من زار لندن صيف هذا العام فهو في الحقيقة لم يغادر المملكة من الناحية الاجتماعية. صحيح أن الأجواء والأمور المحيطة به من أنشطة وأسلوب في الحياة يختلف ولكن في نهاية الأمر من كان في لندن هذا الصيف من نساء أو رجال فهم في الواقع قاموا بنقل اجتماعات النساء العائلية وداريات الرجال الليلية من المملكة إلى لندن. وبالطبع إضافة لغيرها من المدن التي تكثر فيها أعداد السياح من المملكة. فقد رأينا كشتات الهايد بارك والتسوق في شارع أكسفورد وكل مواطن سعودي يمشي وهو يقول وعليكم السلام أو هلا والله أو متى وصلت من المملكة. وبمعنى آخر الكل متواجد في لندن والكل رأى كل معارفه وكل أقاربه. وبالطبع الكل يعرف مدى غلاء المعيشة في لندن. فالجنيه الاسترليني هو في الحقيقة ريال سعودي واحد رغم أنه ماديا يساوي حوالي سبعة ريالات. واصبح المواطن السعودي يشتري كيلو واحد من الطماطم بخمسين ريالا ولكنه في المملكة يقوم بجهد جهيد لكي يقوم بإقناع البائع المسكين الجالس تحت أشعة الشمس لكي يقوم بتخفيض قيمة صندوق طماطم يزن خمسة كيلو غرامات من عشرين ريالا إلى خمسة عشر ريالا. وفي لندن لا ترى فقط من هم أصحاب الشأن أو الطبقة الغنية، بل إنك ترى جميع شرائح المجتمع. ولا ترى مواطنين من منطقة محددة، بل ترى سياحا من جميع مناطق ومدن وقرى المملكة. ويبلغ عدد السياح السعوديين مئات الآلاف ممن يقصدون لندن وغيرها من المدن العالمية الرئيسة كدبي وإسطنبول وباريس وفيينا ولوس أنجليس وينفقون مبالغ تصل إلى عشرات من بلايين الريالات. بل ان السائح السعودي يعتبر الأكثر بذخا وصرفا أثناء السفر. ولكن ما يقوم به السائح السعودي أو أين يذهب أو كمية المبالغ التي يقوم بصرفها أثناء السفر ليس بيت القصيد، فبيت القصيد هو أين موقع تغريدة (الراتب ما يكفي) من الإعراب؟ و هل هناك عدم تناسق في الدخل أو اتساع في فجوة الدخل بين أفراد المجتمع؟ بالطبع الكل يعلم أن هناك أناسا راتبهم لا يكفي وهناك أسر لا تجد ما يكفيها ولكن من الواضح أن شريحة كبيرة جدا في المملكة يوجد لديها ما يزيد وتسافر وتنفق حتى لو كان باستخدام البطاقة الإئتمانية والدفع لاحقا. ورغم ثقل تسديد الدين ولكن الكل مسافر. ولذلك أصبح شيء محير للكثير من المحللين الاقتصاديين المحليين أو الأجانب لمعرفة الوضع الحقيقي لمعدل الصرف لكل أسرة أو أسلوب الصرف أو ما هو الشيء الأهم وهو هل بالفعل أن راتب السعودي لا يكفي. فحسب ما يعلمه الجميع وحسب ما يذكره كل مواطن سعودي وهو أن لدينا أساليب تبذير في كل شيء. فنحن الدولة الأولى في العالم من ناحية كمية استهلاك الطاقة وأكثر من يقوم باستنزاف موارد المياه التي تكلف الدولة بلايين الريالات ولدينا هدر في أسلوب الأكل والملبس، وبهذه المناسبة فقد اصبحنا الآن أكثر شعب يستهلك القهوة في العالم والأكثر في عدم الاهتمام بالبيئة رغم علمنا بتكلفة تنظيفها. وأخيرا صحيح أن هناك أسرا راتبها لا يكفي ولكن في نهاية المطاف نحن مجتمع لا يعرف أساليب استخدام الراتب. فترى أحدنا يغرد من لندن بأن الراتب ما يكفي وهو يتسوق من هارودز.
مشاركة :