يرى محللون انه ليس امام القوى الغربية سوى خيارات عسكرية قليلة في سوريا، وان شن هجمات بصواريخ طويلة المدى قد يكون افضل طريقة تجعل الرئيس السوري بشار الاسد يدفع ثمن استخدامه المفترض لاسلحة كيميائية. وحذرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا انها لا يمكن ان تتغاضى عن الهجوم بغاز سام على ريف دمشق الاسبوع الماضي والذي اسفر عن مقتل المئات، بحسب ما افادت مصادر طبية ومن المعارضة السورية. الا ان الخيار العسكري يحفل بالمخاطر، ويجب ان يتركز التاكيد على تجنب التصعيد في النزاع الذي تقول الامم المتحدة انه ادى حتى الان الى مقتل اكثر من 100 الف شخص وزاد من التوترات المذهبية في المنطقة، بحسب محللين. تقول فيفيان برتوسو رئيسة المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في بروكسل "نحن في وضع لا ترغب فيه اي من القوى الغربية التدخل، لكن استخدام اسلحة كيميائية، اذا تاكد، يجبرها على التدخل لفعل شيء ما". غير ان مسؤولين عسكريين اميركيين كبارا حذروا مرارا من خطر الانجرار الى النزاع في سوريا، وقالوا ان فرض منطقة حظر طيران وشن هجمات على مواقع الاسلحة الكيميائية التابعة للنظام، تحتاج الى التزام طويل الامد ومكلف. وفيما عدا هذا النوع من التدخل، فانه من المرجح ان تعتمد الولايات المتحدة وحلفاؤها المقربون على اطلاق صواريخ كروز تستهدف القوة العسكرية للأسد، بحسب محللين. وقال جوناثان باريس المحلل البارز في معهد المجلس الاطلسي الفكري "الهدف هو العقاب وليس تغيير النظام وليس اخلال التوازن لصالح المعارضة". واضاف باريس ان على الغرب التحرك ولكن عليه ان يوضح كذلك انه يقوم بتدخل محدود يهدف الى معاقبة الاسد وحماية المدنيين. وقال ان ذلك سيحمل رسالة مفادها انه "لن تستطيع الافلات من العقاب في حال قمت بشن هجوم كيميائي غير مبرر على المدنيين". واضاف "اذا لم تفعل ذلك، فانك تعطي رخصة للاسد ولكل دكتاتور اخر" بفعل ما يريد. من جانبه قال ماركوس كيم من معهد اس دبليو بي الذي مقره برلين ان فرض منطقة حظر طيران ومناطق عازلة "يحمل مخاطر كبيرة" ويجب ان يكون الهدف توصيل رسالة سياسية للاسد. واوضح ان "الخيار الواقعي الوحيد هو شن هجمات من البحر ضد مخازن الذخيرة وهياكل القيادة في الجيش السوري". ويمكن كذلك اطلاق صواريخ طويلة المدى من طائرات اميركية لتقليل مخاطر الدفاع الجوي السوري القوي على الطيارين الاميركيين او طياري الدول الحليفة، بحسب محللين. وقال ان ذلك يجب ان يكون عاملا رئيسيا يؤخذ في الاعتبار، فخسارة طائرات او طاقمها يمكن ان يشكل امتحانا لعزم الغرب الذي تعب من "الحرب العالمية على الارهاب" والحروب الدموية الي لا تنتهي في العراق وافغانستان. ولم يطلق الاسد تهديدات فارغة الاثنين عندما قال ان واشنطن "ستصطدم بالفشل" اذا ما هاجمت سوريا كما حدث لها في فيتنام. ولفت الاسد الى "الحصاد المر والنتائج السلبية لما جرى في ليبيا ومصر" مشيرا الى ان الغربيين "يمكنهم بدء اي حرب لكن لا يمكن لهم ان يعرفوا الى اين ستمتد او كيف لها ان تنتهي". كما ان تحذيرات روسيا المباشرة من "العواقب الخطيرة للغاية" لاي عمل عسكري غربي في سوريا، اكدت على المخاطر السياسية والاستراتيجية لمثل هذا العمل. وقال باريس وبرتوسو ان الغرب لا يحتاج الى الحصول على موافقة الامم المتحدة مثلما حدث في حملة القصف التي قادتها الولايات المتحدة على كوسوفو في 1999 لاجبار القوات الصربية على الانسحاب، رغم ان مثل هذه الموافقة يمكن ان تشكل غطاء سياسيا مريحا، ولكن المشكلة تكمن في ان روسيا ستعارضها بشكل شبه مؤكد. ويدرس المسؤولون الاميركيون عملية كوسوفو التي يمكن ان تستند اليها خطة محتملة لشن هجمات على سوريا دون الحصول على موافقة من الامم المتحدة. كما يتعين على الادارة الاميركية اذا ما ارادت شن حملة قصف على سوريا، دراسة التاثيرات المحتملة لهذه الحملة على الدول المجاورة لسوريا مثل لبنان والاردن وتركيا اضافة الى مصر.
مشاركة :