ما قبل ديغول - أيمن الحماد

  • 9/3/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من أن الذاكرة السياسية لعلاقات المملكة بفرنسا دائماً ما تستشهد باللقاء التاريخي الذي حدث بين الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - والرئيس الفرنسي شارل ديغول، إلا أن الاهتمام الفرنسي بالمملكة قد سجل عن نية الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت عقد تحالف مع الإمام سعود بن عبدالعزيز إبان حكم الدولة السعودية الأولى. ولعل استقبال سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز في قصر "إنفاليد" تحديداً هو رسالة من الفرنسيين الذين يحتفظون برفات قائدهم العسكري الكبير نابليون في هذا القصر الذي يقع في قلب باريس. لم يشهد الطريق الذي سلكته العلاقات بين الرياض وباريس عقبات صعبة، إلا في بعض الحقبات البعيدة فترة الجمهورية الرابعة التي سجلت فتوراً في علاقات البلدين، بسبب زخم الحضور الأميركي الطاغي في المنطقة فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مصحوباً بالنضال الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي والعدوان الثلاثي على مصر. واليوم في ظل نهج التقارب الذي تتبناه كل من الحكومتين في البلدين، يجدر بنا التذكير إلى أهمية ترسيخ العلاقات السياسية والتي بلاشك ستمهد لتحقيق الديناميكية المرجوة في باقي المجالات لاسيما الاقتصادية والعسكرية. ولا يقل عن ذلك إلا تحصين العلاقات بين الرياض وباريس بما يحقق لها الاستمرارية، فالأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وتراجع شعبية الولايات المتحدة الاميركية في المنطقة، يمكن أن يكونا أمراً مغرياً للفرنسيين من أجل المضي في تحالفهم مع السعودية، إلا أن واشنطن وإن بدت غير آبهة كثيراً لملفات الوطن العربي إلا أنها لن تسمح بدخول أي من القوى المنافسة كفرنسا والصين على سبيل المثال في المنطقة المفضلة لديها. ويتعين على الرياض وباريس إن أرادتا إضفاء صبغة الديمومة على علاقاتهما أن تعملا على وضع نتاج تلك العلاقة في إطار منهجي بعيد المدى، والالتزام بذلك في نفس الوقت وإرسائه على قاعدة المصلحة المشتركة التي تثبت يوماً بعد يوم أنها الأكثر عملانية، مع تجنيب هذه العلاقة التقلبات السياسية التي تمر بها المنطقة العربية أو حتى الصراعات التي تعتري "الناتو" إذ أدخلت أحداث "الربيع العربي" الحلف على خط الأزمة، مروراً بالتجاذبات الحزبية التي هي من صميم الثقافة السياسية الفرنسية. إن نية دفع مستوى العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا إلى الأمام تعني أن متاعب قد تواجه البلدين من طرف ثالث، يرى في قوة التقارب بين البلدين مسألة قد تفضي إلى إلحاق الضرر به بشكل مباشر أو غير مباشر، لذا وجب جعل المشاورات السياسية الصريحة بين الطرفين أمراً يجب أخذه على محمل الجد. العلاقة الطويلة بين الرياض وباريس مكنت الطرفين من فهم بعضهما بشكل أكثر عمقاً، لاسيما أن العلاقات تم عرضها على الكثير من الأزمات، وأثبتت إلى حد كبير تماسكها، بقي أن تدخل هذه العلاقة حيز الحيوية والتنفيذ والاستفادة من ملاءمة المرحلة لبناء تحالف قوي.

مشاركة :