نقص الحديد يهدد الأطفال بالإصابة بفقر الدم “الأنيميا”، مشيرا إلى أنه يهاجم بصفة خاصة المراهقين المصابين بأمراض الأمعاء المزمنة مثل التهاب القولون التقرّحي أو داء كرون، وكذلك الفتيات اللائي يعانين من الحيض الشديد. وأوضح الطبيب الألماني أن أعراض نقص الحديد تتمثل في ضعف التركيز وتراجع مستوى التحصيل الدراسي والنعاس أثناء النهار والشحوب وفقدان الشهية وتقصّف الأظافر والشعر وجفاف الشفاه وتشققها واتجاه زوايا الفم للداخل، بالإضافة إلى اضطراب الساقين المعروف باسم متلازمة “تململ الساقين”. وتنبغي استشارة طبيب أطفال عند ملاحظة هذه الأعراض للتحقق من الإصابة في نقص الحديد من خلال إجراء فحص للدم. ويتأثر مفعول الأطعمة الغنية بالحديد بالمنشطات والمثبطات الموجودة في الوجبات بشكل كبير. وحاليا لا توجد هناك طريقة علمية للتنبؤ بمدى استمرارية مفعول الحديد في وجبة ما، لأن امتصاص الحديد يتراوح بين 1 و40 بالمئة نظرًا لخليط المنشطات والمثبطات الموجود في الوجبة الواحدة. ولرفع مستوى مفعول الحديد في الأطعمة الغذائية يفضل تناول مواد تحتوي على المنشطات التي تزيد من امتصاص الحديد مثل فيتامين “ج” الموجود في الفواكه والعصائر والبطاطا وبعض الخضراوات مثل الزهرة والملفوف؛ وبعض الأطعمة المخمرة أو المبهّرة مثل صلصة الصويا والكرنب المخمّر. ويمكن إمداد الجسم بالحديد من خلال تناول الأطعمة الغنية به مثل اللحوم والخضروات الورقية الخضراء والشمندر الأحمر والسمك والبيض ومنتجات الحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات. وعند الضرورة يمكن أيضا اللجوء إلى مكملات الحديد.من الممكن إمداد الجسم بالحديد من خلال تناول الأطعمة الغنية به مثل اللحوم والخضروات الورقية الخضراء والشمندر الأحمر ويوصي خبراء التغذية بالتقليل من المأكولات التي تعمل عمل المثبطات وتقلل من امتصاص الحديد مثل حبوب نخالة الدقيق والجوز والأطعمة الغنية بالإينوزيتول (سكر الليف) والشاي والقهوة والكاكاو والأعشاب بشكل عام وبعض البهارات (مثل الزعتر الأخضر) هذا بالإضافة إلى الكالسيوم وخصوصا الحليب ومشتقاته، فعلى سبيل المثال يمكننا فصل فترة شرب الشاي عن فترة تناول الغذاء، أي جعلها بعد ساعة، لأنه في هذه الحالة لن يثبط الشاي امتصاص الحديد بسبب مغادرة معظم الأطعمة المعدة. تجدر الإشارة إلى أن نقص الحديد يضعف النموّ الإدراكي عند الأطفال من سن الطفولة إلى سن المراهقة لأنه يعمل على إتلاف آلية جهاز المناعة وله علاقة بارتفاع نسبة الوفيات. وكشفت دراسة أميركية عن أن تعرض المراهقين لنقص الحديد قد يكون له تأثير سلبي على أدمغتهم في المستقبل. وأوضح الباحثون أن صحة الدماغ عند الراشدين قد تكون لها صلة بمستوى الحديد في الغذاء الذي كانوا يتناولونه خلال مرحلة المراهقة. وتوصّل فريق الدراسة، الذي ضم مختصين من جامعة كاليفورنيا-لوس أنجلس الأميركية، إلى وجود ارتباط بين مستوى بروتين الـ”ترانسفيرين” عند المراهقين، وهو البروتين الناقل للحديد في الجسم والدماغ ورصد تغيرات فيزيائية على تركيبة الدماغ عندما يصبح الفرد من الراشدين. كما كشفت الدراسة عن دور مجموعة شائعة من المورّثات في التأثير على كل من مستويات بروتين الـ”ترانسفيرين” وتركيبة الدماغ. وكان الباحثون أجروا دراسة شملت ما يزيد عن 600 من التوائم الأصحاء الراشدين كانوا أخضعوا لفحوص التصوير الشعاعي للدماغ بواسطة تقنية الرنين المغناطيسي، وقد بلغ المتوسط العمري بينهم 23 عاماً. كما أجري لغالبية المشاركين فحص آخر باستخدام أحد أنواع التصوير الشعاعي بواسطة الرنين المغناطيسي والمعروف بالمسح الانتشاري والذي يظهر تفاصيل عن وصلات الميلين في الدماغ، وهي المادة العازلة المغلفة للألياف العصبية في الدماغ. وكان المشاركون خضعوا لاختبارات لقياس مستوى الـ”ترانسفيرين” في الدم عدة مرات، وذلك عند بلوغهم الثانية عشرة والرابعة عشرة من العمر وأخيراً في سن السادسة عشرة بهدف تقييم مدى توافر الحديد في الدماغ لديهم خلال مرحلة المراهقة. وأشارت الدراسة، التي نشرتها دورية محاضر الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أن الأشخاص الذين امتلكوا مستويات عالية من بروتين الـ”ترانسفيرين” في الدم، وهو ما يمثل مؤشراً على انخفاض مقدار الحديد في الغذاء الذي يتناولونه، أظهروا تغيراً في تركيبة بعض المناطق الدماغية التي تعتبر معرّضة للضمور العصبي. كما كشفت الدراسة عن أن مجموعة شائعة من المورّثات لها تأثير على مستويات بروتين الـ”ترانسفيرين” الناقل للحديد وعلى تركيبة الدماغ عند الفرد في نفس الوقت. وفي تعليق له على نتائج الدراسة قال البروفيسور ثومبسون، وهو مختص بعلم الأعصاب من جامعة كاليفورينا-لوس أنجلس الأميركية، “لن يخطر ببالك أن الحديد في نظامنا الغذائي سيؤثر كثيراً على الدماغ عند المراهقين إلا أنه تبين أنه هام جداً”. وأضاف “الميلين يسرّع تبادل المعلومات بين أجزاء الدماغ، والحديد ضروري لتصنيع الميلين”. ونوّه إلى أنّ انخفاض مستويات الحديد في مرحلة الطفولة قد يستنزف ما أسماه مدخرات الدماغ والتي يحتاجها الفرد لمقاومة الشيخوخة ومرض الزهايمر لاحقاً.
مشاركة :