استقالة الحريري تنهي «التسوية» وتضع عون أمام مأزق

  • 11/6/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ما كان قد حذّر منه مسؤولون لبنانيون مراراً لجهة «سقوط التسوية» التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية وسعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، بات واقعاً مع استقالة الأخير، ما وضع الرئيس عون و«التيار» الذي يمثله في مأزق فعلي، وتحديداً بين «حليفيه» طرفي النزاع «حزب الله» و«تيار المستقبل»، فيما لا يبدو أن تشكيل حكومة لا تمثيل فيها لـ«الحزب» وارد أو ممكن في الوقت الراهن.وإذ صوّب رئيس «كتلة المستقبل» النيابية ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة مباشرة على «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، معتبرا أنهما تعاملا مع «التسوية» كأنها «ضعف أو استضعاف لتحقيق المزيد من المكاسب على حساب الوطن»، أكد القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش أن التسوية سقطت، والأمور وصلت إلى مرحلة اللاعودة والمواجهة باتت محسومة، بينما لا يزال رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يأمل بـ«تخطي هذه الأزمة بالوحدة والحكمة والقوة»، من دون أن ينفي إمكانية الوصول إلى أزمة حكم أو وقوع حرب من الخارج أو فتنة من الداخل، حسب ما قال أمس.في المقابل، ترفض مصادر رئاسة الجمهورية الحديث عن سقوط التسوية، معتبرة أنه من المبكر الحكم على هذا الموضوع، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «خطوات فعلية ومبادرات جدية قد تظهر من شأنها إعادة تصحيح الوضع».وعن تغيير سياسة رئاسة الجمهورية تجاه «حزب الله» أو التوجه إلى تشكيل حكومة لا يتمثل فيها الحزب، قالت المصادر: «كلها أمور من المبكر التطرق إليها اليوم وهاجس الرئيس (عون) الأول والأخير هو المحافظة على الوحدة الوطنية، وهذا الأمر لا يتحقّق بعزل فريق أو آخر».ولم يكن كلام باسيل بعيدا عن هذا التوجّه، معتبرا كذلك أن «أزمة الحكم تحدث عندما يريد أحد الاستفراد بالسلطة واستبعاد اللبنانيين أو قسم منهم»، مضيفا: «نحن نعلم جيدا أن الحكم في لبنان لا يستوي ولا يكون الوضع سليما بإبعاد أو استبعاد أي قسم من اللبنانيين. كل ما حدث قبلا كان خطأ لن يتكرر ونحن مصرون على أن نكون معا في الحكم والحكومة».ويصف القيادي في «المستقبل» مصطفى علوش، موقف رئيس الجمهورية بـ«الحكيم»، محملا إياه و«حزب الله» في الوقت عينه «مسؤولية سقوط التسوية التي بات إنقاذها شبه مستحيل، في ظل استحالة التفاوض مع فيلق عسكري يأتمر بولاية الفقيه». وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس: «التسوية بين الحريري وعون، ومن خلفهما (حزب الله)، كان جزءا أساسيا منها النأي بالنفس وحيادية لبنان، لكن هذا الأمر لم يتحقق وأدى إلى وصول الوضع إلى ما هو عليه الآن واستقالة الحريري». وأضاف: «اليوم بات رئيس الجمهورية و(التيار الوطني الحر) في مأزق حقيقي؛ إذ إن سقوط التسوية وضعت عون الذي كان يستفيد من الطرفين (الحريري) و(حزب الله) للمحافظة على وضعه، رهينة في يد الحزب، وهو ما سيزيد الواقع تعقيدا وصعوبة بالنسبة إليه، وبخاصة أن الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة ونحو المواجهة، وصولا إلى تغيير موازين القوى في المنطقة». حول الحديث عن إمكانية التوصل إلى حل بتشكيل حكومة لا تمثيل فيها لـ«حزب الله»، قال علوش: «هذا الأمر يعني اعترافا بالهزيمة من قبله ومن قبل إيران، وهو ما لن يقبلا به، خاصة وأنهما يعتبران أن فريق الممانعة هو المنتصر».بدوره كان رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع واضحا في تحميله «حزب الله»، مسؤولية ما آلت إليه الأمور، مبديا استغرابه: كيف أن رئيس الحكومة لم يقدم على الاستقالة قبل الآن؟، ومذكراً بموقف «القوات» قبل أسابيع وتهديدها باستقالة وزرائها، قائلاً: «حصلت أشياء كثيرة في الأشهر الثمانية الأخيرة لا تترك المجال لأحد يحترم نفسه أن يتمكن من الاستمرار». واعتبر أن الحريري استقال لأن الحكومة لم تكن قادرة على ممارسة صلاحياتها كما يجب، ولأن هناك حكومة ظل تتخذ القرارات». وعدّد جعجع، أبرز الممارسات التي أدت إلى وصول الأمور إلى هذا الحد، قائلاً: «جيشنا مثلاً توجه إلى القتال في معركة فجر الجرود التي هي من أهم خطواتنا العسكرية، ولكن قام «حزب الله» باستثمار ومصادرة نتائج هذه المعركة، وتفاوض مع فلول «داعش»، وهذا ليس لصالح الشعب اللبناني بل لصالح أمور أخرى لا علاقة للبنان بها، سائلا: «كيف تريدون من رئيس حكومة أن يصمد في ظل تصرفات بهذا الشكل؟»وأضاف: «منذ سبعة أشهر حتى اليوم، يقوم بعض الوزراء بزيارة سوريا ونظام الأسد، وكأن هناك دولة في سوريا، بينما في الواقع هناك جيوش إيرانية، تركية، أردنية، أميركية وروسية، وفي الوقت عينه يضغطون من داخل الحكومة لتعيين سفير للبنان في سوريا ليقدم أوراق اعتماده. واعتبر أن الحل يكون «بدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى طاولة حوار ببند وحيد على جدول أعمالها هو كيفية العمل لوضع خريطة طريق للانتقال من وضع نصف دولة إلى دولة فعلية، مع كل ما يعنيه هذا الكلام، وإلا سنبقى مستمرين على المسكنات والمهدئات، بينما المرض يفتك بلبنان من حصارات وعقوبات وغياب سياح واستثمارات وأموال ضائعة وغيرها، فلماذا علينا أن نتحمل كل ذلك؟ من أجل معادلات يسمونها ذهبية بينما في الواقع هي خشبية أو بالأحرى تدميرية؛ وأكبر دليل هو الوضع الذي أوصلتنا إليه».

مشاركة :