دور المثقف في محاربة الإرهاب - مها الشريف

  • 8/28/2014
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

إن الفضيلة الأخلاقية تعتاد عليها النفس طوعاً دون متاعب، فالحياة تختلف باختلاف الناس وما يصاحبهم ويصادفهم من الأخطاء. وفي الواقع ان الحياة تقتضي التغيير، ما يجعلنا نعي معنى المخاطرة، وترتبط الثقة بالخشية من القادم، مهما كانت الأوضاع متطورة ومتناغمة، فإن الإنسان قد خلق أن يكون عاقلاً يحمل على عاتقه مسؤولية ذاته وحياته ومنطقيته، ولكن ما يحدث له من الحالات التي تواجهه من الناس، تحتم عليه المشاركة وتحمله قرار الجماعة. ولهذا السبب يندمج في غاياتهم ويصاحب ظروفهم، بمزيد من الشجاعة والخوف في آن واحد، فالشجاعة كما قال "أفلاطون " تغذي الحروب وتولد الخوف، ما يدل على الإفراط والتفريط. فالتحرر الحقيقي من سلطة الخوف، يعطي نتائج إيجابية حيث تجد الفرد مستقرا ذاتيا لا يخشى المستقبل، ويعكس فكراً لا يحتاج إلى التصويب والتعديل، وينتج بشكل جيد، ويحافظ على سلامة استقلاله واستدلاله. إذن، فمن الضروري جداً سلامة الخطاب والتزامه بقواعد الحياة المنطقية، التي تؤهل المجتمع والأسرة إلى وجود سليم، ينعكس على الأبناء ويستأصل الفساد من العقول، ويعرّف الاستدلال التائه الذي أجبر الكل على التحدث بمفردات أكثر تعقيداً، إلى أن تفاقمت المغالطات وأنتجت خلايا إرهابية ترهب الأسرة والدولة والعالم برمته، لأن هناك فكراً مرتبكاً تحوم حوله الشبهات. إن من شأن عملية التثبت هذه، أن تضع دراسة على الأسماء التي انتحلت هذه الصفات ودمرت الأدوات الممكنة وولدت معنى غير قادر على الصلة بفضاء رحب ومتسامح، عوضاً عن فكرة الموت التي تلوح في أفق هؤلاء. لذلك ينبغي استثمار هذه المغالطات كمعطى لحل الأزمة الكبيرة في الذوات المريضة، ومعرفة أساس الخلل، وإعادة إنتاج الالتباسات، وضروب الخطاب الدافع إلى تكريس جهود العقل دون وعي، ووقوع الأفراد كضحايا تم دحضهم كمراهنة على ظروف وأهداف غامضة، يراد بها تدمير أمن الدولة والمجتمع والأسرة. فالتأسيس الوطيد لكل المواقف الإنسانية يحتاج قوة جبارة تحول بينه وبين الوعي المتناقض، والذي تديره أجندة خفية، تقتني بضائع قديمة بائرة لا تصلح للعصر، وتبحث عن مستهلكين يافعين لا يريدون ترك أي شيء يفوتهم بحكم قلة خبرتهم، لينتزع العنف من نفوسهم ويوظفه تجاه الآخرين والمؤسسات، فعلينا محاربة هذا الإرهاب الذي قسم الأحكام والتصورات إلى قناعات أضحت سائدة باسم الدين. أما السؤال المحير هنا: هل يكفي أن تسود هذه القناعة دونما عقاب؟ أم تكتفي الناس أن تجمع على الأخطاء فقط التي ترتكب بدعوى باطلة، تقتل الأبرياء وتفتك بالقوانين وتعيق تنمية الدولة، وتعرقل تاريخ الفكر، وتراجع القيمة وإبعادها عن الأصل. وبالتالي يمكننا أن نفترض أن للمثقف دوراً سياسياً، يستطيع إقامة الحجة على بعض المشاهدات والأخطاء التي تُمارس بحق المجتمع والدولة، والإشارة إلى مسألة الفروق العقلية المتشددة بين الناس، وتعزيز التعاون مع الجهات المختصة، للتغلب على بوادر الإرهاب الكامنة والمتجددة.

مشاركة :