كنت أظن أن الاختلاف هو من يصنع الخلاف، إلا أن الواقع هو أن الاختلاف يبدأ من الخلاف، بحيث أن من له معك خلاف يختلف معك في أي شيء مهما كان من مشتركات التوافق بينكما كثرت أو قلت. أدبيات الحوار المتبعة وليس الأصلية تعتمد على بعض شكليات من باب تحسين الصورة كأن تتردد عبارة الاختلاف لا يفسد للود قضية، أو احترم رأيك وغيرها دون أن تكون فعلاً مقصودة بالقدر الذي يجعلها تمتزج بالحوار فعلاً وتشكل طبيعته ومساره. معظم حواراتنا في الرياضة (المنظومة الحدث العناصر) والمجتمع تبدأ من أطراف هي في الأصل على خلاف، لذا فهي لا تصل إلى نتيجة أيا كانت ولأن طرفيها يحاولان تحسين صورتهما فيحاولان أن يبدوا مختلفين فقط في بعض نقاط أو فهم لقضية بعينها مما يجعل الوقت يمضي والحوار لاينتهي والبرامج لاتتوقف لأنهما على خلاف وليسا في موقف اختلاف. ولأن الخلاف غير الاختلاف فإنه يصعب على اثنين من المتحاورين يحملان شكلين متضادين في فهم وتصور ما يرى كل منهما أنه أحق أن يتبع، يصعب أن ينزلا جميعاً أو أحدهما عن خطيئة الخلاف الذي هو في غير موضعه، فالرياضة التي نتعاطاها من خلال الانتماء والميول والمناصرة لأندية ونجوم أو مدارس كروية لا تجيز لنا أن نكون على خلاف مع بعضنا البعض، ولا بأس أن نكون مختلفين في تنوع ميولنا وأذواقنا فلولا تدافع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض. هنا يأتي الحديث عن مدى خطورة أن تتم تغذية الخلافات وأيضا من المهم معرفة من يباشر أو يساهم في ذلك وكيف يمكن لنا جميعاً لعب دور تجفيف منابع التطرف الذي ولد في الخلاف أو يزيده وما دور وسائل الإعلام والعاملين في المؤسسة الرياضية والجهات الرقابية المختصة على مستوى الدولة والوسط الرياضي والمجتمع ككل. أرى من جانبي أولاً متابعة مثل هذه الأنماط من التصرفات وكشفها من خلال توصيفها بشكل واضح وجلي، إذ لايمكن للضرب في ذمم الناس ولا الإساءة لهم أو إفساد سمعتهم أن يكون نقداً حراً أو مجرد رأي يمكن السماح بتمريره في حوار أو مقال ولا لتشويه الوطن بالاستخفاف بمنجزاته ومسؤوليه يمكن أن يصنف بأنه دور رقابي يلعبه الإعلام ولا استخدام النفوذ في تطويع الأنظمة والقوانين ومحاربة الأقل نفوذاً يعتبر عملاً طبيعياً يمكن السكوت عنه وعدم التصدي له. لنكن صرحاء نحن على خلاف مع بعض لأسباب كثيرة وبالتالي لن تكون هناك حلول لقضايانا إلا بالاعتراف بهذا الخلاف والسعي لفهمه فهماً منطقياً لتطويعه وتخفيفه والاتفاق على خارطة عمل للوصول لتحقيق الأهداف دون أن يجعلنا الخلاف نراوح مكاننا.
مشاركة :