القاهرة: محمد حسن شعبان قالت مصادر مطلعة في حزب النور السلفي في مصر أمس، إن الحزب يتجه إلى المشاركة في لجنة لتعديل دستور البلاد المعطل، في خطوة من شأنها أن تدفع قدما بالعملية السياسية في البلاد التي تشهد اضطرابات وأحداث عنف منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وتم تعطيل العمل بالدستور في 3 يوليو (تموز) الماضي، عقب اجتماع بين قادة الجيش وقوى سياسية من بينها حزب النور، أنهى حكم مرسي بعد عام من انتخابه، تحت الضغط الشعبي. وتحفظ حزب النور على مسودة أولية صدرت عن لجنة مشكلة من فقهاء دستوريين (لجنة الـ10)، بسبب حذف مادة مفسرة لمبادئ الشريعة في دستور 2012 المعطل، لكن لا يزال أمام لجنة أخرى مشكلة من 50 شخصا (يمثلون أطياف المجتمع) حذف أو إضافة أو تعديل مواد في المسودة التي اقترحتها لجنة الـ10. وفي موقف رسمي للحزب، قال عبد الله بدران عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، إن الحزب لم يقرر بعد المشاركة في لجنة الـ«50»، مشيرا إلى أن الأمر ما زال تحت الدراسة والبحث والتشاور. لكن قياديا في «النور» رجح أن يشارك الحزب في لجنة الـ50، قائلا إن حزب النور بحكم طبيعته يميل للمشاركة.. «كانت لدينا تحفظات كثيرة على إدارة الرئيس مرسي، لكننا شاركنا في كل الدعوات التي وجهت لنا». وأضاف: «لجنة الـ50 تملك حق التعديل على مسودة لجنة الـ10، وهذا أمر مشجع، لكن الخشية التي يبديها البعض من المشاركة تتعلق بعدد الشخصيات التي ستشارك عن القوى الإسلامية في اللجنة». وأبدت مؤسسة الرئاسة ترحيبها بالجدل السياسي حول التعديلات الدستورية، وقال أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت عدلي منصور، إن هناك عودة للحياة السياسة إلى مصر بمفهومها الحقيقي، بعد مرحلة سيطرت فيها العناوين الأمنية على المشهد السياسي بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013. وأضاف المسلماني خلال مؤتمر صحافي في قصر الاتحادية، أنه في إطار عودة السياسة إلى مصر فإن هناك جدلا حول مادة الشريعة الإسلامية ومادة الـ50% عمال وفلاحين (الخاصة بالتمثيل الفئوي في البرلمان) وحول طبيعة النظام وما إذا كان رئاسيا أو برلمانيا. وتابع: «إننا تجاوزنا منطقة الأوحال والمستنقعات والأزمة الصعبة»، مشيرا إلى أنه خلال تلك الفترة حاول البعض كسر الجيش، وأكد أن الذين يحاولون ذلك يقعون فيما اعتبره «سلة قمامة واحدة مع التتار والصليبيين (في إشارة تاريخية لتصدي الجيش في مصر لهجمات على المنطقة عبر تاريخها)». من جانبه، وصف الدكتور وحيد عبد المجيد القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم أوسع تحالف للقوى المدنية، قرار حزب النور بالمشاركة في لجنة الـ50 بـ«الخطوة الإيجابية»، مشيرا إلى أنها تعني أن العملية السياسية في البلاد تسير في الطريق الصحيح. وشارك عبد المجيد بفعالية في الجمعية التأسيسية التي كتبت الدستور، قبل أن يعلن انسحابه مع رموز القوى المدنية الأخرى من الجمعية احتجاجا على مواد بالدستور من بينها المادة المفسرة (المادة 219). وقال عبد المجيد، إن «بقاء المادة كما هي في الدستور الجديد صعب، لكن يجب أن تبدي القوى الديمقراطية من جهتها مرونة، كما يجب أن يبدي حزب النور بدوره مرونة أيضا، فنحن نحتاج إلى أوسع مشاركة ممكنة خلال الفترة المقبلة». وتابع: «تقدمت بحل يمكن أن يتم من خلاله تجاوز هذه العقبة مفاده أن تقوم لجنة من الأزهر بإعادة صياغة المادة بحيث تدمج في ديباجة الدستور الجديد». ويرى مراقبون، إن مشاركة حزب النور في المرحلة الانتقالية من شأنها أن تقلل مخاوف بشأن إقصاء القوى الإسلامية من المشهد السياسي في البلاد، خاصة في ضوء المواجهة بين السلطات الجديدة وجماعة الإخوان المسلمين، التي تتهمها الحكومة المؤقتة بانتهاج العنف. وفي غضون ذلك، واصلت السلطات المصرية حملاتها الأمنية لملاحقة قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي يحاكم مرشدها العام واثنان من نوابه بتهم القتل والتحريض على القتل، في أعنف أزمة سياسية تعصف بالجماعة. وألقت أجهزة الأمن في القاهرة القبض على محيي حامد، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان (أعلى سلطة تنفيذية في الجماعة) في مدينة نصر (شرق القاهرة) مساء أول من أمس، التي اختبأ بها معظم قيادات الجماعة عقب فض اعتصامهم في ميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة) يوم 14 الشهر الحالي. وقال مصدر أمني إن حامد، الذي شغل منصب مستشار الرئيس السابق مرسي، سيحال إلى نيابة أمن الدولة العليا طوارئ بتهمة التخابر وزعزعة الاستقرار. وعلى الصعيد نفسه، قالت مصادر أمنية إنه تم إلقاء القبض على عمار نجل القيادي الإخواني محمد البلتاجي من منزل بمحافظة بني سويف (وسط مصر) أمس. وأضافت أن عمار (22 عاما) وهو طالب في كلية طب الأسنان ألقي القبض عليه مع عدد من قادة جماعة الإخوان بالمحافظة؛ هم «الدكتور محمد عصام أحمد إبراهيم، وطارق مصطفى محمد الديري، وبلال يونس، ومحمد حسين عبد العظيم، أثناء اختبائهم بمنزل الأخير بمنطقة الحمرايا شرق النيل ببني سويف». وأوضح المصدر أن «التهم الموجهة لنجل البلتاجي والقيادات الأخرى التي كانت بصحبته هي التحريض على العنف خلال المظاهرات والمسيرات التي انطلقت في أماكن عدة بالمحافظة أخيرا». وتسعى القوى الأمنية للقبض على البلتاجي (الأب) المطلوب لسلطات التحقيق في اتهامات بالتحريض على القتل والتعذيب. وفرضت قوات الأمن بمحافظة الشرقية، أمس، كردونا أمنيا على قرية سعود التابعة لمركز الحسينية، في حين حلقت طائرات حربية في سماء القرية، بعد أن ترددت أنباء عن وجود البلتاجي بها. كما ألقت قوات الأمن أمس أيضا القبض على داود أبو شنب، القيادي بالسلفية الجهادية، والذي وصفه مصدر أمني بأنه «الذراع اليمنى لشقيق زعيم تنظيم القاعدة محمد الظواهري»، الذي تم توقيفه في وقت سابق من الشهر الحالي. وقال المصدر الأمني إنه جرى إلقاء القبض على أبو شنب داخل شقة بمدينة نصر، وأن السلطات وجهت له اتهامات بإمداد معتصمي رابعة العدوية بالسلاح.
مشاركة :