تساؤل حول القدرات التسليحية والقتالية للمهاجمين في اعتداء الواحات بقلم: أحمد حافظ

  • 10/22/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تساؤل حول القدرات التسليحية والقتالية للمهاجمين في اعتداء الواحاتاشتبكت قوات أمنية مصرية مع إسلاميين متطرفين في منطقة الواحات البحرية (أقل من 200 كلم جنوب غرب القاهرة). وقال مراقبون إن العملية تمثل أحد أسوأ الاعتداءات منذ بدء الهجمات الإسلامية على قوات الأمن في العام 2013. العرب أحمد حافظ [نُشر في 2017/10/22، العدد: 10789، ص(3)]الإرهاب يسقط ضحايا جددا القاهرة - أمضت قوات الأمن المصري مدعومة بغطاء جوي من الجيش وقتا طويلا، مساء الجمعة وصباح السبت، في مطاردة مسلحين متشددين بصحراء الواحات (135 كيلومترا غرب القاهرة) إثر استهداف مجموعة من رجال الشرطة كانت في طريقها للقضاء على خلية إرهابية. واستهدف مسلحون قوة أمنية مصرية قامت بمطاردة خلية إرهابية مختبئة في منطقة صحراوية بين وادي حيتان بالفيوم ومنطقة الواحات بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة). وتشير مصادر أمنية إلى أن عدد الضحايا وصل إلى أكثر من 54 شرطيا منهم 18 ضابطا، رغم أن بيان الداخلية السبت قال إن العدد لم يتجاوز 16 وأن الهجوم أفضى إلى مقتل وإصابة 15 إرهابيا. وإن صحت الأرقام المعلنة، يعتبر الحادث ثاني أسوأ هجوم يستهدف الأمن في مصر منذ سقوط 106 رجال شرطة في أحداث أسيوط الإرهابية التي وقعت في أكتوبر عام 1981. وقال مصدر أمني، لـ”العرب”، إن “الإرهابيين كانوا مدججين بأسلحة حديثة وصواريخ مضادة للطائرات وقذائف هاون وآر بي جي وقاموا بزرع قنابل وألغام في الطريق المؤدي إلى المنطقة الجبلية التي يستقرون فيها بصحراء الواحات”. وأكد نفس المصدر أنه سقط من المتشددين في هذه المعركة عدد كبير وتمكنت الشرطة من إلقاء القبض على آخرين أحياء. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن أجهزة الأمن قامت برصد تحركات هؤلاء قبل أيام بعدما ألقت القبض على 4 منهم في القليوبية (شمال القاهرة). وأوضح أن الأفراد الذين تم اعتقالهم أبلغوا عن المجموعة كلها وأماكن تواجدها وأكدوا أنهم دخلوا المنطقة متسللين من الأراضي الليبية. وأشار المصدر إلى أن قوات الأمن فوجئت بإطلاق وابل من قذائف الهاون والـ”آر بي جي” من أعلى أحد التلال الصحراوية على مدرعات الأمن أثناء محاولتها اختراق معسكر المتشددين.منطقة تمركز الإرهابيين تعتبر معسكر تدريب وتبادل وانتقال عناصر وأسلحة ثقيلة تأتي من الجماعات الليبية لتكون نواة لهجمات تثير البلبلة وعكست طريقة مواجهة أفراد المجموعة المسلحة درجة تمرسهم بالقتال وتدريبهم على مثل هذه العمليات وحجم التسليح الذي كان بحوزتهم ودرايتهم الكاملة بالمنطقة ومخابئها. وتتمثل العملية في صد الهجوم الأمني من قبل المتشددين، ما يوحي بأنهم استعدوا مسبقا للمعركة منذ علمهم بإلقاء القبض على 4 منهم قبل أيام. وصاحب الحادثة غموض بشأن هوية العناصر المسلحة. وفيما قال البعض من المراقبين إن حركة “حسم” التي تنتمي لجماعة الإخوان مسؤولة عن الهجوم، رجح آخرون فرضية أن تكون تنظيمات تابعة فكريا لتنظيم داعش وراء الاعتداء. وتشير نوعية الاشتباكات وقوة العملية وثقل الأسلحة المستخدمة إلى أن المهاجمين لا صلة لهم بـ”حسم”، إذ كشفت طبيعة العمليات التي تبنتها خلال الأعوام الماضية عن قدرة تخطيطية ضعيفة وفقر في التمويل والسلاح وفي المقابل تدير تنظيمات أخرى مثل داعش عمليات ذات طبيعة فوضوية وعنيفة. وتكشف طبيعة المنطقة التي دارت فيها المعركة الدامية هوية المسلحين، وهي منطقة تقع بين محافظتي القاهرة والفيوم وعلى طريق يؤدي إلى الواحات البحرية الواقعة في وسط صحراء مصر الغربية والمربوطة بطرق وعرة في صحراء ليبيا تفضي إلى منطقة الجفرة ودرنة في ليبيا. وتفيد المعلومات التي حصلت عليها “العرب” بأن منطقة تمركز الإرهابيين تعتبر معسكر تدريب وتبادل وانتقال عناصر وأسلحة ثقيلة تأتي من الجماعات الليبية لتكون نواة لهجمات تثير البلبلة في القاهرة ومناطق أخرى حولها. وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها المنطقة الغربية اشتباكات قوية، إذ نفذت خلال عامي 2014 و2015 عدة هجمات مسلحة على كمائن أمنية بمنطقة الفرفرة (جنوب غرب القاهرة) أسفرت عن مقتل أكثر من 28 شخصا. ومثلت منطقة الوادي الجديد (غرب مصر) مركزا لعمليات إرهابية في الصعيد، أشهرها هجوم على حافلة في المنيا أقلت أقباطا خلال زيارتهم لأحد الأديرة المسيحية. وتهدف عمليات تنظيم داعش إلى محاولة خلق فراغ أمني من خلال هجمات نوعية كبيرة ضد تمركزات أمنية، بجانب السعي لترسيخ الاستقطاب وإشاعة حالة من الاحتقان الطائفي عبر استهداف الأقباط. وتبنى البعض فرضية انتماء خلية الواحات إلى تنظيم “المرابطون” الذي يقوده هشام العشماوي الضابط المفصول من قوات الصاعقة المصرية. واستند مراقبون في بناء هذه الفرضية إلى ما تتميز به تلك المجموعة من قدرات قتالية فائقة ظهرت مهاراتها من حصيلة أرقام ضحايا الشرطة المرتفعة. وأشارت مصادر أخرى إلى انتماء الجهة المهاجمة لجماعة تطلق على نفسها تنظيم “جنود الخلافة”، وهو تنظيم منفصل عن “ولاية سيناء” لكنه ينتمي لداعش أيديولوجيا ويعمل بالتنسيق معها. وأعلن “جنود الخلافة” في وقت سابق عن مسؤوليته عن استهداف كاتدرائية في القاهرة ومن بعدها هجوم على كنيستين في كل من طنطا والإسكندرية (شمال مصر). وقال محمد صادق الخبير في مكافحة الإرهاب إن عمليات داعش الأخيرة في سيناء تنطوي على جملة من الدلالات، أهمها الجهاز المالي الضخم الذي يدير به التنظيم عملياته، منبها إلى تلقيه دعما ماديا كبيرا مؤخرا. وأضاف، لـ “العرب”، أن إمكانيات التنظيم وضحت في ردود أفعاله التي تؤكد امتلاكه قدرة للتحرك على جبهات مختلفة وصلات مع فصائل مسلحة أخرى، ومستويات عالية لمقاتليه في الاشتباك والمناورة والكر والفر. وحسب معلومات وردت للأمن الوطني بوزارة الداخلية، كان الإرهابيون في طريقهم لتنفيذ هجمات دموية ضد مقار أمنية وكنائس، بعد اقترابهم من القاهرة والجيزة عبر صحراء الفيوم المتاخمة لمدن وأحياء القاهرة الكبرى. وقال ضابط بوزارة الداخلية، لـ“العرب”، إن الخسائر في صفوف رجال الشرطة كبيرة لأن الهجوم تم بواسطة 14 سيارة دفع رباعي بأسلحة ثقيلة. اختيار الإرهابيين منطقة الحادث يرجع إلى أنها تقع في محيط صحراوي بالقرب من الطريق الغربي الواصل بين القاهرة ومحافظات الصعيد، وهي منطقة لا توجد بها نقاط عسكرية وقال إنه يُخشَى “أن تكون هذه العناصر هربت بعد الحادث مباشرة إلى صحراء الطريق الغربي”، الذي يمر من محافظات الفيوم والمنيا وبني سويف ومنه إلى أسيوط ثم عبور الحدود الليبية. وتابع “لكن قوات الأمن دفعت بتعزيزات أمنية لغلق كل المناطق الحدودية مع ليبيا”. وأضاف الضابط أن اختيار الإرهابيين منطقة الحادث يرجع إلى أنها تقع في محيط صحراوي بالقرب من الطريق الغربي الواصل بين القاهرة ومحافظات الصعيد، وهي منطقة لا توجد بها نقاط عسكرية. وما ساعد على تقديم الدعم العسكري أن مجموعة من الضباط والمجندين نجحوا في الهرب عبر إحدى المدرعات، وتواصلوا مع الأجهزة الأمنية عبر الإشارة، ووصلت التعزيزات الأمنية بعد وقوع الحادث بوقت قليل. وقال اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية السابق إن عدم توفير غطاء جوي للعناصر الأمنية كان بهدف توفير السرية الشديدة لتكون الضربة موجهة بشكل فجائي للعناصر الإرهابية. وأضاف “لكن تعودهم على البيئة الصحراوية ومخابئها سهل لهم مهمة استهداف رجال الأمن ”، لافتا إلى أن طريقة التصدي تدل على أن خلفهم أطراف كبيرة قامت بتدريبهم بهذا الشكل. وأوضح، لـ“العرب”، أن ما حدث استباق أمني لكارثة كانت على وشك الوقوع بخسائر فادحة، وهو توجه جديد للأمن المصري للقضاء على المخططات الإرهابية في مهدها.

مشاركة :