يلتقط عبد الله ربيع مفردات الحياة في الإمارات، متشبثاً بالأشياء في مسافاتها الأكثر حضوراً في ماضي الزمان، حيث الأصالة والوفاء لكل ما رفد الشعب الإماراتي بالحياة، عبر الدهور والأجيال. «البيان» تقدم هذه المساحة ليحكي بعدسته عفوية وتفاصيل ووجوه تلك الخصوصية الفولكلورية، لإبقائها حية في ذاكرتنا، صوناً لميراثنا التليد الذي نستمد منه الطاقة الملهمة نحو المستقبل. يصنع الخصف من جريد النخل المضفور، ولكن حين يملأ بالتمر الطازج يطلق عليه «يراب» أي جراب. ويرب التمر «جمع يراب» له أحجام مختلفة، بعضها بسعة أربعة أمنان، والنوع الكبير حجمة يسع سبعة أمنان. وفي موسم حصاد التمر يتعاون الأهالي قديماً على ملء اليرب، ويقال عن هذه العملية «الحشيد» حين يحتشد المزارعون لهذا الغرض فيقدم لهم صاحب المزرعة الطعام. ولكن اللافت في الأمر هو تأكيد المزارعين اليوم أن مذاق التمر وهو في «اليراب» يختلف عن وجوده في الأكياس والعلب البلاستيكية. ولقد كان نسج الخصف في الماضي يبدأ مع قرب انتهاء موسم الرطب، حيث يقوم المزارعون رجالاً ونساء باستخلاص الخوص من الجريد، والجريد المسحول يسمى حسب أهالي الفجيرة ودبا بالزور، وبعد عملية السحال تقوم النساء من أهل الخبرة والتخصص بسف الخوص ليصل طوله إلى ما بين عشرة إلى خمسة عشر باعاً حسب نوع وحجم الخصف وبعد عملية السف يقوم المزارع بجدله ليصبح جراباً. بين الخصف والتمر والمزارع علاقة خاصة تشكل جزءاً من تاريخ وذاكرة النخيل، وهناك فرق بين اسم الخصف واسم اليراب، واليراب يشكل أهمية بالغة للمزارع فهو مصدر الرزق والعيش، فالذي كان يملك عدداً كبيراً من الأيربة يتمكن من بيع معظمها وتحسين وضعه المعيشي، حيث يعتبر التمر في الماضي الزاد الرئيسي للحياة.
مشاركة :