كتب- مصطفى عبد المنعم: شهدت الحركة الثقافية القطرية، حراكاً فنياً وثقافياً غير مسبوق منذ بداية أزمة الحصار في الخامس من يونيو الماضي وحتى الآن، ولم يحدث أن احتضنت قطر هذا الكم من الفعاليات الثقافية والفنية ربما منذ العام 2010، وهو العام الثقافي الاستثنائي الذي كانت فيه الدوحة عاصمة للثقافة العربية. وفي تقرير شامل للفعاليات الثقافية التي احتضنتها أو نظمتها دولة قطر منذ 5 يونيو الماضي، تكشف الراية عدم تأثر المشهد الثقافي القطري بأزمة الحصار، بل على العكس يبرز التقرير حالة من الثراء والحراك الفني التي شهدتها الساحة الثقافية القطرية، بسبب غزارة إنتاج المبدعين القطريين الذين تفاعلوا مع الأحداث وبادروا بتسجيل مواقفهم الفنية معها، فنجم عن ذلك ما يمكن أن نصطلح على تسميته "إبداع الحصار". ويكشف إبداع الحصار عن عدد ضخم من الفعاليات الثقافية المتنوعة في مختلف مجالات الثقافة والفنون والتراث، والتي يزيد عددها على 620 فعالية، أقيمت منذ تاريخ الخامس من يونيو 2017 حتى الآن، ما يعني أن متوسط عدد الفعاليات الثقافية والفنية التي تشهدها الدوحة في اليوم الواحد لا يقل عن 5 فعاليات، وهو ما يؤكد إصرار المشهد الثقافي القطري على المضي قدما نحو الأمام وصفع الحصار. 59 معرضاً فنياً شهدت الدوحة افتتاح 59 معرضاً لفنانين محليين، وتنظيم 26 فعالية دولية لفنانين عالميين في الدوحة وخارجها، كما تم تنظيم 17 محاضرة تثقيفية ودينية، فضلاً عن تقديم 35 ورشة عمل في مجالات فنية مختلفة، و20 ندوة وأمسية، و13 مسابقة ثقافية وفنية. أما العروض المسرحية والأوبريت فقد تم تقديم ما يقرب من 15حفلاً، و17 عرضاً موسيقياً، كما تم إنتاج ما يزيد على 14 عملاً درامياً من المسلسلات والأفلام القصيرة، بجهود فردية لفنانين قطريين أو مقيمين، وتتعلق غالبيتها بالأزمة، واحتضنت الدوحة عدد 11 مهرجاناً، و11 برنامجاً فنياً وتثقيفياً أطلقتها مؤسسات ثقافية في الدولة، كما تم إصدار ما يقرب من 15 عملاً أدبياً سواء مؤلفات أو ترجمات. كما شهدت الدوحة العديد من المهرجانات الثقافية والفنية الكبرى من أهمها مهرجان كتارا الرمضاني، الذي بلغ عدد فعالياته حوالي 368 فعالية، ومهرجان عيد الفطر المبارك، ومهرجان الأنشطة الصيفية الذي قدمته وزارة الثقافة والرياضة ومهرجان التنوع الثقافي، ومهرجان الجاز الأوروبي، ومهرجان كتارا الأول للتصوير الضوئي، وغيرها العديد من المهرجانات. فعاليات لا تتوقف كما نظّمت جهات عدة في الدولة العديد من الفعاليات المتنوعة، ففي مركز سوق واقف للفنون أقيمت احتفالية خاصة بمناسبة "ليلة القرنقعوه" كما قدم عدد من الورش التدريبية ضمن برنامج صيف وفن، وفي ذات الإطار شهد جاليري المرخية انطلاق المعرض التشكيلي المشترك "خمسين بخمسين"، وذلك بمقر الجاليري في كتارا، بمشاركة 18 فناناً من قطر، وأطلقت "مكتبة" فعاليات خيمة رمضان الفنية والتي تحتفي بالشهر الفضيل بتدريب الأطفال على ممارسة المهارات الحركية، كما نظمت الجمعية القطرية للفنون التشكيلية فعاليات معرض "الفن التشكيلي القطري"، وكان لمتحف الشيخ فيصل بن قاسم حضور مميز في الأعياد حيث نظم برنامجاً ثقافياً وترفيهياً مميزاً، وأيضاً كان للسينما نصيب حيث تم عرض مجموعة من الأفلام الوثائقية المصاحبة للمعارض مثل معرض نسيج الإمبراطوريات وكذلك عرض أفلام في متحف الفن تصاحبها عروض موسيقية حية، فضلا عن أحدث الأفلام العالمية بدور السينما المحلية. متاحف قطر متاحف قطر كانت حاضرة بقوة خلال الأشهر الماضية، حيث قدمت مجموعة من البرامج المتنوعة من بينها مسابقة ومعرض فني للطلاب، خلال الفترة من 8 يونيو حتى 10 يوليو ، بمتحف (المتحف العربي للفن الحديث)، وتواصلت فعاليات البازار الشعبي لمتحف الفن الإسلامي، والذي كان يقام يوم السبت من كل أسبوع متضمناً العديد من الأنشطة، وتم تنظيم معرض فن الخط المعاصر: مقتنيات محمد تشيبي، كما عرضت في "متحف" أكبر مجموعة دائمة للفن العربي الحديث والمعاصر وأكثرها تنوعًا على مستوى العالم بمجموع ما يزيد على 9 آلاف عمل فني، يمتد تاريخها من القرن التاسع عشر حتى وقتنا الحالي، تحت عنوان مجموعة متحف، فهرس، جزء 2، وتم تنظيم معرض حمل عنوان تزلج فتيات كابول خلال الفترة من ٢٠ يوليو المقبل حتى ٢١ أكتوبر في مبنى جاليري متاحف قطر، واختتمت الدورة السابقة من برنامج الإقامة الفنية في مطافي الفنانين والتي استمرت على مدار 9 أشهر بمعرض يحمل عنوان (أساليب إبداعية متجددة)، ونظم متحف الفن الإسلامي في أغسطس الماضي معرض (البارود والجوهر: أسلحة إسلامية من مقتنيات فاضل المنصوري). وزارة الثقافة وأطلقت وزارة الثقافة والرياضة عدداً كبيراً من الفعاليات والأنشطة في مختلف أنحاء الدولة بمسرح قطر الوطني وكورنيش الدوحة، وعدد من المجمعات التجارية والمراكز الشبابية ومن بينها مهرجان الصيف الذي تضمن مسرحيات ومعارض فنون تشكيلية ومسابقات مثل مسابقة علي بن حسن لحفظ القرآن والتي تم تنظيمها في مركز فتيات الذخيرة، كما دشن مركز الدانة للفتيات فعاليات النشاط الصيفي (قطر في عيونهن) لصقل المواهب والقدرات الإبداعية للفتيات، كما نظم مركز شباب سميسمة، أمسية شعرية بعنوان "في حب قطر"، حضرها نخبة من الشعراء، كما نظم مركز الوجدان الحضاري جلسة مع الكتاب والفنانين، ونظم ملتقى فتيات العزيزية أمسية شعرية بعنوان "مطوعين الصعايب" شاركت فيها نخبة من شاعرات قطر، كما نظم مركز قطر للشعر (ديوان العرب) أمسية شعرية تحت عنوان للشعر كلمة، وقدمت الوزارة أيضا الجزء الثاني من مبادرة تجربتي. إبداع الحصار وكأنما جاءت الأزمة لتكون بمثابة مصدر إلهام قوي للعديد من المبدعين الذين أثروا الساحة الفنية بأعمال إبداعية مميزة في مختلف قطاعات المشهد الثقافي ليقدم الفنان غانم السليطي بصحبة مجموعة من الفنانين الكبار والشباب سلسلة حلقات مسلسل "شللي يصير" والتي كان لها أصداء واسعة على مستوى العالم العربي، وقدم أيضا الفنان عبد العزيز جاسم سلسلة حملت عنوان "ديرة العز" وأيضا الفنان سعد بورشيد الذي قدم سلسلة "والله عيب"، فيما أنتج الفنان سالم المنصوري مجموعة من الرسائل الفنية المتميزة والتي حملت عنوان "رسائل"، وأيضا قدم الفنان فالح فايز والفنان سعد بخيت مجموعة حلقات حملت عنوان "سوالف بو بخيت"، فضلا عن إنتاج العديد من الأغاني المصورة والقصائد لعشرات الفنانين. إصدارات قطرية قدمت وزارة الثقافة العديد من الإصدارات القطرية القيمة والتي تمت ترجمتها أيضاً إلى عدة لغات مثل الإنجليزية والتركية والألمانية ووزعت في معارض دولية شاركت بها الوزارة، وكذلك دار نشر جامعة حمد بن خليفة كان لها إسهامات في حركة النشر للأطفال والكبار، ومركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية، وقدم الكاتب هاشم السيد نسخته الفرنسية من رواية "فسيلة" وحققت نجاحاً كبيراً، ومزج الكاتب عيسى عبد الله في روايته الجديدة شوك الكوادي الواقع بالخيال، وأصدر الكاتب خالد عبد الله الزيارة أول كتاب يتعرّض لمسألة الحصار الجائر الذي تتعرّض له دولة قطر، وحمل الإصدار الجديد عنوان «حصار قطر» توجّعات من الزمن الآني، كما أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مؤخراً ترجمة لكتاب "العنف.. تأملات في وجوه الستة"، كما دشنت دار روزا إصدارها الأول بعنوان: "تداول المعلومات بين التبين والتثبت في القرآن الكريم" للباحث علي سالم البادي. أعمال مسرحية كما تم تقديم عدد من المسرحيات منها ما تم عرضه على هامش مهرجان العيد في كتارا مثل عرض "قصص من التراث"، ومنها ما قدمته الفرق المسرحية مثل "صندوق مناير" لفرقة الوطن، وهناك أيضا أعمال للقطاع الخاص مثل سعدون والتنين وهي الأعمال التي تم عرضها مجاناً كهدية من مركز شؤون المسرح للجمهور في العيد، وفي فعاليات الصيف تم عرض مسرحيات "الذيب وليلى" ومسرحية الغريبة، ومسرحية مملكة أم الأفاعي وأيضاً قدم القطاع الخاص مسرحية علي بابا والأربعين حرامي باللغة الإنجليزية على مسرح قطر، وجزيرة الكنز، وتم أيضا عرض المسرحية الاجتماعية خشيشة، كما كان للمسرح الوافد حضور حيث شهد الجمهور في الدوحة عروضاً مسرحية من دول صديقة مثل سلطنة عمان "النوخذة، حارة البخت" والسودان "تالتن ومخالتن" والهند "اوبريت فني" ومؤخراً تم تقديم مسرحية "الحصار" التي حظيت بنسبة إقبال ومشاهدة كبيرة جداً مما دعا شركة الإنتاج "مشيرب" لمد عرض المسرحية بسبب نجاحها لدى الجمهور، وتم تقديم مسرحية الحرب الصامتة على هامش حفل توزيع جوائز كتارا للرواية العربية، كما يستعد الفنان الكبير عبد العزيز جاسم لتقديم مسرحية ديرة العز في آخر أكتوبر الجاري.
مشاركة :