أبلغ الجيش البورمي البوذي في عمليات الإبادة العرقية والتطهير الديني ضد سكان إقليم أراكان من مسلمي الروهينغا الذين تم تهجيرهم قهراً خارج حدود ميانمار نحو بنغلاديش، وتم زرع الألغام على مدى الحدود المشتركة مع بنغلاديش، وعانى اللاجئون مواطنو ميانمار من التشرد والقتل والجوع والموت دون أي مساعدات إقليمية ودولية ولا تستطيع دولة بنغلاديش وحدها تحمل هذا الزحف اليومي من أفواج المنكوبين من بطش وظلم جنود الدكتاتورية الجديدة في نظام ميانمار الفاشستي. وحكاية هذا الظلم اللاإنساني تبدأ حين خرجت الجيوش البريطانية المحتلة لبورما -آنذاك- وكعادة الاستعمار البريطاني كالأمراض المستوطنة، لا يرحل بل يترك موروثاً اجتماعياً سلبياً يذكّر بوجوده السابق دائماً. الإنجليز تركوا لشعب بورما سياسة «فرِّق تسد»، ونصروا البوذيين على المسلمين.. المجتمع الدولي. اليوم والرأي العام العالمي، مدعو للقيام بواجبه الإنساني وتحقيق العدالة المفقودة في ميانمار وللأسف وحتى الآن لم يحرك ساكناً، غربياً كان أم شرقياً. والواجب الإنساني الشرعي يناشد الضمير الإسلامي متمثلاً بدول الجوار لبورما، وفي مقدمتها بنغلاديش وإندونيسيا، ولا بد من تحريك هذه القضية التي محورها الجرائم الوحشية التي ينفذها البوذيون وسلطة عسكرهم في ميانمار بكل قسوة ووحشية، من قتل جماعي وتهجير أهل القرى ومصادرة أملاكهم وحرق قراهم، واستخدام من بقي منهم في أعمال السخرة العسكرية في بناء الثكنات والسجون، وحرمانهم من السفر خارج البلاد، حتى منعهم من تأدية فريضة الحج لبيت الله الحرام. المسلمون في ميانمار «بروما» يعيشون العبودية في بلادهم التي وُلدوا فيها، ومات أجدادهم على ترابها، على الرغم من أنهم يشكلون نسبة «30 في المائة» من عدد سكانها، حياتهم اليومية حرمان مدني محاط بالخطر في كل لحظة من حياتهم، شعب أعزل يعيش مستقبلاً مجهولاً. العالم الإسلامي لا يهمه الأهمية الاستراتيجية لموقع ميانمار المتميز جغرافياً واقتصادياً، وعلاقتها بالصين والهند، ولا نشاط الزعيمة الحالية التي تدعي تمسكها بالديمقراطية سان سوتشي التي حظيت بتكريم غريب لفوزها بجائزة نوبل للسلام، ونسي العالم كله أو تناسى المجازر الدموية وأعمال الاغتيال الجماعي للمسلمين في كل بورما البوذية، وحرق قراهم ومصادرة أموالهم وإجبارهم على أعمال تمثل القسوة والعبودية وبكل وحشية وخرق علني لكل مواثيق حقوق الإنسان والحقوق المدنية للطائفة المسلمة من شعب بورما. وهذا العام لم ترغب زعيمة الديمقراطية في ميانمار حضور جلسات الأمم المتحدة خجلاً من الإحراج الدولي على المجازر اللاإنسانية التي تنفذها حكومتها وجيشها في إقليم أراكان المسلم... والنداء الإنساني والواجب الشرعي يوجّه لكل المنظمات الإسلامية ابتداء من مشيخة الأزهر ومروراً بمنظمة التعاون الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي لنصرة المسلمين، ورفع أعمال العنف عنهم، وإيقاف تهجيرهم من ولاية أراكان ذات الأكثرية الإسامية وغلق ممثلياتهم الدبلوماسية من كل دول العالم الإسلامي وفرض الحظر الاقتصادي على هذه الدويلة العنصرية الظالمة. ولا يكفي إعلان القلق والاستنكار والاتصال التلفوني كل هذا لا يرفع إجراءات العبودية عن مسلمي ميانمار؛ فلا بد من خطوة جدية لنقل قضيتهم الإنسانية إلى المحافل الدولية، ومقاطعة كل الدول الإسلامية لدويلة ميانمار سيئة الصيت، وإجبارها على احترام حقوق المسلمين في بلادهم بورما، وضمان حقوقهم المدنية في الحياة والمواطنة.
مشاركة :