قوة الاقتصاد القطري هزمت الحصار

  • 8/20/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القطاع الخاص الخليجي ريعي وعبء على المال العام الدوحة - الراية : أكّد الدكتور خالد راشد الخاطر الخبير الاقتصادي وعضو زمالة الباحثين بمركز الاقتصاد الكلي ومعهد الفكر الاقتصادي المستجد بجامعة كمبردج البريطانيّة أن الاقتصاد القطري أثبت قوّته في أزمة الحصار المفروضة على قطر من دول الخليج الثلاث. وقال، في ندوة عقدها منتدى العلاقات العربية والدولية بعنوان «اقتصاد الحصار .. الدروس المستفادة وآفاق المستقبل»، إن مصادر قوّة الاقتصاد القطري تتمثّل في الموارد الطبيعية الضخمة والسياسات الاقتصادية السليمة التي اتبعتها قطر في أوقات الرواج وتكشفت نتائجها خلال هذه الأزمة. وأضاف :» قطر هي المصدر الأول للغاز في العالم وسرعة تدخل الدولة بسياسات بديلة ومناسبة لاقتصاد الأزمات كان لها دور كبير في امتصاص الآثار السلبية المترتبة على الحصار وتقليصها، خصوصاً أنها جاءت بصورة مفاجئة «. وأوضح أن مصدر الانكشاف كان في قطاع التجارة الخارجية والنقل والسياحة، ولكن الحكومة تدخلت بالسرعة والوقت المناسبين عندما تعطلت الأسواق بفعل الحصار في بعض السلع ونجحت في أن تكون مستورداً وموزعاً ومحافظاً على الأسعار في نفس الوقت، كما استفادت من البنية التحتية المتمثلة في الميناء والمطار بكفاءة عالية من خلال فتح خطوط ومصادر استيراد جديدة، خاصة أن إجمالي الاستيراد من السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة لا يتخطى 4 %، وأصبح هناك تنوّع وجودة واختيارات مختلفة لدى المستهلك وبأسعار تنافسية، وقطاع النقل والسياحة ربما كان الأكثر تأثراً بالحصار. القطاع الماليوعن القطاع المالي أشار إلى أن الانكشاف كان محدوداً على دول الجوار، خاصة أن الجهاز المصرفي القطري قوي ومحصن ضد الانكشاف في الأزمات، بفضل السياسات الاحترازية والائتمانية المتحفظة التي اتبعها المصرف مبكراً منذ عام 2003. وقال :» بالنسبة للعملة تدعمها أسس الاقتصاد القطري القوية والاحتياطات الضخمة ولا يوجد مجال للمضاربة عليها في الخارج ولا شك أنه في بداية الحصار كانت هناك ضغوط على العملة، خاصة أنها كانت فترة أعياد وإجازات وهو ما ساهم في الضغط في الطلب على الدولار ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى طبيعتها من جديد، ولقد أثبت الريال القطري أنه الأكثر استقراراً ومصداقية عبر عقود، ولو تعرض أحد اقتصادات دول الحصار لما تعرض له الاقتصاد القطري فأعتقد أنه لا يستطيع أن يصمد نفس صمود هذا الاقتصاد «. وشدّد على أنّه كلما طال أمد هذه الأزمة كلما أدى ذلك إلى اعادة رسم خريطة التعامل التجاري والمالي في المنطقة، وكلما أدّى ذلك لإلقاء المخاطر السياسية بظلال ثقيلة تزعزع الثقة والمصداقية في بيئة أعمال واستثمار مستقرة ومبنية على القانون، وبالفعل أن هذا الانطباع الذي كان مترسخاً بدأ في التغيير مع إعادة تقييم المخاطر السياسية لهذه المنطقة، وهذا يهدد بتقويض مكانة دبي كمركز مالي عالمي مستقل يخدم الخدمات لهذه المنطقة. دروس مستفادةوعن المستقبل والدروس المستفادة وإعادة رسم السياسات لإعادة بناء قطر، قال د. الخاطر :» لابد من التعامل مع الحصار على أنه قائم ومستمرّ لاستغلال الظروف وحشد الطاقات لتحقيق أفضل النتائج، فلا بدّ من تقليص الاعتماد على الجار والنفط للحد من التعرض للتقلبات في أسعار الطاقة والمزاج السياسي غير الناضج للجار وتعريض أمننا الغذائي واستقرارنا الاقتصادي وقرارنا السياسي للتهديد». وأوضح أن قطر تمرّ بمرحلة تحول هيكلي تستدعي إعادة رسم السياسات في كل المجالات، وأن ذلك سيكون على ثلاثة مرتكزات أساسية مستقبلاً، وهي تحقيق أكبر قدر ممكن من الاعتماد على الذات من خلال التنوع وتقليص الاعتماد على الجار إلى أدنى قدر، وسد النقص بالاستيراد مع تنويع مصادره ووسائط ووكلاء الاستيراد. وشدد على ضرورة إعادة رسم السياسات في مجالين أساسيين هما السياسة الاقتصادية والقطاعية المختلفة وسياسات تنويع الاقتصاد الهيكلية في الأجل الطويل، وقال :» لابدّ من تعظيم سبل ووسائل الإنتاج المحلي، ودعا إلى إعادة استثمار رؤوس الأموال التي خرجت والتي لم تخرج، في المجالات الحيوية التي تطرق إليها صاحب السمو في خطابه، مثل الأمن الدوائي والإنتاج الصناعي لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء الذاتي في هذه المجالات». دراسة الأسواقوأكّد ضرورة دراسة أسواق الاستيراد ونظام الوكالة التجارية وإعادة هيكلتها على أسس تضمن الحد من احتكار الأسواق واحتكار الثروة، وذلك لحماية المستهلك وحماية الصناعات الوطنية الوليدة من المنافسة غير العادلة من المنتج الأجنبي ووكلائه المتمكنين في الأسواق منذ فترات طويلة، وذكر أن ذلك يتطلب إعادة دراسة الوكالات التجارية في أسواق السلع المختلفة للتأكد من عدم قدرتها على التحكم في أسعار تلك السلع، فإذا استحوذ مستورد أوحد أو مستوردون قلة على حصة سوقية تمكنهم من القدرة على التحكم في السعر فإن ذلك احتكار ويحب أن يفكك بإتاحة الدخول لمستوردين إضافيين لتلك السوق أو السلعة حتى تصبح سوق الاستيراد هذه تنافسية وليست احتكارية، وضرب مثلاً بأن الحد الأقصى المسموح به من الحصة السوقية لمثل هذه الحالات في أمريكا مثلاً هو 25% من حجم السوق في بضاعة أو خط معين من البضائع. وقال: أصلحنا نظام الكفالة وبقي نظام الوكالة، فهو بحاجة إلى مراجعة أيضاً». القطاع الخاصوأشار د. الخاطر إلى أن القطاع الخاص الخليجي بشكل عام هو قطاع خاص ريعي عالة على المال العام، ويسعى لتعظيم الأرباح السريعة من الطفرات النفطية وفورات الإنفاق العام المصاحبة لها من خلال التوظيف المكثف لعمالة أجنبية قليلة المهارة والتكلفة، وهذا يلغي الحاجة للاستثمار في التكنولوجيا وتطوير أساليب الإنتاج وأكّد أن العلاج لهذا القطاع يكمن في تغيير هيكل الحوافز بالانتقال من مرحلة اقتصاد العقارات إلى اقتصادالتصنيع والتنويع، مطالباً أيضاً بضرورة أن تكون عملية طرح المشاريع للقطاع الخاص على مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص وأن تخضع للرقابة للحد من الفساد وعدم استخدام هذه المشاريع كإداة لإعادة توزيع وتدوير الريع، حتى لا تصبح عملية يغذي بعضها بعضاً، وتدخل في دائرة شبكات مجموعات المصالح، مع بناء قاعدة صناعية على مبدأ التصنيع من أجل التنويع. وتابع : قطر ستخرج من هذا الحصار مستفيدة بكل تأكيد خصوصاً إذا نجحت في تحقيق الإصلاحات المطلوبة فإن ذلك سيضع دول الحصار في حرج داخلي مع شعوبها. مجلس التعاونوعن مستقبل مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أعرب عن عدم تفاؤله بمستقبل دول المجلس. وقال: أرى أنه مستقبل غير مشرق بسبب غياب الرؤية لدى القيادة في هذه الدول، خاصة أن ردة فعل هذه الدول على ثورات الربيع العربي تدل على الرغبة في الاستحواذ على كل شيء ورفض إصلاح أي شيء، لا إصلاحات سياسية ولا اقتصادية ولا إعادة توزيع أكثر عدالة للثروة، وهذا يبعث على عدم التفاؤل، فهذه الدول هي في خلاف داخلي مع شعوبها ولديها عدو خارجي متربص بها، ودخلت الآن في صراعات فيما بينها، وسوف تستنزف ثرواتها سواء في هذه الصراعات أو في استجداء الشرعية والحماية من الغرب، وهي تستمد بقاءها من برميل النفط. ونصح الشعب القطري مواطنين ومقيمين بضرورة أن يقدر الجميع قيمة العمل وروح التضامن لدى الجميع للدفاع عن هذه البلاد بعد الظلم الذي وقع عليها بسبب هذا الحصار، مطالباً بضرورة الاهتمام بتنمية رأس المال البشري وبناء القدرات، وأيضاً الاستفادة من الكفاءات والخبرات السابقة غير المستغلة في المجتمع وهي كثيرة، ممن خرجوا من الوظائف وهم مازال لديهم الكثير مما يمكن أن يقدموه وأن يسهموا في خدمة الوطن.

مشاركة :