أبوظبي - توقع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في أبوظبي الخميس الانتصار بشكل كامل في المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق خلال الأشهر المقبلة، إلا انه رأى أن هذه الانتصارات لا تعني نهاية تهديد المتطرفين. وكان ماكرون يتحدث في قاعدة "معسكر السلام" في ميناء زايد في أبوظبي في أول زيارة له إلى الشرق الأوسط منذ انتخابه رئيسا في أيار/مايو الماضي. وصعد ماكرون على متن الفرقاطة "جان بار" التي يعمل فيها 190 عسكريا وتتركز نشاطاتها على "منع التهريب ومكافحة الإرهاب". وأمضى نحو ساعة داخل الفرقاطة قبل أن يلقي كلمة في الساحة الرئيسية للقاعدة أمام مجموعة من العسكريين الفرنسيين. وقال ماكرون "لقد انتصرنا في الرقة وفي الأسابيع المقبلة والأشهر المقبلة أتوقع الانتصار العسكري الكامل في المنطقة العراقية السورية". وأضاف "لكن هذا لا يعني أن المعركة انتهت"، مشيرا إلى أن "التصدي للجماعات الإرهابية سيكون عنصرا رئيسيا مكملا للحل السياسي الشامل الذي نريد أن نراه يتحقق في المنطقة". وفي السابع عشر من تشرين الأول أكتوبر، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن سيطرتها بالكامل على مدينة الرقة التي كانت تعد أبرز معقل لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا منذ العام 2014. وجاءت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على المدينة بعد أربعة أشهر من معارك عنيفة خاضتها ضد مقاتلي التنظيم بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة أميركية ومشاركة فرنسية. وتحدث ماكرون عن هجمات شهدتها فرنسا "جرى التخطيط لها وتنظيمها والإشراف عليها" من الرقة، مضيفا "بعد عامين من هذه الهجمات انتصرنا". وتوجه إلى العسكريين الفرنسيين بالقول "انتم الخطوط الأمامية للدفاع عنا وانتم الضمانة للتحرك سريعا في حال وقوع طارئ". وخسر تنظيم الدولة الإسلامية معاقل رئيسية له في سوريا والعراق خلال الأشهر الماضية في مقدمتها مدينة الموصل العراقية. وكان الرئيس الفرنسي وصل إلى العاصمة الإماراتية مساء الأربعاء لافتتاح متحف اللوفر ابوظبي. إلا أن زيارته تأتي في وقت تشهد المنطقة أزمة دبلوماسية كبرى بين قطر ودول خليجية، وتصعيدا في اللجهة بين السعودية وإيران، وحربا مستمرة على تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى. وعقد ماكرون محادثات مع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وناقشا تطورات الأوضاع في المنقطة. وقبيل الزيارة إلى ابوظبي، وصف قصر الإليزيه العلاقات الثنائية بأنها "وثيقة ومنتظمة ومتنوعة". وتؤوي أبوظبي الوجود العسكري الفرنسي الوحيد خارج البلاد باستثناء إفريقيا. وينتشر نحو 700 عسكري ضمن "القوات الفرنسية في الإمارات العربية المتحدة" في قاعدة الظفرة إلى جنوب أبوظبي، من حيث تنطلق طائرات رافال التي تقصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، وفي قاعدة ميناء زايد البحرية قرب العاصمة. ويشبه هذا الوجود العسكري أحيانا بـ"حاملة طائرات ثانية" لفرنسا تسمح لها بالتواجد في منطقة الخليج وشمال المحيط الهندي، وهي منطقة إستراتيجية يمر عبرها قسم كبير من التجارة العالمية. والإمارات هي ثاني شركاء فرنسا التجاريين في الخليج بعد السعودية، وقارب حجم المبادلات التجارية بينهما 4.7 مليارات يورو عام 2016، وشمل مجالات متنوعة من صناعات الطيران (تسلمت شركة طيران الإمارات حتى الآن مئة طائرة إيرباص 380) إلى الكماليات، ما يمثل بالنسبة لفرنسا رابع فائض تسجله في العالم. وبعد بيعها طائرات رافال القتالية منذ 2015 لقطر (24) ومصر (24) والهند (36)، تأمل فرنسا الآن في إقناع الإمارات بشرائها، غير أن المفاوضات بهذا الشأن تتواصل منذ سنوات ولا أحد يعرف متى يمكن أن تفضي إلى إبرام صفقة. وسيتم التطرق إلى المسألة خلال زيارة ماكرون، غير أن قصر الإليزيه حذر منذ الآن من أنه "لن يتم إصدار أي إعلان" هذا الأسبوع. وقال ماكرون في القاعدة الواقعة قرب متحف اللوفر أن وجود فرنسا العسكري في الإمارات "أساسي لمصالحنا"، مشيدا بالتعاون العسكري مع دولة الإمارات والدول الخليجية الأخرى.
مشاركة :