جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية” من الملتقى الثقافي بالكويت، وهو صالون ثقافي تأسس في 2011 ويشارك فيه عدد من الكتاب والفنانين الكويتيين، ويقام في بيت طالب الرفاعي، وهو قاص وروائي كويتي يعمل حاليا أستاذا زائرا لتدريس الكتابة الإبداعية في الجامعة الأميركية في الكويت. وأصدر الرفاعي أكثر من سبع روايات وثماني مجموعات قصصية وترجمت أعماله إلى الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والألمانية وترأس لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية عام 2009. فيما يلي لقاء مع الكاتب ورئيس الجائزة التي حققت نجاحا لافتا رغم قصر عمرها.العرب أحمد حافظ [نُشر في 2017/10/31، العدد: 10798، ص(15)]آمل أن يقع إنشاء مركز قومي يترجم الأدب العربي الكويت - قال طالب الرفاعي مؤسس ومدير الملتقى الثقافي ورئيس مجلس أمناء “جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية”، “إن الجائزة التي تُنظم في الكويت، ويتنافس فيها كتاب وأدباء من البلدان العربية، تعد مشروعا إبداعيا لتقديم ‘وجه مشرق ومختلف’ للعالم العربي والأديب العربي أمام الآخر في شتى أنحاء العالم”. وقال الرفاعي في مقابلة “إن هذه الجائزة التي تقام بالشراكة مع الجامعة الأميركية في الكويت، تأتي في وقت يقدم فيه الإعلام الغربي ‘صورة بائسة’ عن الشرق عموما والعالم العربي بوجه خاص، مليئة بالإرهاب والاضطراب والتأخر والفقر”، معتبرا أن قضية الثقافة ينبغي أن تكون موضع اهتمام جميع الحكومات العربية. وتدير الجامعة الأميركية في الكويت شؤون جائزة الملتقى وتمول جميع متطلباتها المالية والإدارية. وتقوم الجائزة بترجمة الأعمال الفائزة إلى اللغة الإنكليزية ونشرها. يقول الرفاعي “إن الترجمة تعني لأي كاتب عربي الانكشاف على جمهور مختلف والانتقال إلى ثقافة حضارة أخرى وإلى قارئ آخر”. معتبرا أن مصدر فخر جائزة الملتقى أنها “تنتقل بهموم وتطلعات وآلام وآمال وأحلام الكاتب العربي إلى القارئ الآخر”، مشددا على أن “جزءا من مهمتنا نشر الأدب العربي في العالم وهذا يتم عبر الترجمة”. الترجمة والقيمة الأدبية وانتقد الرفاعي غياب مؤسسة عربية تجند نفسها لترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى إذ يقول “نحن مهووسون ومسكونون بالقراءة لكل أدباء الدنيا، لكن جاء الوقت لأن يقرأ العالم أدبنا العربي”. ويضيف “في الوطن العربي وضعنا بائس سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعلميا. كل شيء نحن متأخرون فيه، إلا الأديب والفنان العربي، فهما قادران على أن يضعا كتفيهما بأكتاف الآخرين وأن يقدما إبداعا يضاهي إبداع الآخر أينما كان”. ويلفت الرفاعي إلى أن الكثير من الكتاب العرب استطاعوا بجهدهم الشخصي أن يقدموا فنا قادرا على محاكاة اللحظة الإنسانية الراهنة. لذا يقر بأن هؤلاء يستحقون الالتفات إليهم. آملا أن يقع إنشاء مركز قومي، يقوم بترجمة الأعمال والآداب العربية إلى اللغات الأخرى. وبدا الرفاعي فخورا بأن جائزة الملتقى قد حفرت لنفسها مكانا بين الأدباء العرب بعيدا عن قيمتها المالية، مؤكدا أنه سعيد لأن الساحة الثقافية العربية صارت تشير إلى جائزة الملتقى بوصفها المشاركة الكويتية الأبرز على ساحة الجوائز العربية، مشيرا إلى أن المبلغ المالي لا يرفع من قيمة الجائزة، وإنما ما يرفع قيمتها هو الطريقة والشفافية اللتان تعمل بهما، إضافة إلى لجان التحكيم والأسماء التي تخرج بها الجائزة.الترجمة تعني لأي كاتب عربي الانكشاف على جمهور مختلف والانتقال إلى ثقافة حضارة أخرى وإلى قارئ آخر ويوضح أن القيمة المالية التي كانت مقترحة في البداية للفائز الأول كانت 50 ألف دولار، وقد تم اختصارها إلى 20 ألفا “لكن الفوز هو الأهم”، مشيرا إلى أن جائزة غونكور الفرنسية قيمتها المالية فرنك فرنسي واحد، ومع ذلك هي جائزة عالمية، تفتح لصاحبها كل أبواب الحضور والانتشار، وتكون مقدمة حتى للفوز بجائزة نوبل. ويضيف الرفاعي أن الفلسطيني مازن المعروف الذي فاز بجائزة الملتقى في دورتها الأولى حقق “حضورا كبيرا” في العالم العربي بسبب هذه الجائزة، حيث قامت العشرات من المجلات والجرائد ومحطات التلفزة والإذاعة باستضافته، وسافر إلى الكثير من البلدان لتقديم محاضرات، معتبرا أن الجائزة “سلطت الضوء على هذا الكاتب وكتاباته وهذا هو المطلوب”. ومن جانب آخر يؤكد الرفاعي ضرورة أن يتم الاهتمام ماديا بالكاتب العربي، الذي قال إنه “يعاني وجعا ماليا واقتصاديا”، كما أن الكثير من الكتاب العرب ليسوا متفرغين للكتابة ولا للأعمال الأدبية، لذا فإنه لم يتم التغافل عن القيمة المادية للجائزة بل إن قيمتها المادية متجانسة مع الجوائز العالمية وليست فيها مبالغة. الجائزة والقصة يقول الرفاعي إن جائزة الملتقى تطمح إلى إقامة “شراكة مع جائزة عالمية مثل غونكور أو بوليتزر، بما يرفع الجائزة، وينتقل بها من أن تكون مشروعا ثقافيا كويتيا عربيا، إلى أن تكون مشروعا ثقافيا عربيا عالميا”. وحول عدم صعود أي كاتب كويتي بالقائمة الطويلة للجائزة هذا العام، يؤكد الرفاعي أن المشاركة الكويتية كانت ضعيفة، سواء من الناشر أو الكاتب الكويتي، معتبرا أن عدم صعود أي كاتب كويتي أمر يعبر عن “شفافية الجائزة” التي لا يتدخل أي من أعضاء مجلسها الاستشاري أو أعضاء أمانتها العامة في عمل لجنة التحكيم. ويقول “إن ما يجعل للجائزة ثقلا وحضورا في مشهد الجوائز العربية هو إحساس الناس أن هذه الجائزة محايدة، وأنها شفافة وتعمل وفق المنظور الأكاديمي، وأن لجنة التحكيم بعيدة عن أي ضغوطات”. وعن احتضان الجامعة الأميركية في الكويت وليس أي مؤسسة أخرى للجائزة يوضح الرفاعي أن الجامعة الأميركية هي “مؤسسة كويتية أكاديمية مئة بالمئة، وهي تعمل وفق النظم التعليمية العالمية. وكذلك الجائزة هي عربية مئة بالمئة، ولها مجلس أمناء ومجلس استشاري عربي”.القصة القصيرة العربية باتت تعاني نوعا من الجفوة حيث اتجه الجميع إلى الرواية وهو ما دعا إلى رد الاعتبار إليها ويشير هنا إلى أن جائزة نجيب محفوظ للرواية في مصر، وهي واحدة من أهم الجوائز العربية، تحتضنها أيضا الجامعة الأميركية بالقاهرة. موضحا أن المؤسسات الكويتية المعنية بالآداب والثقافة سواء كانت حكومية أو أهلية لها اهتمامات أخرى، ولها جوائز أخرى، معتبرا أن القيام بأمر الجائزة هو أمر مكلف ماليا. ويلفت الرفاعي إلى أنه ظل ثلاث سنوات يبحث عن جهة تتولى رعاية هذه الجائزة وللأسف كانت المحاولات “مؤلمة” إلى أن لاقت الفكرة قبولا من مؤسس ورئيس مجلس أمناء الجامعة الأميركية في الكويت، الشيخة دانة ناصر صباح الأحمد الصباح. يرى الرفاعي أن القصة القصيرة تعاني في العقود الأخيرة “نوعا من الجفوة” حيث اتجه الجميع إلى الرواية، فالكاتب والناشر وجمهور القراءة والجوائز العربية، كل هؤلاء، كما يقول، اجتمعوا بشكل أو بآخر حول مائدة الرواية، مما جعل القصة تبدو منزوية، لذا حاول جاهدا أن يجد جائزة للقصة القصيرة. وحول تفسير صعود الرواية حاليا على حساب غيرها من الأجناس الأدبية، يذكر أن القصة القصيرة والشعر كانا حاضرين إبان الستينات والسبعينات حيث “كانت الشعارات كثيرة. وكانت الأيديولوجية أكثر حضورا. وكان يناسب هذا الوضع القصيدة، لأنها تقدم صورة والقصة القصيرة لأنها تقدم فكرة”. ويضيف “حينما بدأ عالم الشعارات ينزوي بسقوط حائط برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي بدأ العالم يتشكل بشكل مختلف. ومع ظهور ثورة المعلومات والإنترنت أصبحت الحياة راكضة لاهثة. وبالتالي بدأ الإنسان في البحث عن شيء يعيد له توازنه مع معادلة الحياة. والرواية تستطيع لعب هذا الدور”. ويتابع قائلا “الرواية تقدم حكاية لشخوص وأزمنة وحوادث وهو ما يجعل القارئ يعيش هذه الحياة. قراءة الرواية هي إضافة حياة جديدة لحياة القارئ”. فالرواية، كما يراها، مغرية وهي قطعة جميلة تحاكي الحياة. ولذلك استطاعت أن تجذب جمهورا كبيرا في العالم كله وليس في العالم العربي وحده، ولكن هذا الانجذاب جاء على حساب القصة القصيرة. ويؤكد الرفاعي أن فكرة رصد هذه الجائزة جاءت لأنه “عاشق للقصة القصيرة”، ولأنه بدأ حياته قاصا وتربطه علاقات مع عدد كبير من كتاب القصة القصيرة في العالم وليس الوطن العربي فقط.
مشاركة :