القاهرة – محمد الشاعر| الحوادث الإرهابية في مصر التي تحصد عشرات الأبرياء اضافة الى رجال الشرطة والجيش والتي كان آخرها حادث الواحات، تفتح الباب للتساؤلات عن كيفية مواجهة الإرهاب والتطرف، وهل الدولة المصرية بحاجة إلى ظهير ومساندة شعبية في معركتها ضد الإرهاب؟ أم إن الجهود الحالية وحدها كفيلة، على مدى زمني، طال أو قصر، للقضاء على آفة الإرهاب البغيضة، التي قد تتسبب في استنزاف جهود الدولة في البناء والتنمية؟. تراجع التأييد الشعبي الباحث في حركات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة، الدكتور ناجح إبراهيم قال لـ القبس: «نعم.. الدولة بحاجة ملحة إلى مساندة شعبية، وظهير شعبي لتأييد خطواتها في وسائل وطرق مواجهة الإرهاب والتطرف، إلا أن هذا الظهير بات يقل تدرجياً وبشكل مطرد مع الموجات المتتالية من غلاء الأسعار والأزمات الاقتصادية والبطالة، وكذلك لا بد من تحييد بعض فصائل الإسلام السياسي لأنه ليس من المعقول أن أطالب بمساندة هذه الفصائل وغالبيتها في السجون، فمن المفترض أن أحيد جزءاً من جماعة الإخوان المسلمين، وأجعل المواجهات قاصرة فقط مع حركة حسم التي تتبنى عمليات إرهابية، وهكذا. وكذلك تجب معالجة البطالة، والاهتمام بمنظومة العدل الاجتماعي، والعدل السياسي.. فكل هذه نقاط مهمة في مواجهة الإرهاب». وأضاف ناجح إبراهيم، الباحث الذي كان أحد أهم منظري الجماعات الإسلامية في وقت سابق: «معالجة الإرهاب ليست بالقوة فقط، وهذا ما تفعله الحكومة، مع تغافل عوامل أساسية أهمها توافر فكر إسلامي وسطي، لكن الواقع يؤكد غير ذلك، فليس هناك تبنٍ للفكر الإسلامي الوسطي الآن سواء في المساجد أو في الإعلام. وكل هذا يحتاج معالجة أخرى غير الطرق التي تنتهجها الدولة في مواجهة الإرهاب، وهي منظومة شاملة، منها ضرورة الإفراج عن آلاف المسجونين الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء، وهذه الآلاف وضعها في السجون يمثل خطأ كبيراً، كما يجب إحياء فكرة المبادرة التي انتهجتها الجماعة الإسلامية لإيقاف العنف، وضرورة النظر في الأفكار الإستراتيجية الكبرى واستلهام تجارب الدول السابقة لنا في مواجهة الإرهاب والتطرف مثل استلهام التجربة المغربية، والتجربة الجزائرية، والتجربة الأردنية في كيفية مواجهة الإرهاب والتطرف، وكل هذه التجارب جرى استلهامها من فكرة المبادرة الخاصة بالجماعة الإسلامية». عكاشة: منظومة متكاملة قال عضو المجلس القومي لمكافحة التطرف والإرهاب، والخبير الأمني العميد خالد عكاشة لـ القبس: «أي دولة تعاني خطر الإرهاب على أراضيها تحتاج ظهيراً شعبياً.. فالدولة أجهزة وشعب، ونظام الحكم بمفرده لا يستطيع العمل في مجال مكافحة الإرهاب بمعزل عن الشعب». وقال عكاشة: «الشعب المصري ملتحم بقيادته، والحديث عن أزمات اقتصادية، وغلاء أسعار وبطالة، هي مشكلات لها مكان آخر، فمكانها الاقتصاد.. وليس لها أي تأثير في إطار مواجهة الإرهاب، والشعب يساند جهود الدولة في مكافحة الإرهاب منذ اللحظة الأولى». الظهير الشعبي أساسي بينما قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالله السناوي لـ القبس: «أعتقد أنه لا يمكن كسب الحرب على الإرهاب من دون تضافر كل مقومات الدولة.. فالحرب على الإرهاب تواجه بكل مقدرات الدولة والمجتمع، وبالتالي فإن فكرة الظهير الشعبي هي مسألة أساسية، وجوهرية حيث تؤدي إلى تخفيض قدرة الإرهاب على التمركز في البيئات والمناطق الشعبية، وعندما تفقد الدولة الظهير الشعبي نكون أمام مشكلة كبيرة جدا». وأضاف السناوي: «في حادث الواحات الأخير ظهرت مساندة وتعاطف كبيران من المجتمع مع ضحايا الشرطة، لكنه مؤقت، فالمجتمع وقت الأزمة متماسك، لكنه تماسك مؤقت لا يعبر عن تماسك حقيقي بين الشرطة والمواطنين، لذا يجب العمل على تحسين العلاقة بين الشرطة والشعب، وأعتقد أن ضابط الشرطة الذي يعذب مواطن في أي مخفر من مخافر الشرطة، أو ينتهك كرامته في الشارع هو يخون زميله الذي يسقط في مواجهة الإرهاب». دولة القانون وأضاف السناوي: «لا بد من إصلاح الجهاز الأمني تدريباً وتسليحاً بأسلحة متقدمة، وفي الوقت نفسه رفع كفاءته في جلب المعلومات، وتحسين علاقته بالشعب وفق القواعد الدستورية، ووفق شعار الشرطة في خدمة الشعب، وفتح المجال العام، والإعلامي بالذات لتداول المعلومات الصحيحة، لأن غياب المعلومات أمام الرأي العام يؤدي إلى الانصراف عن القنوات المحلية إلى أي قنوات أخرى ووسائط التواصل الاجتماعي». وتابع: «نحن بحاجة إلى دولة قانون، ولعلي أضرب هنا مثلاً عندما جرت المطالبة بإيقاف مذيع أذاع تسجيلاً مفبركاً، ودعا إلى اقتحام السجون وقتل الإخوان المسلمين.. فهناك فارق أن يكون لك موقف سلبي تجاه جماعة الإخوان، وفارق أن تدعو إلى قتل المساجين الذين هم في حوزة الدولة، فلا أحد يقبل هذا الكلام». وأضاف: «كما لا تصورات عن كيفية مواجهة التنظيمات الإرهابية، فالأمن له دوره، لكنه ليس الدور الأساسي أو الجوهري في الحرب على الإرهاب».
مشاركة :