الشح المالي يهدد مسيرة التعليم الجامعي في الأراضي الفلسطينية بقلم: أحمد حافظ

  • 11/28/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشح المالي يهدد مسيرة التعليم الجامعي في الأراضي الفلسطينيةأصبح الشحّ المالي يهدد مسيرة التعليم الجامعي في فلسطين، بعد تكرار إضراب الأساتذة للمطالبة بتحسين أوضاعهم المادية وأحوالهم المعيشية، فيما يظل الخاسر الأكبر في هذا المشهد هو الطالب الفلسطيني.العرب أحمد حافظ [نُشر في 2017/11/28، العدد: 10826، ص(17)]مطالب لا تراجع عنها دفع تجاهل وزارة التربية والتعليم العالي ومجلس الجامعات الفلسطينية لمطالب الأساتذة بإصلاح سُلّم الرواتب، إلى تنفيذ إضراب جزئي في عدد من الجامعات الأهلية بالضفة الغربية، وبدت ساحات الجامعات خالية من الطلاب بعدما تحولت وجهة الأساتذة من الحضور في قاعات التدريس إلى الاعتصام أمام وزارتي التربية والماليّة. ويشتكي أساتذة الجامعات الأهلية من إصرار مجلس التعليم الجامعي على إلغاء مكافأة نهاية الخدمة للعاملين في الجامعات المنضمين إلى صندوق التقاعد حديثا، وعدم الالتزام بصرف علاوة غلاء المعيشة، وتنصل الحكومة من دفع مستحقات الجامعات التي يتم من خلالها صرف رواتبهم بنسب الزيادة المقررة لكل فترة. ولم تفلح دعوات المسؤولين بوزارتي العمل والتربية والتعليم للأساتذة إلى الكف عن سلوك نهج الإضراب المتكرر كوسيلة ضغط لأجل تحقيق المطالب، في ظل تمسك الوزارتين بعدم أحقية الذين ألحقوا للعمل في الجامعات بعد الأول من سبتمبر الماضي في صرف مكافأة نهاية الخدمة لأنهم أصبحوا يُعاملون وفق نظام جديد للتقاعد. وبالمقابل، بررت إدارات الجامعات موقفها بأن الأزمات المالية التي تعصف بها، لا تمكّنها من تحقيق مطالب الأساتذة حديثي التعيين، إلى جانب أنه بعد انضمام موظفي الجامعات المعينين منذ الأول من سبتمبر إلى نظام التقاعد الجديد الذي أقرّ مؤخرا، فإن ذلك كافيّا ولا حاجة إلى مكافأة نهاية الخدمة.مجدي حمايل: الهدف من دخول الاتحاد العام للنقابات هو تحقيق المطالب بكل الجامعات وقالت وزارة المالية، إن نقطة الخلاف تكمن في مطالبة الأساتذة الجدد بالجمع بين مكافأة نهاية الخدمة وحق التقاعد مثل القدامى، وكلاهما يساوي راتب شهر عن كل سنة تدريس، ولا يجوز الجمع بين الاثنين معا بعد قرار الحكومة بتطبيق نظام التقاعد الجديد على الجامعات. وترى اتحادات نقابات أساتذة وموظفي الجامعات أن تمسكها بمطلبها حق مكتسب، وأن وزارة المالية كانت توصلت إلى تفاهمات مع وزارة التربية والتعليم العالي والجامعات في 12 أكتوبر الماضي، بفتوى قانونية نصّت صراحة على الحفاظ على مكافأة نهاية الخدمة لجميع الموظفين (قدامى وجدد)، ثم تراجعت بعدها بيوم واحد بفتوى مغايرة، صادرت خلالها حقوق الأساتذة الجدد بالجامعات. وما أربك المشهد الجامعي أن الأساتذة القدامى، وبرغم حصولهم على أكثرية حقوقهم المادية، أنهم تضامنوا مع زملائهم الجدد وأعلنوا المشاركة في الإضراب، وهو ما حدا بمجلس التعليم الجامعي، الذي يرأسه وزير التربية والتعليم العالي، ويضم مختلف رؤساء الجامعات، إلى التلويح باتخاذ إجراءات عقابية ضد المضربين عن العمل وليست لهم حقوق، في إشارة إلى الأساتذة القدامى، لكنهم تمسكوا بمساندة زملائهم حديثي التعيين. وما ضاعف من حدة الارتباك أن نحو 250 ألف طالب في 10 جامعات بالضفة الغربية تركوا الساحات خاليّة، وشارك بعضهم في إضراب الأساتذة، ما مثّل ضغطا مضاعفا على القائمين على إدارة التعليم الجامعي. وبرر طلاب جامعيون مشاركتهم في إضراب الأساتذة بأن “الضغوط التي تمارس على أساتذتهم من جانب مجلس التعليم العالي ووزارة التربية، تؤثر سلبا على أدائهم داخل فصول التدريس، ونحن لن نسمح باستمرار التنصل من حقوقهم لأن الجامعات تقوم على أكتافهم”. وقال مجدي حمايل، عضو الاتحاد العام لنقابات أساتذة وموظفي الجامعات الفلسطينية، “لقد تم التوصل إلى اتفاق مع إدارات الجامعات ينتظر توقيعه خلال أيام وينص على عدم المساس بالكادر الموحد للجامعات أو مكافأة نهاية الخدمة مع إيجاد صيغة مرضية للطرفين (الاتحاد والجامعات)”. وأضاف في اتصال هاتفي مع “العرب”، أن “الهدف من دخول الاتحاد العام للنقابات وليس نقابة كل جامعة على حدة مع مجلس التعليم العالي هو لإيجاد حل جذري، وأن هناك بعض الجامعات وافقت على مطالب الأساتذة، وبالتالي لا نريد أن يكون هناك تباين ونبحث عن تحقيق المطالب بكل الجامعات، وإذا لم يحدث ذلك سوف يكون الإضراب شاملا”.عماد أحمد البرغوثي: إضراب الأساتذة تسبب في تداعيات سلبية لكنه كان مطلوبا وأشار إلى أن الحكومة هي السبب الرئيسي في ما يحدث لأن هناك اتفاقا جرى توقيعه معها عام 2008 بأن تمنح الجامعات 40 مليون دولار سنويا كمساعدة في تمويل احتياجاتها، لكنها طوال السنوات التسع الماضية لم تدفع سوى 20 مليون دولار، أي نحو 5 بالمئة من مستحقات الجامعات وفق هذا الاتفاق، ما ضاعف من الأزمات المالية الطاحنة التي تواجه هذه الجامعات. ووضعت هذه الأزمة إدارات الجامعات أمام خيارات صعبة، قد تعكس نفسها على جودة التعليم ومخرجاته، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تسليع التعليم، ليصبح سلعة متاحة فقط للقادر على شرائها. ويرى أكاديميون أن الأزمة المالية التي تواجه الجامعات الفلسطينية، يمكن تلخيصها في تراكم العجز المالي في موازناتها، وقلة المخصصات المالية التي تقدمها الحكومة وعدم انتظامها، وعدم كفاية العائد من الأقساط الجامعية، وندرة الدعم المالي الخارجي المباشر والعوائد المادية الذاتية للجامعات. وقال عماد أحمد البرغوثي، أستاذ الفيزياء بجامعة القدس (أهلية) وأحد قادة الإضراب، إن “الجامعات الفلسطينية تعاني أزمة مالية طاحنة، فعدد العاملين كبير والرواتب مرتفعة والإيرادات منخفضة للغاية، ولا تكفي سوى جزء بسيط جدا من تغطية الإنفاق، كما أن الدعم الحكومي نادر ومتقطع”. وأقر البرغوثي في تصريح هاتفي لـ“العرب”، أن إضراب الأساتذة تسبب في تداعيات سلبية كثيرة على المستوى التربوي، لكنه كان مطلوبا بعدما أصبحت الجامعات غير قادرة على دفع الرواتب والتحسين من أدائها أو حتى الإنفاق على التجهيزات الجديدة والمعامل وقاعات التدريس ومستلزمات العملية التعليمية بكافة نواحيها. ويخشى تربويون من أن تنفذ مجالس اتحادات نقابات أساتذة وموظفي الجامعات تهديداتها باستمرار الإضراب الجزئي وتصعيده ليكون شاملا ووقف عملية التدريس تماما مطلع ديسمبر المقبل، بحسب ما لوّحوا بذلك، لأن ذلك ينذر بإمكانية تأجيل امتحانات منتصف العام وتمديد العام الدراسي.

مشاركة :