معرض الشارقة للكتاب.. ساحة للتنوير تكشف الفكر الظلامي

  • 11/3/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يوسف أبو لوز الطابع المهني والثقافي العام لضيوف فعاليات المعرض هو التنوّع، الذي أصبح جزءاً مهماً من مكونات شخصية هذا الحدث الثقافي الإماراتي العربي العالمي، وأساس هذا التنوّع يقوم على التخصصات في الدرجة الأولى: الفنون، الآداب، الجانب الأكاديمي، الإخراج السينمائي، التصوير، الترجمة، النقد الأدبي، الصحافة، الفكر، وإلى جانب ذلك التنوّع الذي نلحظه في الضيوف الأجانب ومن بلدان ذات ثقافات عريقة: فرنسا، ألمانيا، لبنان، تركيا.غير أن الملاحظ أن النصيب الأكبر للضيوف غير العرب كان من الهند، فهناك حوالي 35 اسماً تراوح بين الشعر، والبحث الاجتماعي والسياسي، وصناعة الأفلام، والدبلوماسية، وروايات التاريخ والجريمة، والإخراج، وكتّاب السيرة الذاتية.. وإلى آخر هذه التنويعات والتخصصات التي تعكس جانباً بانورامياً من المشهد الثقافي الهندي الواسع، والذي يجد استقباليته الحميمة هنا في المعرض وفي الشارقة وفي الإمارات عموماً، إذا عرفنا أن البلاد تقيم فيها جالية هندية كبيرة تؤم المعرض سنوياً نحو أجنحة مزدحمة دائماً بزوّار ذوي أعمار متفاوتة.. من الأطفال إلى الشباب إلى الكبار ضمن تجمع ثقافي حضاري، هو سمة اجتماعية من سمات المعرض.بالنسبة للضيوف العرب فإن حصة الأسد ذهبت إلى الروائيين، فالعدد الأكبر من الروائيين العرب أصبح المعرض وجهته وموئله: إبراهيم نصر الله.. صاحب المشروع الروائي الفلسطيني الملحمي، والجزائري واسيني الأعرج (أستاذ كرسي في جامعة السوربون والجامعة المركزية في الجزائر).. وصاحب الروايات المتتالية التي كسرت في الإطار العام عزلة الرواية (المغاربية) ومحدوديتها في بلدان المغرب العربي والجزائر تحديداً، ليصبح (روائياً نجماً) في المشرق العربي ووجهاً مألوفاً في الكثير من الفعاليات الثقافية الكبرى المقامة أيضاً في الخليج العربي.. ومن الروائيين أيضاً خليجيون نالوا البوكر العربية مثل عبده خال، وسعود السنعوسي، ومحمد حسن علوان.بكلمة ثانية، ومنذ انطباعات اليوم الأول بدأ المعرض فضاءً ثقافياً مفتوحاً بضيوفه من الروائيين والشعراء الذين حضروا الافتتاح في مناخ تنويري رحب.كما يقال ها هي طيور الشعر العربي تعود إلى أغصان شجرة المعرض ذات الستة والثلاثين عاماً، وما زالت خضراء: سنان أنطون (الشاعر والروائي، أدب عربي من جامعة هارفرد). ثريا العسيلي.. الشاعرة والناقدة المصرية المهتمة أيضاً بالمسرح الشعري عند صلاح عبد الصبور، حسن المطروشي، وسيف الرحبي من سلطنة عمان، وهما اسمان بارزان على صعيد الشعر في السلطنة.. عائشة البصري من المغرب وغير هؤلاء من شعراء جاءوا من مشرق الوطن العربي ومن مغربه ليشكلوا في المعرض (غنائية) شعرية مشتركة.كرّس معرض الشارقة الدولي للكتاب حالة شعرية غنية، وذلك من خلال فعاليات الشعر التي انتظمت في مقاهٍ وأمسيات دورية في السنوات العشر الأخيرة بصورة لافتة، الأمر الذي يعزز مقولة إن المعرض ليس مكاناً لعرض وتداول وبيع الكتاب فقط بل وأيضاً لتعميق مفهوم الثقافة.. ومن المفردات الأساسية للثقافة العربية يأتي الشعر.. بل الشعر -ديوان العرب- هو العمود الفقري لهذه الثقافة قبل الرواية والنقد الأدبي والثقافي، وقبل الفكر والفلسفة.انتبهت الشارقة لهذه الخصيصة الثقافية، وانعكست هذه الانتباهة في آليات المعرض الذي أخذت إدارته تولي الفضاء الشعري اهتماماً خاصاً، سواء في القراءات المنتظمة في الفعاليات أو في التطبيقات النظرية والنقدية في بعض الفعاليات المتخصصة.ثقافة الطفل، ودور النشر المتخصصة في هذا الحقل الحيوي، والفعاليات الحرفية المتوجهة إلى هذا الكائن المستقبلي الجميل، هي على رأس أولويات المعرض الذي استضاف أكثر من 15 متخصصاً أجنبياً في هذا المجال.. ومن الضروري أن نذكر ببعض الأسماء على سبيل المثال لا الحصر ونربط ذلك بطبيعة الفعاليات.. فمن إيطاليا يستفيد أطفال المعرض من الرسامة المتخصصة بالرسوم ثنائية الأبعاد: «فالنتينا غراسو»، وهي متخصصة أيضاً في تصميم القصص، ومن إيطاليا أيضاً يلتقي الأطفال بالرسامة ومحركة الرسوم «بنيديتا فريزوتي»، ومن أستراليا نلتقي مؤلفة كتب الأطفال الدكتورة سالي مورفي، وتقدم راشل روز ريد من (بريطانيا) مجموعة من الأغاني والقصص التفاعلية للأطفال.إلى جانب اهتمام المعرض بثقافة وعروض وورش العمل ذات الصلة بالاحتياجات النفسية والتربوية للطفل، فإن انطباعات اليوم الأول تسجل حضوراً واسعاً لطلبة المدارس الخاصة بشكل ملحوظ من الجنسين، واللافت توجه هؤلاء الطلبة إلى أجنحتهم المتخصصة التي اعتادوا عليها في السنوات السابقة.دور نشر جديدة أضيفت إلى قوائم المعرض وإلى مساحاته الآخذة في التزايد. دول جديدة أيضاً تنضم إلى المشاركات، واهتمام واضح بالكتاب والثقافة الإلكترونية. جمعية الناشرين الإماراتيين ومنذ اليوم الأول تباشر اتفاقيات جديدة تصب في مصلحة تقوية قطاع النشر وصناعة الكتاب في الإمارات، مشاركات رسمية وأهلية وحكومية، ومن القطاع الخاص تعودنا عليها في السنوات السابقة من شأنها أن تكرس ثقافة متخصصة.. مثل الشرطة، والقضاء، والتنمية، والقطاع الطبي، والقطاع التربوي، أجنحة إماراتية نشطة واظبت على طرح عناوينها الجديدة بشفافية وأسعار رمزية.. توقيعات الكتب بدأت هي الأخرى.. وكان أبرزها أمس الأول توقيع كتاب «خريف الإخوان» للكاتب الصحفي محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة الاتحاد، ومن المهم أن نذكر هنا إلى ضرورة التركيز في الأيام المقبلة على كتب من هذا النوع في اتجاه تعرية فكر الظلام الذي يتغذى عليه الإخوان المسلمون.. وعملوا منذ سنوات على نشر عناوين وإصدارات تنهض على التطرف والكراهية.بكلمة ثانية.. المعرض فضاء للتنوير والمحبة والسلام بعناوينه وناشريه وفعالياته.كل ذلك في إطار إدارة مرنة، وقد بدت هذه المرونة في التنظيم، وعلينا أن نشير بحق في اليوم الأول إلى التنظيم الذي احتاج من إدارة المعرض إلى جهد كبير.. فالفعاليات بالمئات، ودور النشر لعشرات الآلاف، والأجنحة مزدحمة بالعناوين، والضيوف من مقر إقاماتهم وحتى المعرض ذهاباً وإياباً.. وضبط دور النشر والحيلولة دون التلاعب بالأسعار والقرصنة والملكية الفكرية.. أقول إن كل ذلك يحتاج إلى تنظيم عالي الدقة وعالي الحرفية.. ونستطيع أن نسجل هنا أن مجريات المعرض.. تنظيماً، وإدارة، وفعاليات، وإرشادات إلكترونية وغير ذلك من متطلبات مهنية.

مشاركة :