الفرد المثقف في المجتمعات التقليدية - مها محمد الشريف

  • 9/13/2014
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

إن الأمة في العصر الحديث حوّلت الدول إلى كيانات قومية، وجعلت من الطاقة خاصية من خصائص الكائن الحي لتلبية الحاجة من أجل البقاء، وفرضت سياستها وسيادتها على الخارطة لمواجهة الصراع في العالم، وترجمة الاستجابة للمؤثرات التي ترتبط بالجسد ودوافعه بجميع الحالات بما فيها العاطفة المفرطة في الرغبة وحب الحياة، ثم إلى مطالب تعمل على تنفيذها استجابة للحاجة الكونية التي ترتبط بالعصر الحديث ارتباطاً وثيقاً، فلاشك أن هذه الروابط قد تأثرت بالثقافة، واستمدت تطورها من السلالات، فغالباً ما ينشأ انفصال بين الأجزاء ويتقدم بعضها على بعض، ما يُحدث انعكاساً للمؤثرات وردة الفعل غير المتوقعة، وقد يكون هذا الانفصال فظاً للغاية، يبعد الإنسان عن الطبيعة فينتاب السلوك تغير رجعي أشد تعقيداً. فعندما يستثمر المثقف وعيه في مشاركة ومقاسمة الناس قضاياهم ليعبر عن مسؤولية الإنسان إزاء الآخرين، فإنها لا تخلو من الالتزام الأمثل، وتفرض عليه ضوابط دقيقة لا تخلط بين الفكر والموقف، وثمة ضرورة لا بد من الاعتراف بها عند غياب سمة أساسية كانت مفقودة، ما يجعل عوائق الالتزام التي تواجه الأعضاء الفاعلين في المجتمعات أكثر تهوراً، وقد تكون معرضة لمجابهة الإقصاء والإيقاف، فكثيراً ما تقترن الأحاديث عن خصوصية التجارب، وتقود إلى دليل يرشد سلامة الأفهام والإدراك، ويمهد الطريق نحو التعقل والنجاح بدلاً من العزف على طبل لا لحن له، ولا شك أن المحتوى يُشير إلى التغاضي عن الإفلاس المنصرم، ويفتح أفقاً عاماً له شروط تعمق الالتزام المقترن بحسن النية وليس التسلط والتعالي، وعلاقة ترصد التحولات بين المثقفين والجماهير، والدور الكبير الذي شجع المجتمعات على التعبير والإفصاح عن مطالبهم. فلا وجود لإنجاز إلا بواسطة الآخرين، والمسؤولية تتأسس على الوجود المشترك، فكثيراً ما يقع الناس في الخلط بين المسؤولية الشخصية وبين الإنتاج البشري، ولكن يجدر بنا القول هنا، إننا إذا سلمنا بتخفيض المعايير أصبح السحب على جوائز متواضعة، لا تتوافق مع الجهود المبذولة. فقد أحببنا الحياة التي كانت ومقتنا كل ما هو قادم لبؤس النتائج وليس لمقت الجديد، فحضور الزمن في أفعال الناس يدين كل الأعمال المتخلفة، والسلبيات المتتالية، ويدفع نحو التساؤل عن الدور المفترض القيام به في صناعة التاريخ والمسؤولية المترتبة عليه. فهل ينبغي التعلق بمزيد من الأمل دون وسائط، والاعتماد على جهد محض كمحرك أساسي يؤكد التعايش الذي يمثل الواقع التقني، أم أن المقتضى الأساسي يحث على كتابة الأهداف فقط، ويحذر من تجاهل مخاطر الإحباط فهناك من يسوّق لخصومة بين الأقوال ويتجاهل الحوار، فيما ذكر كارل ياسبرز أن الناس يحاولون بصفة دائمة تجاوز حدودهم من خلال العلوم والدين والفلسفة، ولكنهم يعيشون تجربة الفشل أو خيبة الأمل، حيث جعل الحوار أساس التفاهم عندما قال: (إن كل ما لا يتحقق في النقاش هو بلا وجود، فالحقيقة تبدأ بوجود شخصين).

مشاركة :