لم تُمنح شخصية في العالم، مثلما تم منحه من أوسمة تقديرا للشيخ ناصر المحمد. وهذه الأوسمة كانت إيماناً كبيراً بالجهود الذي قام بها، ومصداقية كبيرة في قدراته وإمكانياته، وما يمكن أن يقوم به من إنجازات أخرى مستقبلية. وذلك لم يأت من فراغ. ولم يأت نتيجة لاعتبارات ديبلوماسية ومراعاة لحسابات ومعادلات سياسية ومواقف إقليمية معينة، بل نتيجة جهد وعمل شاق على مدى عقود طويلة أثبت فيها بأنه يستحق كل تكريم وإشادة. وأيضاً فإن هذا لا ينبع إلاّ من خلال سعي ومواظبة دائمة وحثيثة والعمل بكل ما يمليه عليه ضميره الوطني وحبه له وتفانيه في خدمته. ولو بدأنا في سرد مختصر لسيرة بداية حياته العملية في العام 1964 عندما تم تعيينه سكرتيرا ثالثا في وزارة الخارجية، ثم التحاقه بالوفد الدائم لدولة الكويت في الامم المتحدة في نيويورك. وما تبع ذلك من تنقله في مناصب متعددة، وفي خدمة بلاده بأماكن ومواقع متفرقة من العالم، إلى أن شغل أول وظيفة له خارج مجال الديبلوماسية، عندما عين وكيلاً لوزارة الإعلام، وظل بها حتى 1985 بعدما عُين وزيرا للإعلام. وبعد ذلك وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل في 1988، إلى أن عين وزيراً للشؤون الخارجية في يونيو 1990. وقد كان سموه خلال تلك الفترة من أوائل الستينات وحتى ما قبل فترة الغزو الغاشم لدولتنا الحبيبة، مثالاً للحماس والكفاءة وبذل كل ما بوسعه أثناء عمله. وشهد له الكثيرون بذلك. وأرسى سموه خلال تلك الفترة من حياته العملية الكثير من المعاني الطيبة في خدمة الوطن وسعيه ليكون عند حسن ظن وثقة من اختاروه لتلك المناصب التي تولاها... إلى أن جاءت فترة الغزو الغاشم الصدامي في اغسطس 1990، وما تبع ذلك من فترة صعبة من تاريخ الكويت، لتبدأ مرحلة جديدة ورؤية جديدة للحياة. فقد أدرك سموه بحنكته وخبرته الواسعة وحدسه، انه يجب تكثيف الجهد والعمل في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الكويت، إلى أن يتحقق التحرير بفضل الله ثم بفضل أبناء الكويت من أمثال سموه. فقد أشرف على الاعلام الكويتي، وقام بتشغيل أول إذاعة كويتية في المنفى تبث من مدينة الخفجي السعودية. وكان أول صوت كويتي يذيع عبارة «هنا الكويت». ويذكر له سموه بأنه اصدر قراراً بإصدار جريدة «صوت الكويت» اليومية الناطقة باسم الشعب الكويتي خلال تلك الفترة العصيبة إلى أن تحررت الكويت بفضل الله ومساعدة الأشقاء في العالم. كما تولى منصب وزير الاعلام حتى ابريل 1991. واستمر عطاؤه غزيراً بعد تلك المرحلة الصعبة. ثم عين وزيراً للديوان الأميري في سبتمبر 1991 وظل بهذا المنصب حتى فبراير 2006، وهو التاريخ الذي شرفه به سمو أمير البلاد لتولي رئاسة الحكومة. إن الحديث عن سمو الشيخ ناصر المحمد يطول. وتلك الكلمات المتواضعة لن تفي هذه الشخصية حق قدرها. وإنما نقول ذلك من باب التذكرة لشخصيات لها بصمات واضحة على مدار مسيرة هذا الوطن المعطاء... والله الموفق. Dr.essa.amiri@hotmail.com
مشاركة :