شبح القذافي يخيّم على ليبيا

  • 10/21/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

سليمة لبال| مع الإعلان عن إطلاق سراح سيف الإسلام (نجل العقيد الليبي السابق معمر القذافي)، بدأ مؤيدو «العقيد» سواء كانوا داخل ليبيا او خارجها يشعرون بأن عودتهم قريبة، ويحلمون باستعادة النظام القديم. ففي أحد فنادق العاصمة المصرية القاهرة احتُفل في يونيو الماضي، بإطلاق سراح سيف الإسلام، حيث التقت شخصيات في النظام الليبي السابق، وعسكريون ومؤيدون لمعمر، يعيشون بالمنفى، ويقول مقرب من العقيد حضر الحفلة: «لقد احتفلنا بكرامة». في التاسع من يونيو الماضي، أكدت كتيبة أبو بكر الصديق أنها أطلقت سراح سيف الإسلام القذافي طبقاً لقانون عفو جديد. ويعد هذا العفو، الذي تبنته حكومة الشرق الليبي، مؤشراً على انفتاح إضافي من قبل العقيد خليفة حفتر، الذي سمح مؤخراً لآلاف «القذافيين» بالعودة، وبينهم مبروك صحبان أحد الضباط الأوفياء للقذافي. وقد عبّر العديد من مؤيدي النظام السابق والمنقسمين بشأن شرعية نجل القذافي، عن دعمهم لقرار الإفراج عن سيف الاسلام. فخلال السنوات الست الأخيرة، انقسم هؤلاء إلى ثلاثة أطراف تتبادل في ما بينها تهم خيانة الوطن، فهناك مؤيدون لسيف الإسلام، وداعمون لحفتر، وقسم يرغب في عودة الجماهيرية الليبية. ويرى هؤلاء أن سيف الاسلام هو الشخصية الجامعة القادرة على توحيد ليبيا على كلمة واحدة. وتأتي هذه التطورات في وقت لم يظهر فيه الى الآن سيف الإسلام، حيث يشكك بعض المراقبين في أن الإعلان عن إطلاق سراحه مجرد فقاعة أطلقها سجانوه بعد وفاته، وآخرون يعتقدون أنه حي، فيما يشك البعض في قدرته على قيادة الساحة السياسية الليبية. ثقل القبائل يقول طاهر داحش، أحد أعمدة نظام القذافي، والذي يرأس حالياً اللجنة الثورية الدولية «إن الشعب الليبي لن يترك له الخيار». ويتكون الفريق من مؤيدين للقذافي، ويعمل عناصره، البالغ عددهم 30 الف شخص، من أجل عودة النظام القديم، ويقول المتحدث ذاته «بيننا قدامى ظلوا أوفياء للقذافي ولجان ثورية وخلايا نائمة، وأمّا اغلبية عناصرنا فينتمون الى القبائل». ويتباهى داحش بأن عناصر في معسكره تنتمي الى قبائل الوارشفانة والوارفلة والتاهونة والأوفيا والتوارقا، ما يقارب 400 الف مؤيد سري للقذافي، ففي سبتمبر 2015 اختار المجلس الأعلى للقبائل الليبيية الذي يضم غالبية القبائل المؤيدة للقذافي، سيف الاسلام كممثل شرعي للبلاد، وإن لم يكن للمجلس ثقل مؤسساتي حقيقي، إلا أنه يملك على الأقل سلطة رمزية قوية لدى عدد كبير من السكان، خاصة في منطقتي فزان وطرابلس. ويبلغ عدد المؤيدين الخضر خارج ليبيا ما بين 15 و20 الف شخص، وهم مستعدون للعودة إذا ما صدر أي قرار لمصلحتهم، فيما تم تجنيد عدة آلاف من الرجال بهدف تشكيل جيش قادر على استلام السلطة بالوقت المناسب، وتقول كلوديا غازيني المحللة في مجموعة ليبيا انترناشيونال كريزيس غروب «هناك مراكز تدريب لأنصار القذافي في منطقة درنة، كما تدربوا ايضا في مصر والبعض منهم عاد إلى ليبيا، هؤلاء الجنود شاركوا على سبيل المثال في معركة سرت قبل ان يتوجهوا نحو الهلال النفطي». ويبدو أن وراء هذا اللوبي الذي يمتد إلى ما وراء الحدود الليبية، شبكات سياسية غير رسمية، كانت مقربة من القذافي ومؤيدون يمولون هذه النشاطات ووسائل الاعلام التي تروج لحملات اعادة التأهيل التي يقودونها. لكن ما يُشعر القذافيين بالفخر أيضا هو انفتاح جبهة جديدة لهم في غرب افريقيا، كالسنغال وتشاد وبينين، 16 دولة، يرغبون في استثمارها على أمل إحياء الشعوب التي تحن للقذافي، والتي استفادت لفترة طويلة من كرمه وعطاياه، ويقول المتحدث باسم اللجنة الثورية الدولية «إن الهدف هو أن نبين للقادة الغربيين، شرعية القذافي، هناك دوما صورة قوية، وهناك ايضا ارضية تصلح دوما لنا في افريقيا لنستنكر ممارسات محكمة الجنايات الدولية التي تلاحق سيف الاسلام حاليا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية». ويبدو ان عملية بناء نواة بدأت تبرز مع ظهور تجمعات «خضراء»، من المؤكد ان امكاناتهم ضعيفة وانهم عشرات فقط، لكن عددهم يتزايد وفق المنسق الإقليمي أوسكار زومينو، المقيم في بينين، الذي يضيف «لن استطيع ان اقول عددهم ولكن احتياطي الدعم كبير ونحن نتلقى يوميا طلبات للالتحاق بنا». ويقول مراقب موجود حاليا في ليبيا إن مؤيدي القذافي في افريقيا موجودون منذ فترة طويلة، وعملية تنشيطهم ليست صعبة، لكن استعادة النظام لا تتم فقط مع شبكات في افريقيا، في حين يقول دبلوماسي اخر يعرف ليبيا جيدا، ان هؤلاء صدقوا أحلامهم ويتعاملون معها وكأنها حقيقية، ويضيف «ليست لهم مصداقية، إنهم من الماضي». حنين وتمجيد يعد الحنين الى الماضي، الشيء الذي يراهن عليه القذافيون أمام الفشل المتتالي الذي منيت به السلطات منذ 2011 وسمحت بالفوضى التي تعيشها ليبيا باستعادة دعم عدد من الليبيين، ويقول جلال حرشاوي، المختص في الانعكاسات الدولية للأزمة الليبية «من دون ان نبالغ أو نقلل من شأنها، فإن حركة القذافيين من دون شك تبدو مهمة اليوم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عام أو عامين»، ويضيف «لقد تعب الليبيون من الحرب الاهلية وعلى الخصوص من رفض مشاركة نخبهم على تعددها في اي تسوية، ليبيا تشهد توترات وانقسامات عميقة، وفي هذا السياق فإن الشخصيات التي كانت معروفة قبل 2011 مثل سيف الإسلام، يمكن أن تلفت الانتباه، وأن الشخصيات الجديدة التي سيطرت على الساحة السياسية منذ 2011، غير قادرة على وضع نموذج حكم او حياة اقتصادية مقبولة». ويشاهد كثيرون بفخر فيديوهات المسيرات التي نظمت بعد الاعلان عن الإفراج عن سيف الاسلام، التي يظهر فيها رجال يحملون اعلاما خضراء اللون وينادون «القذافي، ندعم سيف الاسلام»، وذلك في بني الوليد وأوباري وغات، وهي مناطق محسوبة تقليديا على القذافي، حيث لم يتعرض انصاره للقمع. شرعية تقوم على الهوية سيف الاسلام مستعد للعب دور في الانتقال الديموقراطي وخلافة والده ولا يتصور ان يتوقف دوما عن ذلك، هذه المعلومة يدعمها تقرير برلماني أعده النائب البريطاني كريسبان بلانت الذي نشر العام الماضي، وأكد فيه أن سيف الاسلام يمكن أن يجري إصلاحات في ليبيا، ويقول عبد الباسط الذي لجأ إلى مصر وكان يشغل منصب المستشار الإعلامي لسيف الاسلام وأحد المتحدثين باسمه ورافقوه الى آخر اللحظات قبل اعتقاله «شرعية سيف الاسلام تقوم على هويته، ولكن ايضا على سنوات الفوضى السبع الأخيرة، لاتزال شعبيته كبيرة، والمجموعة الدولية تشترط اليوم انسحابه، وإن ارادت الأمة عودته لن يستطيعوا ان يفرضوا علينا العكس». ويقول مصطفى فتوري استاذ العلوم السياسية المقيم في طرابلس «من المؤكد أن كبار المسؤولين انتهوا ولا يمكنهم العودة إلى الواجهة قبل مضي عدة سنوات، ويضيف «وفي المقابل ان انتظم المؤيدون، يستطيعون فعل شيء، الداعمون داخل البلاد كثر ويكفي فقط تفعيلهم بمقترح سياسي، إن نظمت انتخابات مع شخصيات مثل سيف الإسلام، سيفوز بها القذافيون». ويقول المختصون إن انصار القذافي بمقدورهم تحقيق تقدم وانتصارات بفضل سيطرتهم على جنوبي البلاد الذي لا يخضع للسلطتين المتنافستين في طبرق وطرابلس من دون أن يبرزوا كقوة ثالثة. وفيما أكد المبعوث الاممي الى ليبيا غسان سلامة قبل بضعة ايام ان الحوار السياسي، يجب ان يكون مفتوحا للجميع بمن فيهم انصار القذافي السابقون، لكن لا نعرف ما اذا كان القذافيون قادرين على انتهاز هذه الفرصة. لوفيغارو

مشاركة :