لم يستطع الموظف في القطاع الحكومي أن يخرج من دائرة الثبات الموجودة في محيط عمله، حتى إن رافق ذلك العمل شيء من التطوير أو الاستعانة بخبرات القطاع الخاص، حيث مازال يدور حول طبيعة الوظيفة التي لا يكفي راتبها الشهري للاحتياجات المهمة، في ظل المعيشة الصعبة التي أصبحت مكلفة جداً. وعلى الرغم من وجود الوقت الكبير المتاح بعد أوقات العمل الرسمي في القطاع الحكومي إلاّ أنه حتى الآن لم ينظر بشكل جاد في إمكانية السماح للموظف الحكومي بأن ينطلق بمشروعاته الخاصة، وتوفير الفرصة له -وفقاً لنظام يحميه لا نظام يتحايل عليه- أن يزاول مشروعاً خاصاً يستثمر فيه الوقت أولاً، ويزيد من دخله، مما ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع، كذلك ينعكس ذلك الحراك على الوظيفة التي -قطعاً- ستتأثر بشكل جيد على موظف يمتلك عقلية متحركة، وربما إتاحة الفرصة للتقاعد المبكر الذي يتيح المجال لكوادر وطنية أخرى، بعد أن يشعر بأنه حقق ذاته في مشروعاته الخاصة، فمتى يكون هناك قرار حقيقي بالسماح للموظف الحكومي بمزاولة العمل الحُر تزامناً مع وظيفته الحكومية؟ ومتى يكون هناك قوانين وضوابط لتلك المشروعات؟ والتي ستكون قطعاً لصالح المجتمع والمواطن. ويُعد السماح للموظف الحكومي بأن يؤدي أعمالاً تجارية حرة وفق أنظمة وقوانين تحفظ الحق العام والخاص فكرة ايجابية، حيث أن مثل هذه المشروعات حتى لو كانت صغيرة إلاّ أنها تسد احتياجات المنزل والأبناء الأساسية، بل تكون أفضل من زيادة الراتب بمبلغ محدود، إضافةً إلى أن وضع مثل هذه الأنظمة يساعد بشكل كبير في دعم المواطنين ويمنع التحايل والتستر من أجل تأمين مصدر دخل آخر، إضافةً إلى أن ذلك يزيد الفرد خبرة ورؤية وتطلعا، من خلال الإفادة منها على مستوى المؤسسة الحكومية. تزايد الأسعار وقال "أسامه عبدالله": إنه جاء الوقت ليسمح للموظف الحكومي بمزاولة نشاطه الخاص بعيداً عن الوظيفة الحكومية، مع الحفاظ على حقوق وواجبات تلك الوظيفة، فالمعيشة أصبحت صعبة جداً، وكل شيء أصبح يأخذ من دخل المواطن، حتى تحولت الطبقة الوسطى في المجتمع إلى طبقة قريبة من الفقر -حسب قوله-، وكذلك الطبقة التي كانت تسمى طبقة غنية أصبحت متوسطة، مضيفاً أن تكلفة المعيشة مرتفعة، والأسعار في تزايد مخيف، والمواطن لا يملك في هذه الفوضى إلاّ أن يقبل ويتكيف، مشيراً إلى أن النظام عليه أن يحمي المواطن وأن يسمح له إن كان موظفاً في القطاع الحكومي أن ينطلق في مشروعاته الخاصة بعد العمل الرسمي، بدلاً أن يتحايل الموظف ويفتح مشروعه باسم زوجته، أو أحد أبنائه، متسائلاً: إذا كان الكثير من موظفي القطاع الحكومي لديهم مشروعاتهم الخاصة ولكن بطرق تتحايل على النظام، فلماذا لا يسمح لهم ذلك، وأن يتم وفقاً لنظام واضح ومحدد يحميهم ويحمي الوطن؟ فرص وظيفية وأوضحت "عفاف زايد": إن السماح للموظف الحكومي بأن ينطلق في مشروعات خاصة بعد الدوام الحكومي سينعكس بشكل إيجابي على المجتمع، ليس فقط من منطلق التغلب على ظروف المعيشة الصعبة، بل كذلك على مستوى استثمار الخبرات في القطاع الحكومي بمشروعات خاصة قد تنمي استثمار الوطن مع تنمية الكوادر المحلية، مضيفةً أنه إذا ما توسع ذلك بشكل كبير فقد يكون له الأثر لأن يتحرر الشباب من فكرة الحلم بالوظيفة الحكومية، مبينةً أن تلك المشروعات بحاجة إلى من يديرها ويعمل بها، وذلك يعني مزيداً من فرص وظيفية، كما أنه سينمي من استثمارات البلد ومشروعاتها، فيزيد من تنمية اقتصادها، فتنتعش مجالات العمل بأشكال مختلفة. وأشارت إلى أن الحياة أصبحت مكلفة جداً، وأن الراتب الشهري للموظف لم يعد يكفي لالتزامات المواطن واحتياجات أسرته، فالمشروعات الخاصة فيها خير كبير، وستساعد على تحسين معيشته، والواجب أن يدعم ذلك نظام الخدمة المدنية ونظام العمل وأن يكون هناك الكثير من القوانين التي تساعد على أن يضع الموظف الحكومي له مكاناً في تلك المشروعات، خاصةً أن الموظف في القطاع الحكومي يمتلك الوقت لذلك، كما أن الكثير منهم لديه مشروعاته في الظل، متسائلةً: ما المانع أن تحدث في النور ومع حماية النظام لها؟ ممارسة وتجربة وأكد "عادل الأسمري" على أن الموظف في القطاع الخاص أفضل نصيباً من الموظف في القطاع الحكومي، على الرغم من أن الأنظار تحسد الموظف الحكومي على وظيفته الرسمية، والتي يعتبرها البعض مؤمنة له وثابتة حتى التقاعد، مضيفاً أن الموظف في القطاع الخاص لديه من الإمكانات ما تمكنه من أن ينطلق بمختلف المشروعات والأعمال دون تعقيد في ذلك، بل أن عمله ربما كان داعماً له من نواحي عديدة، خاصةً حينما يكون في وظيفة متحركة يستطيع أن يشكل العلاقات من خلالها، ويستطيع أن يخلق له قاعدة ينطلق منها بأفكار ومشروعات جيدة لا تحقق له النجاح على مستوى تحسين وضع مالي، بل تفتح له مزيدا من الأفق في طرق التفكير ورؤية الحياة، من خلال الممارسة والتجربة في التجارة، التي يغفل عنها الكثير من الشباب، والذين يعتبرون الوظيفة الرسمية مكسبا كبيرا، على الرغم من أن الخير كل الخير في التجارة، ذاكراً أنه ليس هناك مبرر قوي في عدم السماح للموظف الحكومي مزاولة النشاط التجاري، فمن المعروف أن العمل الرسمي في القطاع الحكومي محدد بوقت معين وينتهي بعد ساعات محددة في النهار، متسائلاً: ما المانع أن يستغل ما تبقى من ساعات يومه في عمل جيد ومفيد؟ بدلاً أن يغرق الشباب في مضيعة الوقت في الاستراحات ومع أصدقائهم بشكل غير مرض، لافتاً إلى أن الانغماس في العمل أفضل من ترك الحياة محدودة، مما يؤثر على الحياة الاجتماعية بشكل سلبي وتتزايد الخلافات الأسرية. راتب ودخل وتحدث "د. أحمد السعد" -اختصاصي اجتماعي- قائلاً: إن الظروف المعيشية خلال هذه الفترة أصبحت صعبة نوعاً ما، ومقدار الرفاهية التي كان يتمتع بها المواطن بدأت تندثر وتتلاشى شيئاً فشيئاً، فأصبح جل همه واهتمامه هو تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرته من مأكل ومشرب وملبس ومسكن آمن يحتويه ويحتوي أبناءه حتى في حال وفاته، مضيفاً أن السماح للموظف الحكومي بأن يؤدي أعمالاً تجارية حرة وفق أنظمة وقوانين تحفظ الحق العام والخاص فكرة ايجابية، مؤيداً وبشدة هذا القرار، حيث أن مثل هذه المشروعات حتى لو كانت صغيرة إلاّ أنها قد تسد احتياجات المنزل والأبناء الأساسية، إضافةً إلى أن وضع مثل هذه الأنظمة والقوانين تساعد بشكل كبير في دعم المواطنين وتحقيق الرفاهية، وتمنع التحايل على بعض الأنظمة من أجل تأمين مصدر دخل آخر لتحسين مستوى المعيشة، مبيناً أنه لا يخفى على الجميع القروض المالية التي أنهكت عاتق المواطن ولفترات طويلة، مشيراً إلى أن السماح للمواطن بالعمل في المشروعات الخاصة قد يجعله يوفق بين الراتب الشهري والدخل الشخصي، بحيث يكون الراتب الشهري لتسديد الأقساط والفواتير وغيرها، ويكون الدخل الآخر من خلال المشروع حراً طليقاً لاستخدام الأسرة وتلبية احتياجاتهم. وأضاف: مثل هذه الأنظمة سوف تُقلل من نسب الغش والتحايل من قبل بعض التجار الذين لا ينتمون للدولة؛ لأن همهم الأول والأخير هو المال دون الاكتراث بمصلحة المواطن صحياً أو مالياً، أمّا بالنسبة للمواطن فلن يلحق الضرر بنفسه وأسرته. استقرار اجتماعي وفيما يتعلق بالجانب الاجتماعي من ناحية الإيجابيات التي من الممكن أن تؤثر في حياة المواطن، رأى "د. السعد" أنه لو عملنا استفتاء على عينة عشوائية من المواطنين تجاه ما يرغبون في الحصول عليه تجاه رفاهيتهم الاجتماعية، لوجدنا على رأسها تأمين المنزل لاحتوائهم، ومن بعده السيارة للتنقل والمواصلات، وثالثاً قد تكون كماليات ترفيهية ليست بذات الضرورة القصوى، مثل السفر وأماكن الترويح عن النفس داخل البلد، مضيفاً أن السعي في تلبية مثل هذه الاحتياجات يزيد من الاستقرار الاجتماعي، ويُقلل الخلافات والمشاكل التي قد تنشأ بسبب قلة الموارد، وأيضاً تساعد في التنشئة الاجتماعية للأبناء، حيث أن النقص أو الاحتياج مقارنةً بالأبناء الآخرين يؤدي إلى سلوكيات خاطئة قد تصل إلى السرقة أو التحايل، مشيراً إلى أن التجارب في المشروعات على المستوى الشخصي قد تزيد الفرد خبرة ورؤية وتطلعا، حيث يتم الإفادة منها على مستوى المؤسسة الحكومية التي يعمل بها الشخص، بمعنى أن إدارة المشروعات من قبل شخص واحد تؤثر إيجابياً على المستوى العلمي، وتفتح آفاقا جديدة قد يتم استغلالها لتطوير بيئات العمل.
مشاركة :