عندما فتح الخادم الباب فإذا هي بفتاة حسناء جاذبة للأنظار بحسنها تطلب من الخادم أن تقابل الرجل الثري، فأذن لها الرجل ودخلت القصر وسمح لها بالجلوس والتحدث، فإذا بها قلقة جداً على أبيها المريض الذي اصابته الحمى الشديدة ولا يستطيع الحضور لمزاولة عمله في القصر. وأثناء ما كانت تروي ما جرى لأبيها وكيف أصابته الحمى فجأة، كان الرجل الثري مشدودًا اليها بشكل غريب ويحدق بجمالها غير مكترث لما تقوله، وشعر بأن تلك الفتاة الشابة الجميلة هي من سيجلب له السعادة التي يتمناها، وانه حان الوقت ليفكر بالزواج والاولاد بعد عناء السنين التي قضاها بعيداً عن بلده وأهله، فما عاد صغيراً كما كان يظن.وفجأة سكتت الفتاة وقالت: هل سمعتني يا سيدي...؟! أراك شارد الذهـن مشغولًا...! فقال لها: نعم، نعم، لا عليك ان شاء الله سوف يكون كل شيء على ما يرام، وسوف احضر غداً لزيارة والدك في البيت ان شاء الله. فقالت له الفتاة بفرح وسرور كبيرين: شكراً لك يا سيدي، لن ننسى لك هذا المعروف وسنكون انا ووالدي بانتظارك غدًا، استودعك الله.وفي اليوم التالي زار الرجل الثري والد الفتاة الجميلة وطلب منه الزواج من ابنته الحسناء، وافق الوالد على طلبه: وبارك لهما الزواج ودعا لهما بالتوفيق في حياتهما المقبلة. تزوج الرجل الثري من الفتاة الحسناء، وتمر السنون تلو السنين ويرزقه الله من الاولاد والبنات الكثير، وكان سعيدًا بهم ومشغولاً بتربيتهم متمتعاً بكل ما رزقه الله من خيرِ وفير، ولم يشعر بمرور الايام والسنين السريع إلا عندما كبر ابناؤه واصبحوا مشغولين بحياتهم ولكل منهم اهتماماته الخاصة، وفقدت زوجته جزءاً من شبابها ورسم الزمان خطوطه على وجهها الجميل، فشعر أنه بدأ يفقد مصدر سعادته، وكل ما لديه من أموال وقصور لا يشعرانه بالسعادة. وتسرب الى قلبه شعور بعدم الرضا والكآبة، وان هناك شيئًا آخر سوف يجلب له السعادة الابدية التي لا تزول مع مرور الايام وتعاقب السنين، واثناء ما كانت تدور تلك الافكار في رأسه وهو يمشي على ضفاف النهر وحيداً شارد الذهن فإذا به يسمع صوت ضحكات عالية آتية من بعيد، فجذبه ذلك الصوت وأخذه الفضول لمعرفة ماذا يدور هناك، فأسرع في مشيه منجذبًا باتجاه الصوت، فإذا بامرأة فقيرة جالسة على ضفاف النهر مع اطفالها الاربعة يتناولون وجبة العشاء. فاقترب منهم مندهشًا متسائلاً يا ترى ماذا يضحكهم ما هو الشيء الذي جعل منهم سعداء الى هذه الدرجة حتى انهم يقهقهون من الضحك، ثيابهم رثة ويبدو عليهم الفقر والحاجة.!!
مشاركة :