يوسف أبولوز هل الرواية.. امرأة؟قد يتبادر هذا السؤال السريع إلى المتجول بتأن في معارض الكتب وهو يتابع صفاً طويلاً من السرديات النسائية العربية وغير العربية.. والنجمة التركية شافاك صاحبة «قواعد العشق الأربعون» تقف على رأس هذا الصف هي والإيرانية آذر نفيسي الرافضة كلياً لتخلف وتعصب ثقافة الملالي والانغلاق المذهبي، ومعهما نجمة روائية عربية أصبحت وجهاً مألوفاً في معارض الكتب.. الجزائرية أحلام مستغانمي التي بدأت حياتها الأدبية شاعرة.. ولو استمرت شاعرة لجلست في المقعد الأخير في ديوان العرب، لكن أنقذها حسها الروائي من إغواءات الشعر، فتوجهت إلى السرد، وأيضاً.. بروح شعرية.لا تتخلى المرأة الروائية عن الشعر، وإلا أصبحت «قرية مهجورة»، وكل امرأة في ذاتها هي مدينة، وأجمل المدن تلك التي تولد فيها الروايات، وأجمل الروايات تلك التي تولد من أصابع النساء.معرض الشارقة الدولي للكتاب «حفلة مفتوحة» للرواية بقلمين متوازيين، قلم الرجل، وقلم المرأة.. غير أن الكثير من روايات النساء لا تكف عن محاكمة الرجل، واعتباره قسراً سلطة ذكورية. وعدد غير قليل من الروايات يدور حول هذه الفكرة التي تصل في ذروتها إلى نوع من تعصب نسائي أو نسوي لحواء.. الضحية مرة، والمقموعة مرة أخرى، والمستلبة أو المحرومة من حقوقها وما أكثر هذه الحقوق.هذه الصورة التي تنبني عليها روايات نسائية ضد الرجل تحمل الكثير من الإجحاف والمبالغة، فالرجل أيضاً ضحية في بعض حالاته الإنسانية، ولا يستحق كل هذا التعذيب المعنوي الروائي.بعض الروائيات يخرجن من هذه الدائرة الضيقة، ويكتبن بأفق إنساني أكثر رحابة وأكثر موضوعية.. هؤلاء يضعن المرأة والرجل معاً في قفص ذهبي لكنه مفتوح الباب والنافذة.. تدخل المرأة من الباب، فيخرج الرجل من النافذة، أو العكس، أو يدخل الاثنان معاً ويخرجان معاً ضمن سردية إنسانية متناغمة مثل تركيب الموسيقى، والبعض يعتقد أن هذه التركيبة الروائية النسائية الموسيقية هي الأكثر مثالية في الرواية العربية.جزء مهم من زمن الرواية اليوم هو جزء نسائي.. فلماذا تقلل المرأة من هذه الأهمية بهجومها المباغت دائماً على الرجل في سرديات مطولة تبدو وكأنها أهجيات.لا يليق بالمرأة إن كانت شاعرة أو روائية أن تحمل بيدها الكرباج أو السوط لتتحول إلى جلادة.. ومثل هذا الجلد مرئي تماماً في نماذج سردية نسائية ينزع رائحة العطر من الكتابة.عطر الكتابة مركب من روح المرأة ومن روح الرجل في إطار توازنية ناعمة رهيفة.. لا غالب ولا مغلوب.. لا جلاّد ولا ضحية.. y.abulouz@gmail.com
مشاركة :