السينما تحيي الشارع بقلم: محمد ناصر المولهي

  • 11/13/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

الحركية الثقافية والفنية التي خلقتها الأيام، كانت من أبرز ما يحسب لها، حيث أحيت قاعات السينما بشكل لافت، كما أحيت عروض الشارع شغف الجماهير بالسينما.العرب محمد ناصر المولهي [نُشر في 2017/11/13، العدد: 10811، ص(15)] اختتمت السبت بالعاصمة تونس الدورة 28 من أيام قرطاج السينمائية، بعد 8 أيام من الحركية الكبيرة التي ضختها في شوارع العاصمة، وحتى في الجهات التي انفتحت عليها. الأيام أحيت مظاهر جميلة في شوارع ومقاهي تونس، جمهور غفير يتابع الأفلام بشغف، حتى أن الجو الماطر، لم يمنع الكثيرين من الاصطفاف لاقتطاع التذاكر أو الدخول إلى فيلم. ولو أن الأفلام التي عرضت شهدت إقبالا متفاوتا، وهذا طبيعي جدا. هذه الدورة قال عنها مديرها الجديد نجيب عياد، إنها دورة العودة إلى الأصل وإلى أفلام الجنوب، شهدت فعلا تقليصا في الحضور العربي والأوروبي الذي طغى سابقا، حتى أنه كاد يمحو الوجه الحقيقي للمهرجان، كتظاهرة تعنى بأفلام الجنوب، والتي تحمل هواجس ونضالات وهموم شعوبها. وفعلا حققت ذلك، في حضور لأول مرة للسينما الجنوب اميركية ممثلة في الأرجنتين. الحركية الثقافية والفنية التي خلقتها الأيام، كانت من أبرز ما يحسب لها، حيث أحيت قاعات السينما بشكل لافت، كما أحيت عروض الشارع شغف الجماهير بالسينما. لكننا نردد كما يقول الجميع: لماذا لا تتواصل هذه الحركية على مدى العام مادام هناك جمهور سينما بهذا العدد والشغف والحب؟ ربما الإجابة تبرز في الأيام في حد ذاتها، فرغم محاولة المنظمين الناجحة تقديم دورة استثنائية من حيث التنظيم، إلا أنها لم تخلُ من نقائص وبعض الفوضى أحيانا. خاصة في متابعة الأفلام والتأخير الذي يحصل، وفي نقص عدد شبابيك التذاكر، ما يجعل المتابعين ينتظرون في طوابير طويلة لاقتطاع تذكرة، بينما يمكن التفكير لاحقا في جعل الأمر أيسر على النت. حيث نشط هذا العام الموقع الإلكتروني للمهرجان، ما يسّر انتشار المعلومة، وربما لو يتم العمل أكثر على الموقع وتحيينه، إضافة إلى ترسيخ النشرية اليومية التي كانت فعلا مميزة هذه السنة، مقدمة لمحات ومتابعات يومية للأفلام. مشاكل الجمهور كثيرة، وربما لو تتركز الإدارة للعمل على مدار العام يكون الواقع أفضل، فتخرج السينما من جوها المناسباتي لتصير عادة حقيقية، من خلالها يمكن تحقيق مشهد ثقافي له عمقه المؤثر والدائم. ما يمكن ملاحظته أيضا هذه السنة هو الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، حيث تميزت أغلب الأفلام القصيرة بضعف وسطحية كبيرين، إضافة إلى أن بعض الأفلام المشاركة في مسابقة الأفلام الطويلة كانت دون المستوى، في المقابل كانت الأفلام الوثائقية أكثر اتزانا. وربما يعود ضعف بعض الأفلام إلى تغليب الجانب الجغرافي على القيمة الفنية، وهو ما يمكن تلافيه، لتقديم مادة سينمائية تليق بأيام قرطاج التي بدأت تستعيد عمقها بابتعادها عن البهرج التي كانت رازحة تحته. من ناحية أخرى، تفاجأنا جميعنا بنتائج المسابقة، وربما كانت خيارات لجنة التحكيم مختلفة عن خيارات الجمهور والمتابعين والفنانين، لكن رغم ذلك فإنه لا يمكن إنكار تفوق أفلام المشرق، مثل اللبناني “القضية 23” والمصري “شيخ جاكسون”، على أفلام المغرب والأفلام الأفريقية هذه السنة، لكن ربما بما أن المهرجان يريد الخروج من القالب العربي والأوروبي، وخير تشجيع السينما التونسية، التي كانت مشاركتها هزيلة فنيا بطرحها السطحي. الجزائر التي كانت من ضيوف شرف هذه الدورة لم تقدم السينما التي عهدناها، في إطار المسابقة الرسمية، بل إن أحد الأفلام بعنوان “طبيعة الحال” تسبب في سخط كبير لدى الجمهور الذي غادر القاعة مجمعا باختلافه على أن الفيلم مهزلة في حق السينما الجزائرية العريقة. من جانب آخر لم تنشط السينما في الجهات بشكل فاعل، وربما يعود هذا إلى استغلال أصحاب دور السينما الخاصة، مثل سينما سينيستار في محافظة المنستير، للتظاهرة لتحقيق ربح مادي بالترفيع في ثمن التذاكر، واحتكار العروض بالدعوات بدل فتحها للعموم. ويبدو أن الإدارة الحالية للمهرجان مقبلة على إصلاحات جوهرية، تستحق بعض الوقت، وهذا ما يجعلنا، ننادي بأن تشتغل لجنة التنظيم على مدار العام، وأن تنفتح نشاطاتها حتى على ما قبل المهرجان وما بعده. شاعر تونسيمحمد ناصر المولهي

مشاركة :