منذ سنوات عدة، وقضية الضمان الاجتماعي للأسر المهجورة تراوح مكانها، برغم أن عددهم زاد إلى أكثر من ٢٨٤٢٥ أسرة في عام 2015، مقارنة مع ٢٤٥٨٣ أسرة في ٢٠١٤، و١٧٠٧٧ أسرة في عام ٢٠١٣.وحسب إحصاءات نشرتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قبل عامين فإن إجمالي ما يصرف على المهجورات يصل إلى ٣١٨ مليون ريال، الأمر الذي يعني أن العدد والقيمة لا يستهان بهما، لذا لم تتردد الوزارة في الإشارة بأصابع الإتهام تجاه مهجورات، واصفة إياهم بأنهم يتحصلون على الإعانات دون وجه حق، مؤكدة أن هناك تلاعبا لدى بعض الأسر للحصول على الاستحقاق، مما يتطلب وقفة وحزما.ولا غريب في الأمر لأن التلاعب كثيرا ما رصدته الوزارة وهو ما يتطلب التعامل معه بقوة من خلال إسقاط آلاف الأسماء التي كانت تصرف الضمان رغم أنها غير مستحقة، وذهبت إلى أبعد من ذلك ببدء رفعها دعاوى قضائية لاسترداد ما تم التحصل عليه بأثر رجعي.لكن الأسر المهجورة التي لم تتلاعب ببيانات، وتتكئ على الإعانات، باتت في حالة من الارتباك، فهي لا تعرف سوى الضمان الاجتماعي ملاذا لتأمين لقمة العيش لها ولأبنائها، وعندما تتقدم بمسوغات الإعانة مرة يشترطون عليهم صكا من المحكمة، فيلوذون بالشكوى لوزارة العدل التي تعرف أن هناك روتينا ربما عقد حصول المستحقين منهم على الضمان، فلانت الجانب لهم، ليأتي قرار وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني واضحا للمحاكم في نهاية مايو قبل الماضي 2016، مختصرا الإجراءات المعمول بها سابقا، والتي لطالما عطلت صرف استحقاق معاش الضمان الاجتماعي للأسرة المهجورة من خلال إلزام صاحب الحالة بمراجعة المحاكم واستخراج صك إثبات حالة اجتماعية فتتعامل المحاكم مع الطلب كدعوى طبقاً للمقتضيات الشرعية.وجاء توجيه وزير العدل لينص على أن يكون إثبات استحقاق الأسرة المهجورة بإقرار اثنين على الأقل من الأقارب بصحة الحالة وفق نماذج وإجراءات تضعها وزارة العمل دون الحاجة لتصديقها من المحاكم أو مطالبة المستفيدين بأي من صكوك إثبات الحالة الاجتماعية.وجاء التوجيه بناء على ورشة مشتركة بين العدل والعمل في يناير 2016 وضعتا خلالها النقاط على الحروف في هذا الشأن.وهنا يصبح الأمر لينا ويكتفى بالشهود، لكن وزارة العمل خرجت بالأمس لتعلن أنها فعلت ما سمته «صك المحكمة» عن طريق إقرار العصبة الذي يقدمه أشقاء المهجورة، وذلك بعد عمل دراسة حالة بوجود شهود عن طريق مكتب الضمان الاجتماعي.ويرى مراقبون أن بيان العمل أعاد القضية إلى نقطة الصفر، إذ جاء غامضا، ليصبح السؤال المطروح، هل فعلوا ما كان يجري سابقا، وألغوا ما اتفقوا عليه مع وزارة العدل، أم أنهم التزموا بما قالوا واتفقوا عليه، لكنهم لم يحسنوا صياغة البيان، فجاء لفظ «الصك» مفسدا لما تم الاتفاق عليه، وأصبح إفطار الأسر المهجورة بعد صيام الأعوام الماضية -مثل المقولة الشهيرة- صاموا وأفطروا على بصلة.
مشاركة :