذلك معلناً تكليف خليفته في زعامة الحزب الحاكم أحمد داود أوغلو، تشكيل حكومة جديدة يُفترض إعلانها اليوم. لكن رحلة أردوغان مع الرئاسة كانت متعثرة، إذ انسحب نواب «حزب الشعب الجمهوري» المعارض من قاعة البرلمان قبل أن يؤدي القسم الدستوري، معتبرين أنهم «لا يستطيعون أن يكونوا شهوداً على كذبة». وصرخ نواب «حاميها حراميها»، فيما تساءل آخرون «كيف يقسم شخص على الحفاظ على الدستور ومبادئ أتاتورك، وهو ينتهك الدستور ولا يحترم القانون»؟ ويشير هؤلاء إلى إصرار أردوغان على الاحتفاظ بزعامة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم ورئاسة الوزراء، منذ فوزه في انتخابات الرئاسة قبل أسبوعين وحتى تنصيبه رسمياً رئيساً للجمهورية، علماً أن الدستور ينصّ على وجوب استقالته من الحكومة والحزب فور إعلان نتيجة الاقتراع. ورمى نائب من «حزب الشعب الجمهوري» نسخة من الدستور على رئيس البرلمان جميل شيشيك، عضو الحزب الحاكم، فيما أبدى النائب المعارض أيكان إردمير «قلقاً أكبر من حكم الرجل الواحد والحكم الشمولي في تركيا». وحضر المراسم نواب «حزب الحركة القومية» المعارض، لكنهم لم يصفّقوا لأردوغان، فيما صفّق نواب الحزب الحاكم و«حزب السلام والديموقراطية» الكردي وقوفاً. وانتقد الحزبان موقف «حزب الشعب الجمهوري»، مذكرين بنيل أردوغان أصوات 52 في المئة من الشعب التركي في الانتخابات. وكان رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو استبق مراسم التنصيب مدلياً بتصريحات نارية، وَرَدَ فيها: «ليس ممكناً قبول أن يكون رجل مُتهم باختلاس وسرقة، رئيساً لتركيا». وطالب أردوغان بإبراء ذمته المالية وكشف هل لديه حسابات سرية في مصارف سويسرية. وبرّر امتناعه عن حضور المراسم بأن الرئيس المنتخب «سيتعهد احترام الدستور، لكنه سيكذب، ولا أريد أن أكون شاهداً على هذا الأمر». وكان لافتاً إغداق أردوغان المديح على أتاتورك، أثناء توقيعه كتاب الشرف في ضريحه، وهذا بروتوكول رسمي مفروض على كل رئيس جمهورية في يوم تنصيبه، إذ زار الرئيس الجديد ضريح مؤسس تركيا الحديثة، متعهداً «السير على خطاه وأن تنعم روحه بطمأنينة وفخر». وفجّرت هذه العبارة انتقادات وتعليقات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما ترددت في أكثر من تغريدة لقيادات أتاتوركية عبارة أن «عظام أتاتورك ترتعد من هول هذا الحدث، ودخول إسلامي قصر الرئاسة». وكتب أردوغان أيضاً في كتاب الضريح: «اليوم الأول لرئيس مُنتخب من الشعب في منصبه، هو يوم انبعاث تركيا من رمادها وتعزيز بناء تركيا جديدة».
مشاركة :