سنوات الحب والملح يفتح قضية تطهير ماسبيرو من الإخوانأظهرت قضية حذف مشاهد كاملة من مسلسل “سنوات الحب والملح”، التي تدين تاريخ الإخوان، مدى تغلغل الجماعة في مبنى الإذاعة والتلفزيون، وكشفت أن الحاجة باتت ملحة لتطهير هذا القطاع الحساس من عناصر الإخوان والمتعاطفين معهم.العرب سارة محمد [نُشر في 2017/10/19، العدد: 10786، ص(18)]حماية ماسبيرو ضرورة ملحة القاهرة – أعادت واقعة اكتشاف حذف أجزاء من مسلسل “سنوات الحب والملح” للمخرج المصري محمد فاضل، والذي يعرض حاليًا للمرة الثانية بالتلفزيون الرسمي، ملف تطهير مبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي المعروف بـ”ماسبيرو”، من بقايا جماعة الإخوان الذين مازالوا مستمرين في التأثير عليه وتوجيه سياساته من خلال مواقع حساسة يشغلونها به حتى الآن. ويستعرض أحداثًا سياسية مهمة في تاريخ مصر منذ عام 1950 وحتى عام 1976، بما فيها محاولات سرقة جماعة الإخوان ثورة يوليو في بدايتها. وقد أدى أدوار البطولة فيه الفنانون: عزت العلايلي ومي كساب وفتحي عبدالوهاب. وأوضح مخرج العمل محمد فاضل أن واقعة الحذف جاءت تحديدًا في الحلقة 28 التي تضمنت مكاشفة حقيقية لجماعة الإخوان من حيث تخطيطهم لتنفيذ مجموعة من الاغتيالات، وتفكيرهم في إقامة دولة الخلافة في مطلع السبعينات من القرن الماضي بعد أن أفرج عنهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات من السجون. وأكد فاضل أنه فوجئ بالحذف عند مشاهدته العمل هذه المرة لعدم متابعته له خلال عرضه في المرة الأولى بسبب تواجده في سوريا، مرجعا الأمر إلى استمرار عمل بعض القيادات الإخوانية في مبنى ماسبيرو بعد انتشارهم بقوة في عهد وزير الإعلام الإخواني صلاح عبدالمقصود الذي مكث في منصبه عامًا كاملًا. وقال فاضل أن الوزير الهارب خارج البلاد حاليًا، جعل من ماسبيرو مبنى لتمكين القيادات الوسطى من العمل داخله لخدمة الجماعة وتحقيق أهدافها لعلمه بأن القيادات العليا يتم تغييرها من الجهات الرسمية، وأن الأمر لم يتم فقط على مستوى قنوات التلفزيون بل وأيضًا في إذاعتي القرآن الكريم وصوت العرب. وكان فاضل قد تقدم ببلاغ إلى النائب العام المصري مطالبًا بالتحقيق في الواقعة، ومن بين ما جاء في البلاغ “فوجئت وصُدمت بأن الحلقات حذف منها كل ما يهاجم الإخوان، أو يشير إلى أساليبهم الشريرة للوصول إلى أغراضهم الإجرامية بالاغتيالات والإرهاب”. وأضاف “إن هذا الاختيار النوعي لما تم حذفه يؤكد أن الجماعة الإرهابية كامنة في أرجاء متعددة من ماسبيرو منذ 2010 ، وهي سنة إنتاج المسلسل”، واستطرد “لعله يكون قد آن الأوان لتطهير ماسبيرو من تلك الجماعة وأذنابها المتعاطفين معها”.محمد فاضل: لعله يكون قد آن الأوان لتطهير ماسبيرو من الجماعة وأذنابها وكشف مؤلف العمل، السيناريست أبوالعلا السلاموني، في تصريحات لـ”العرب”، أن واقعة الحذف موجودة منذ العرض الأول عام 2010 حيث تم حذف مقاطع الصوت وليس المشاهد كاملة كما هو معتقد لدى البعض. وأشار إلى أنه ليس من المنطقي أن يتم ذلك الحذف في عهد تقوم فيه الدولة بمحاربة الجماعات الإرهابية، وألا تكون هناك مراجعة من المسؤولين في هذا المبنى، وهو ما يمثل دليلًا على الإهمال الكبير. وأكد أسامة الشيخ، الذي كان يرأس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون عام 2010 ، في تصريحات لـ”العرب”، أن العمل يعرض في الأصل على لجنة رقابية تبدي موافقتها عليه وبناءً على ذلك تتخذ قرارها بإنتاجه. وبالتالي لم يتم الإيعاز بحذف أي مشهد في العرض الثاني للعمل. وشدد أنه خلال توليه منصبه في هذا الوقت لم يقم بإعطاء تعليمات إلى جهاز الرقابة بحذف أي مقطع من الأعمال إلا في بعض المشاهد التي تتعلق بالتجاوزات الأخلاقية فقط. وأشار الشيخ أيضًا إلى أن الواقعة الحالية تؤكد وجود عمل ممنهج، لأن شخصا ما قام بمتابعة 30 حلقة من المسلسل ثم انتقى مشاهد بعينها لكي يتم حذفها، وحتى اللحظة الآنية لا تزال نسبة كبيرة من الموظفين التابعين لجماعة الإخوان تعمل في أماكن حساسة داخل مبنى ماسبيرو. ولم تتوقف الانتقادات عند ماسبيرو فقط بل امتدت لتطال الهيئة الوطنية للإعلام نفسها، المشرفة حاليا على الإعلام المصري، ويتهمها البعض بالتقصير وعدم القيام بالدور المنوط بها، وعدم اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة لتطهير التلفزيون الحكومي. ودعا إعلاميون إلى ضرورة التعجيل بإجراء مراجعة شاملة وجادة حتى يمكن التخلص من الإرث القديم، خاصة وأن رقابة التلفزيون كانت قد وافقت على عرض المسلسل دون أي حذف.. فمن الذي قام بالحذف الآن. ونبه متابعون إلى أن خطر الإخوان لا يتوقف على المنتمين إليهم بشكل مباشر وإنما أيضًا في مئات الآلاف من المتعاطفين مع فكرها وأيديولوجيتها، والذين يكمنون في الظل دون أن يعلنوا عن أنفسهم. ولفتوا إلى أن ما يجري في ماسبيرو ليس عملًا استثنائيًا بل هو نموذج يتكرر حاليًا في الكثير من مؤسسات وأركان الدولة، سواء في التعليم أو الإعلام أو الثقافة وحتى في البعض من المؤسسات الأخرى كالشرطة والقضاء، وشددوا على أن مقاومة التغلغل الإخواني ليس أمرًا سهلًا، لأن الجماعة نجحت طوال السنوات الماضية في زرع كوادرها داخل عظام تلك المؤسسات.
مشاركة :