مرسيل خليفة يعزف على وترَي السياسة والحب

  • 8/26/2013
  • 00:00
  • 42
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل الظروف الأمنية الصعبة التي يمر بها لبنان، والتوتر وتبادل الاتهامات بين أفرقاء السياسة، وتنقّل التفجيرات بين المناطق، وملاحقة المشتبه فيهم، كانت فئة من اللبنانيين تستمتع بأمسية لمرسيل خليفة، أبعدها فيها عن همومهم وأوجاعهم، ولو لساعتين، وعزّز الأمل بعودة الحب والسلام إلى بلد جريج. كالحرير، انساب صوت الفنان اللبناني ولحن عوده مساء أول من أمس في أرجاء معمل الحرير التراثي في الضاحية الشمالية لبيروت الذي تقام فيه استثنائياً حفلات مهرجانات بعلبك الدولية، فقدم باقة من الأغاني التي طبعت مسيرته وذاكرة جيل بكامله، مطعمة بأغان جديدة تعرف الجمهور إليها للمرة الأولى. وشاء الفنان الستيني الذي وضع وشاحاً أبيض حول عنقه، ألا يكون وحيداً مع عوده على المسرح، فاختار آلة وترية أخرى غربية لترافقه، هي التشيللو التي تولى العزف عليها ساري خليفة، ابن شقيقه. وبين أوتار العود الشرقي وأوتار التشيللو الغربي، عزف مرسيل خليفة وغنى على اكثر من وتر، من السياسة إلى الحب، مروراً بالدين. وبعد مقدمة موسيقية، بادر في بداية الحفلة جمهوره بكلمات الشاعر محمود درويش قائلاً: «عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو وأحرسهم من هواة الرثاء وأقول لهم تصبحون على وطن من سماء ومن شجر، من سراب وماء». وأضاف :»فلنقف دقيقة صمت تحية لأرواح شهداء مجزرتي بيروت وطرابلس»، في إشارة إلى التفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية في 15 الجاري، والتفجيرين اللذين وقعا في مدينة طرابلس (شمال لبنان) يوم الجمعة الماضي. وفي تحية إلى بعلبك التي لم يقم فيها المهرجان هذه السنة قسراً، نظراً إلى الأوضاع الأمنية، أنشد خليفة «بغيبتك نزل الشتي» للشاعراللبناني ابن مدينة الشمس طلال حيدر. وقال خليفة: «كنا نحب أن نكون في بعلبك ونحيي حفلة هناك غداً، لكن بسبب الأوضاع الصعبة تعذر ذلك. أهلاً وسهلاً بكم وسنغني السنة المقبلة في بعلبك». وقدم خليفة مجموعة من الأغاني الجديدة التي نالت استحسان الحضور، وأبرزها آثار واقع الوراثة السياسية في لبنان والعالم العربي، فتهكم على «لوك» (مظهر) «ملك الملوك» الذي فيه «20 توك» (أي 20 عيباً)، مخاطباً إياه «واجب الواجب علينا نشكر اللي خلفوك»، وقبل أن تمسكني برقبتي أمسكني أبوك»، ولم أقل له يوماً «تروك» (أي اتركني). وقال قبل أن يؤديها «هي أغنية تحية إلى كل السلاطين والوزراء والنواب الموجودين وحين ينتهون يأتي دور أولادهم وأولاد أولادهم». وقال خليفة إن المضمون السياسي للأغاني «موجه إلى جميع السياسيين، من المحيط إلى الخليج». وأضاف: «لا أستثني احداً، وأولهم سياسيو لبنان». لكنه أضاف «لا أريد أن أحمل هذه الحفلة إسقاطات. فيها زهد وسلام داخلي وعودة إلى الذات والإنسانية... المهم ليس الأم أو الحبيبة أو من ننتقد، المهم هو الداخل، كيف نصرخ وكيف نبوح». وأهدى خليفة أغنية «أنا يوسف يا أبي» من كلمات الشاعر محمود درويش إلى الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي الذي أطلقته السلطات السورية أخيراً بعدما اعتقلته في 18 تموز (يوليو) مع رفيقيه توفيق عمران وعدنان الدبس، القياديين في حزب العمل الشيوعي المعارض. وذكر خليفة بأنه حوكم على هذه الأغنية ودخل قصر العدل «في بلاد الإشعاع والنور»، قبل أن يبرئه القضاء اللبناني. وفي أغنيته الجديدة «فكر بغيرك» بُعد سياسي أيضاً، وتقول لازِمتُها: «وأنت تعد فطورك فكر بغيرك، لا تنس قوت الحمام، وانت تخوض حروبك فكر بغيرك، لا تنس طلب السلام وأنت تعود إلى بيتك فكر بغيرك لا تنس شعب الخيام». أما في «بحبِّك»، فيخاطب الحبيبة قائلاً إنه يحبها «ضد كل الأشياء البشعة، والحكي كلو اللي عم ينباع». وروى خليفة أنه تعرف للمرة الأولى إلى الموسيقى وأحبها بفضل ترتيلة كنسية. وعزف ساري خليفة مطلع «يا مريم البكر» ثم دخل عود مرسيل ليزيدها حناناً وضخامة، بتوزيعه الجديد ورؤيته الخاصة. وأرضى مرسيل خليفة جمهوره وأشعله حين غنى باقة من أغاني بداياته التي ساهمت في نجاحه ورسخت حضوره الفني، ومنها «منتصب القامة أمشي» و «ريتا» و «يا بحرية» و «أحن إلى خبز أمي» و «أخاف من القمر». وكالعادة، شكل الجمهور الذي ناهز الألفي شخص، كورساً لخليفة، إذ بدا أنه يحفظ كلمات أغانيه «مثلما يذكر عصفور غديراً».  

مشاركة :