ضرورة التمسك بالإجماع الوطني - علي حسن الشاطر

  • 9/2/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

بات من الصعب على أي متابع مهتم بالشأن اليمني أن يتنبأ بما ستؤول إليه الأوضاع في هذا البلد الذي يعتبر إحدى ضحايا ما سمي بثورات "الربيع العربي" وذلك نتيجة تسارع الأحداث وتطوراتها المأساوية والتي بلغت مستوىً مرعباً ليس للمواطن فقط، وإنما للدولة ولكافة الأحزاب والقوى السياسية في الساحة اليمنية التي تساهلت في القيام بواجباتها الوطنية في إنقاذ البلاد من التدهور والانزلاق نحو الهاوية، واكتفت بما حصلت عليه من نصيب في الكعكة التي مثّلت جل همها واهتماماتها، ما جعلها لا تستشعر الخطر ولا تتوقع ما وصلت إليه البلاد من تدهور، ربما لأن حاسة الاستشعار لديها أصيبت بالخمول، أو أنها تريد أن تصل الأوضاع في البلاد إلى ما آلت إليه اليوم لأهداف وأجندات خاصة بها، فعاصمة البلاد (صنعاء) مشطّرة بين أطراف الصراع، بالإضافة إلى محاصرة مداخلها بمخيمات الاعتصامات المدججة بالأسلحة والمكتظة بالمسلحين المتعطشين للحرب، بينما القتال العبثي على أشده في محافظة الجوف وينتج عنه كل يوم سقوط العشرات من الضحايا، ولعبة الكر والفر بين عناصر تنظيم القاعدة وبين قوات الجيش والأمن مستمرة في حضرموت والبيضاء وابين وشبوة، وعشرات الضحايا من الأبرياء يلقون حتفهم سواء أكانوا من العسكريين والأمنيين أم من المواطنين الأبرياء جراء تصاعد أعمال الإرهاب والاغتيالات والذبح، بينما محافظات بأكملها خارجة عن سيطرة الدولة، والتوتر يخيم على الأجواء العامة في البلاد، وبلغ الأمر إلى أن العديد من سكان العاصمة أخلوا أسرهم إلى خارج صنعاء التي أصبح التوتر الشديد يخيّم عليها، وذلك خوفاً من القادم المجهول، وكل طرف من أطراف الصراع يقوم بالتحريض والتحريض المضاد وكل يهدف إلى تحقيق المزيد من المكاسب الذاتية بعيداً عن مصالح الشعب الذي كان يتطلع إلى مستقبل أفضل وتغيير حقيقي، لا أن تصل به الحال إلى العيش في قلق وخوف ورعب لم يسبق له مثيل. إن الوضع المتأزم الذي وصلت إليه اليمن لا يمكن أن تكون الأحزاب والتنظيمات وكل القوى السياسية في الساحة اليمنية بريئة مما يحدث وغير ضالعة في التصعيد المستمر، فستظل مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إيصال البلاد إلى هذا المأزق الخطير الذي يهدد بالانهيار والانزلاق نحو الهاوية، والقضاء على ما تبقى من الآمال والتطلعات في أن يحافظ اليمنيون بمختلف فئاتهم على وطن يأويهم ويضمهم في أحضانه، ويلم شملهم من الشتات والضياع ويضمن لهم نوعاً من الأمن والأمان والكرامة الإنسانية. اليمنيون اليوم بحاجة ماسة إلى أن يتمسكوا بالإجماع الوطني الذي تجلى في اتفاق وتوافق كل أطراف العمل السياسي المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي يعتبر أهم محطات تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وعدم السماح لأي طرف يحاول التنصل من الالتزام بمخرجات الحوار الوطني التي تعتبر بمثابة برنامج عمل وطني، أو افتعال الأزمات والعودة بالبلاد إلى المربع الأول للازمة، أو اللجوء إلى العنف وإذكاء نار الفتن وإشعال الحروب والصراعات التي أنهكت اليمن واليمنيين، والابتعاد عن استغلال معاناة الناس وتوظيفها لمصالح وأهداف سياسية، سواء من خلال رفع شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب أو فرض شروط تعجيزية والتعنت في المواقف، والإدراك بأن الوضع بما يحمله من نذر خطيرة لم يعد يحتمل المزيد من المشاحنات والمكايدات، ومحاولات تصيد الأخطاء والهفوات وخلق حالة من الفوضى العارمة في البلاد، وإشاعة أجواء الرعب والخوف في نفوس اليمنيين سواء أكانوا في العاصمة أم خارجها، ودق طبول الحرب التي ستكون نهايتها إغراق السفينة بكل من فيها.

مشاركة :