رفض أميركي لحماس يهدد مسار المصالحة الفلسطينيةتحد كبير يواجه ملف المصالحة الفلسطينية وهو رفض الولايات المتحدة لحكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس دون نزع الأخيرة لسلاحها والاعتراف بإسرائيل، وفي ظل هذا الطارئ يرى محللون أن نجاح المصالحة وصمودها يبقى رهين طريقة تعاطي السلطة الفلسطينية، وقدرة مصر على مواجهة هذا الواقع المستجد.العرب أحمد حافظ [نُشر في 2017/10/20، العدد: 10787، ص(2)]ترامب صدى لصوت نتنياهو القاهرة - فاجأت الشروط الأميركية لقبول حكومة وحدة وطنية فلسطينية تشارك فيها حماس، الكثير من المتابعين لمسار المصالحة الذي تم توقيع اتفاق يتضمن الخطوط العريضة له في القاهرة، قبل أيام. واعتبر جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، أن حكومة الوحدة التي يمكن أن تشكلها حركتا فتح وحماس يجب أن تتعهد بنبذ العنف وأن تعترف بإسرائيل. وقال المبعوث الأميركي في بيان إن الولايات المتحدة تؤكد من جديد أهمية التقيد بمبادئ اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، بأن أي حكومة يجب أن تلتزم التزاما لا لبس فيه، بنبذ العنف والاعتراف بدولة إسرائيل وقبول الاتفاقات والالتزامات السابقة الموقعة بين الطرفين، بما في ذلك نزع سلاح “الإرهابيين”، والالتزام بالمفاوضات السلمية. وأضاف غرينبلات “إذا كانت حماس معنية بأي دور في حكومة فلسطينية، فيجب عليها أن تقبل هذه المتطلبات الأساسية”. وشكلت هذه التصريحات تراجعا لموقف الولايات المتحدة الذي بدا داعما لفكرة المصالحة بين الفلسطينيين كتمهيد لعملية السلام، والذي تحدث عنها الرئيس دونالد ترامب خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي. وردت حركة حماس بقوة على التصريحات الأميركية. واعتبر رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار أن “لا أحد” يستطيع انتزاع اعتراف حركته بإسرائيل أو نزع سلاحها. وقال السنوار “لا أحد في الكون يستطيع نزع سلاحنا، بل سنواصل امتلاك القوة لحماية شعبنا”. كما أكد أن “لا أحد لديه القدرة على انتزاع اعترافنا بالاحتلال”. وفي وقت سابق اعتبر القيادي في الحركة باسم نعيم أن “بيان غرينبلات جاء بضغط من الحكومة اليمينية في إسرائيل، التي يتزعمها بنيامين نتنياهو، ويشكل انتكاسة لتصريحاته السابقة التي يدعم فيها المصالحة”. وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت الثلاثاء رفضها التفاوض مع حكومة وحدة وطنية فلسطينية تضم حركة حماس، في حال لم تتخل الأخيرة عن سلاحها وعن العنف، وتعلن الاعتراف بإسرائيل. وقال مصدر قريب من ملف المصالحة الفلسطينية لـ”العرب” إن مصر كانت تدرك جيدا أن هناك عقبات كثيرة سوف تلقى أمامها في سعيها لإتمام المصالحة بين فتح وحماس، لذلك وضعت سيناريوهات عديدة لتجاوز هذه العقبات، وبالتالي فالشرط الأميركي ومن قبله الإسرائيلي بشأن مشاركة حماس في تشكيل الحكومة “كان في الحسبان، ومتوقع”، ولن يمثل عائقا أمام المضي في إتمام المصالحة الفلسطينية.حازم أبوشنب: قرار الوفاق الوطني قرار استراتيجي، وسوف نظل نعمل على تحقيقه وأضاف المصدر “إذا كانوا يرفضون حكومة تشارك فيها حماس، أو يشترطون نزع سلاحها والاعتراف بإسرائيل، فهذه ليست أزمة، فهناك مسار مقترح لتشكيل حكومة تكنوقراط، أو على الأقل أن يكون أعضاء حماس من المحسوبين عليها وليسوا من قادة الصفوف الأولى والثانية وحتى الثالثة، بحيث تكون حماس كحركة مقاومة غير موجودة على الورق”. وألقى الموقف الأميركي ثقلا كبيرا على الجانب المصري الذي يرعى المصالحة، بعد أن قطع أشواطا كبيرة بدأت بإعادة فتح مكتب حماس بالقاهرة ومن بعده إعلان الحركة تسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية وتشكيل حكومة وفاق وطني. ورغم المباحثات التي دارت بين ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والتي عبرت عن توافق مشترك لتحقيق المصالحة، ولكن جاء التراجع المفاجئ بمثابة تهديد للقضية الفلسطينية برمتها وإنهاء لقضية “القرن” التي تحدث عنها السيسي خلال تصريحات سابقة مع ترامب. وفي ظل تمسك حماس بمبادئها ببقاء جناحها العسكري وعدم الاعتراف باسرائيل بالإضافة إلى رغبة مصر والسلطة الفلسطينية ببقاء الوضع على ما هو عليه في الوقت الحالي لاستخدامها في المستقبل كأوراق تفاوض مع الجانب الإسرائيلي خلال مباحثات السلام، أصبح الوضع أكثر تعقيدا أمام الجانب الفلسطيني والمصري في إقناع البيت الأبيض بضرورة عدم عرقلة الخطوات التاريخية التي اتخذتها الأطراف لتحقيق وحدة وطنية للتفاوض مع إسرائيل. وقال الباحث في الشأن الفلسطيني بمركز الأهرام للدراسات السياسية محمد جمعة إن “الشرط الأميركي لن يؤثر على المصالحة، لأن حماس لن تشارك بصفة فعليّة في الحكومة، وحتى إن اختلفت مسميات الحكومة المقبلة، بين حكومة وحدة أو وفاق وطني أو تكنوقراط، فإن الحركة لا تريد عودة عقارب الزمن إلى الوراء لأنها تريد إتمام المصالحة لذلك لن تمانع في اختيار شخصيات في الحكومة محسوبين فقط عليها حتى تحظى الحكومة باعتراف دولي”. وسألت “العرب” مصدرا مطلعا من حماس عن هذا المقترح، فأجاب “لن نمانع ولن نعطي الفرصة لأحد بأن يعبث بالمصالحة، ومقترح الأشخاص التكنوقراط وارد بقوة”. وأوضح المصدر “أن التعنت الأميركي اختبار واضح لحركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في مدى قبول هذه الشروط وعدم الالتفات إليها”. وبموجب اتفاق المصالحة، يفترض أن تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة بحلول الأول من ديسمبر، وسيسعى الطرفان أيضا إلى تشكيل حكومة وحدة بينما يمكن لحماس أن تنضم في نهاية المطاف إلى منظمة التحرير الفلسطينية- الشريك التفاوضي الرئيسي لإسرائيل في محادثات السلام. وقال حازم أبوشنب القيادي بحركة فتح لـ”العرب” “إن المصالحة شأن داخلي فلسطيني، نحن من نحدد أين مصلحة الشعب، والأصوات التي تصدر من هنا أو هناك نستمع لها باهتمام، ولكن ليست هي التي تقرر السياسة الفلسطينية.. باختصار إن قرار الوفاق الوطني هو قرار استراتيجي، وسوف نظل نعمل على تحقيقه”. وأضاف أن هناك ضرورة لوجود موقف عربي موحد، إلى جانب مصر، لمواجهة الموقف الأميركي الذي يأتي في الكثير من الأوقات متطابقا مع رؤية إسرائيل وهذا شيء لن نقبله. وحسب مصادر مطلعة، فإن حماس رفضت مقترح فتح بأن تستمر حكومة رامي الحمدلله لحين إجراء الانتخابات العامة، وحل أزمة الموظفين والأمن بقطاع غزة، وطلبت أن تشارك مختلف الفصائل في تشكيل الحكومة، حتى لا يفهم من ذلك أن المصالحة مقتصرة عليهما فقط، وتكون السلطة ملتزمة بالمصالحة مع باقي الفصائل. وقال أسامة عامر الباحث الفلسطيني لـ”العرب” إن شروط الولايات المتحدة “صدام مع مختلف الفصائل الفلسطينية، لأنهم يرفضون ذلك، ويرهنون التنازل عن السلاح بوجود حل سياسي مرض للأزمة الفلسطينية مع إسرائيل”.
مشاركة :