أكد عدد من المسؤولين أن الاقتصاد القطري أثبت للعالم قوته وكفاءته في مواجهة الحصار الجائر، بما تمتلكه دولة قطر من استراتيجيات وخطط وبدائل مكنتها من الصمود أمام هذا التحدي الراهن. ونوه المسؤولون في ندوة نظمتها جامعة قطر اليوم، تحت عنوان "الاقتصاد القطري في ظل الحصار.. صمود وصعود"، بالإدارة الحكيمة للأزمة والتحرك السريع لمواجهة تداعياتها منذ البداية.. مؤكدين ضرورة استثمار الوضع الراهن، في تمتين علاقات قطر مع العالم، وتحقيق تطلعات رؤية قطر الوطنية 2030 لبناء اقتصاد مستدام . وقال سعادة الدكتور صالح محمد سالم النابت وزير التخطيط التنموي والإحصاء، إن دولة قطر واجهت الكثير من الأزمات وخرجت منها أكثر قوة وصلابة "ولم تساوم يوما على حريتها وسيادتها وكرامتها". وأشار إلى أن الأزمة الحالية رغم أن لها طابعها الخاص وآثارها الاجتماعية على شعوب الخليج العربي ككل، إلا أن دولة قطر ستخرج منها أكثر قوة ..مضيفا " سنخرج من هذا الحصار أكثر قوة بكل تأكيد..وستكون قطر مختلفة ..مستفيدة من تجاربها.. ومتكيفة مع الواقع الجديد". وأضاف أن هذه الأزمة متعمدة ومقصودة وغير متوقعة لكن قطر استطاعت بفضل وحدة جبهتها الداخلية، وخططها، وتعاملها المباشر والسريع معها، وتكاتف مؤسساتها وتكاملها، أن تقلب الطاولة وتخيب ظنون من راهنوا على انكسارها. وفي تقييمه لتداعيات الحصار، أشار سعادة الدكتور النابت إلى أن الأزمة أثرت في بدايتها على قطاع الخدمات مثل السياحة والنقل وقطاع المال، لكن الدولة نجحت في تجاوز هذه التداعيات بسرعة مذهلة لتعود الأمور إلى طبيعتها قبل الحصار.. وقال "استطاعت الحكومة، وفي وقت قياسي إيجاد طرق نقل بديلة بعد إغلاق المنفذ البري، وكذلك تعويض الودائع المسحوبة من البنوك، ودعم القطاع السياحي بعد قرار إعفاء مواطني 80 دولة من التأشيرات". وفيما يتعلق بالمشاريع الرأسمالية، لفت الدكتور النابت إلى أن الدولة كانت لديها احتياطاتها عن طريق تخزين المواد الأولية في الدولة، وهذا منح فرصة لإيجاد البدائل التي تضمن تنفيذ المشاريع في مواعيدها وبالتكلفة ذاتها. وحول التضخم، لفت سعادة وزير التخطيط التنموي والإحصاء إلى أن أسعار السلع الغذائية لاسيما السلع غير القابلة للتخزين، شهدت بعض الارتفاعات في بداية الأزمة، لكن قابلها انخفاض في قطاعات أخرى داخلة في حساب التضخم مثل قطاعي الإيجار والنقل وبعض المواد الغذائية مما أوجد نوعا من التوازن في هذا المجال. وفي القطاع المالي، أوضح سعادة الدكتور النابت أن هذا القطاع تأثر بلا شك بالحصار المفروض وكان أبرزه في ارتفاع معدلات الفائدة وتأثيره على التصنيف الائتماني، لكنه لفت إلى أنه تم تعويض ذلك جراء زيادة أسعار المواد الهيدروكربونية عالميا خلال هذه الفترة، إلى جانب التعويض من خلال الإيداع الحكومي. ودعا إلى بذل جهود إضافية لتعزيز الاقتصاد ومنها الاهتمام بمجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة "التي تحتاج الى تكاتف حتى تضمن الاستمرار" ، وتحويل الثروة الناضبة من النفط والغاز إلى أصول ورأس مال قابل للاستدامة. وأكد سعادة وزير التخطيط التنموي والإحصاء خلال الندوة أهمية التركيز في هذه المرحلة على تعزيز التوجه نحو التنمية المستدامة وابتكار حلول طويلة الأجل، تتميز بالديمومة والاستدامة، وتحقيق النمو وتعزيز الكفاءة الإنتاجية والتصدير وحسن استغلال الموارد على المدى الطويل. كما أكد على ضرورة تعزيز العلاقات التجارية مع مختلف الدول من خلال الاتفاقيات التجارية والجمركية، والحفاظ على البنية التحتية والاستثمار في رأس المال البشري من خلال تنمية قدرات القطريين واستقطاب الكفاءات والحفاظ عليها، وتعزيز الإصلاحات وتطوير الأداء في القطاعات الحكومية. وشدد على أهمية تعزيز الأمن الاقتصادي في مختلف القطاعات لاسيما قطاع المواد الحيوية (الغذاء- الدواء المياه ) وغيرها، إلى جانب تعزيز قدرات "المرونة وامتصاص الصدمات" وقال الدكتور النابت ." هناك حاجة إلى أن نبني قدراتنا بالاستفادة من هذه التجربة التي نمر بها لنكون أكثر مرونة وأكثر قدرة على امتصاص الصدمات" . ولفت سعادته إلى أهمية دعم وتطوير سياسية المنافسة، وصقل المهارات، وإصلاحات سوق العمل ليصبح قطاعا جاذبا ومنتجا، واستقدام الكفاءات في ظل المنافسة الحالية. وعلى صعيد العلاقات التجارية، أكد أن الحاجة ماسة إلى سياسة جديدة تقوم على علاقات تجارية مباشرة مع الدول الأخرى، وجذب الاستثمار الخارجي إلى القطاعات الإنتاجية. وعن استراتيجية التنمية الوطنية 2017-2022، في ظل الوضع الراهن، أشار سعادته إلى أن التحديات التي تواجه قطر لم تختلف مع الحصار لكنها برزت بشكل أكبر مما يعطي فرصة أكبر لمواجهتها وتقديم حلول ناجعة لها.. لافتا في الوقت ذاته إلى أن عملية تطوير الاستراتيجية وتحسينها ستستمر لتعكس تماما احتياجات قطر ما بعد الحصار. من جانبه أكد الدكتور إبراهيم الإبراهيم المستشار الاقتصادي بالديوان الأميري، أن دولة قطر تمكنت من التغلب على تداعيات الحصار والإجراءات الجائرة التي فرضتها بعض دول الجوار ..وقال "كان الهدف الأساسي من الحصار هو إصابة قطر بالشلل التام وإرغامها على الإذعان للمطالب الجائرة لهذه الدول، لكن آمالهم خابت". وقال سعادته خلال الندوة "أخطأت هذه الدول في حساباتها، بأنها قادرة على التأثير المباشر على الاقتصاد القطري، لكنها أدركت فشلها، وحساباتها الخاطئة.. بعد أن أثبتت قطر قوة ومتانة اقتصادها في مواجهة الأزمة". وأكد أن دولة قطر قادرة على إيجاد طرق بديلة للاستيراد والتصدير، وأن دول الحصار هي أكبر الخاسرين.. مضيفا "نحن نصدر لهم الغاز بأقل من الأسعار العالمية، وسنستفيد في حال أرادوا إنهاء هذه العقود". ونوه بأن الحصار أظهر للعالم احترام قطر لتعهداتها في إمدادات الطاقة مما أكسبها أسواقا جديدة .. مشيرا في هذا السياق إلى الاتفاقية التي وقعت مؤخرا مع بنجلاديش لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال . وتطرق سعادة الدكتور إبراهيم الإبراهيم خلال الندوة إلى العوامل التي ساعدت على صمود الاقتصاد القطري، ومنها خططها واستراتيجيتها الطموحة ورؤيتها الوطنية التي تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة. وأشار إلى أن دولة قطر حققت إنجازات عملاقة في مجال صناعة الغاز والنفط مكنتها من أن تحتل مركز الصدارة في تصدير الغاز المسال "فهي تصدر حاليا إلى اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وفرنسا، وإسبانيا، وبريطانيا، وأمريكا، ودول أمريكا اللاتينية وغيرها". ولفت إلى أن الشراكات التي أقامتها دولة قطر مع دول مختلفة حول العالم في مجال الطاقة تجني ثمارها في الوقت///////، حيث "لن تسمح الدول المعتمدة على الغاز بأي تهديد للإمدادات". كما أشار إلى أن قطاع الطاقة (النفط والغاز)، حقق فوائض مالية أسهمت بدورها في تعزيز متانة الاقتصاد القطري الذي حقق نموا قياسيا وصل إلى معدل 13 في المائة في بعض السنوات، في حين وصل معدل دخل الفرد في قطر حتى الآن /إذا تم حسابه بالقوة الشرائية الثابتة/ إلى أعلى معدل دخل في العالم. ولفت سعادته إلى دور استراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016 في تعزيز النمو الاقتصادي، وتطوير الأداء المالي والإداري، وترشيد الطاقة، وإدارة المياه والأمن الغذائي وغيرها . وتطرق إلى جهود تطوير البنى التحتية في المرافق كالطرق والمطارات والمناطق الصناعية واللوجستية، بجانب الاهتمام بتنمية القطاع الخاص وخصوصا قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة. وفي رده على سؤال حول إمكانية فك الارتباط مع الدولار، أكد أن هذا الأمر غير مطروح للبحث الآن". وحول مجلس التعاون ومخاطر التصدع، شدد على ضرورة الحفاظ على التعاون بين دول المجلس لمواجهة التحديات الراهنة.. وقال "هناك تحديات تواجه المنطقة ولا يمكن تجاوزها إلا بتعاون الجميع". بدوره، أكد السيد يوسف الجيدة الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال، أن القطاع المصرفي استطاع مواجهة تداعيات الحصار بفضل قوة الاقتصاد القطري ومتانته ، مما خيب آمال دول الحصار في انهيار هذا القطاع بسبب سحب الودائع والإجراءات التعسفية الأخرى التي اتخذتها هذه الدول. وأكد أن التصنيف الائتماني لدولة قطر يظل الأعلى في منطقة الخليج رغم الحصار.. وتوقع أن يعود إلى ما كان عليه وربما بتصنيف أفضل بسبب قدرة الدولة على مواجهة هذه الأزمة". ورأى أن الحصار انعكس إيجابا على الاقتصاد القطري لا سيما في جانب التركيز على استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحديث التشريعات ودخول شركات جديدة للسوق القطري بسبب الصعوبات التي تواجهها في دول الحصار.;
مشاركة :