الحكومة الجزائرية تستغل الحملة الانتخابية لتمرير قانون الموازنة بقلم: صابر بليدي

  • 11/14/2017
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

الحكومة الجزائرية تستغل الحملة الانتخابية لتمرير قانون الموازنةتسير المناقشات العامة في البرلمان الجزائري، حول لمشروع قانون الموازنة العامة للعام الجديد، وفق الأجندة الزمنية والأهداف التي خططت لها حكومة أحمد أويحيى، حيث وظفت انشغال الطبقة السياسية والكتل النيابية بالحملة الدعائية للانتخابات المحلية، لعرض مشروع الموازنة، من أجل تمريره بأقل التكاليف والانتقادات.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/11/14، العدد: 10812، ص(4)]صفة النائب لا تكفيهم الجزائر- تفاجأ المتابعون للشأن السياسي في الجزائر، باستمرار جلسة مناقشة قانون الموازنة العامة للعام 2018، في قاعة خاوية بسبب تغيب النواب وانشغالهم بالحملة الدعائية للانتخابات المحلية المقررة في الـ23 من الشهر الجاري. ومن ضمن أكثر من 460 نائبا يمثلون التعداد الكلي للمجلس الشعبي الوطني، لم يحضر جلسة الإثنين إلا نحو سبعين نائبا أغلبهم من أحزاب السلطة، والآخرون من بعض كتل المعارضة والمستقلين. وحسب مصدر من إدارة البرلمان، فإن الحكومة تريد توظيف تفرغ الكتل السياسية والنواب للحملة الانتخابية، لتمرير مشروع القانون، دون تعديلات أو نقاش سياسي قد يؤثر على أداء الشارع في الانتخابات المحلية المقبلة، ولذلك تم اختزال المدة المخصصة للمشروع من 15 يوما إلى 3 أيام. وكانت الحكومة قطعت البث التلفزي لجلسات المناقشة، من دون تقديم تبريرات، إلا ما وصفته بعض الأوساط السياسية والإعلامية بـ”التعتيم على المشروع، حتى لا يتأثر الشارع بالأحكام الجديدة، وحزمة الإجراءات غير الشعبية، المتخذة من طرف حكومة أحمد أويحيى، لمواجهة أعباء الأزمة الاقتصادية”. وأدانت حركة مجتمع السلم، في بيان اطلعت “العرب” على نسخة منه، لجوء الحكومة إلى قطع البث التلفزي لجلسات المناقشة، واعتبره رئيس كتلتها النيابية ناصر حمدادوش “خطوة للتعتيم على الرأي العام، والخوف من إطلاع الشارع الجزائري على مواقف التيارات السياسية المعارضة للمشروع”. ويرى مراقبون أن الحكومة ومن ورائها الأحزاب السياسية الموالية لها، تريد تمرير المشروع في أسرع وقت وفي دوائر مغلقة، كي لا تتأثر حظوظها في الانتخابات القادمة، كون تزكية الإجراءات غير الشعبية المقررة، لن تتم بدون الموقف المؤيد لأحزاب الأغلبية، مما سيؤثر على حظوظها في الاستحقاق القادم. وغابت عن جلسات المناقشة غالبية الكتل النيابية للأحزاب الممثلة داخل البرلمان، على غرار حزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية وغيرها، بينما أوعزت أحزاب الأغلبية إلى بعض نوابها بحضور الجلسات. وهو ما سيزيد في حجم الهوة بين الشارع والطبقة السياسية، بالنظر للانشغال بالحملة الانتخابية، على حساب أخطر المشاريع المتعلقة بحياة المواطنين، الذين عادة ما يصفون ذلك بـ”تفضيل المصالح الحزبية على حساب مصالح المواطن”. وانتقد النائب عن جبهة المستقبل الحاج بلغوتي مشروع قانون الموازنة الذي أعدته الحكومة، على خلفية ما أسماه بـ”البحث عن الحلول السهلة المتمثلة في سن الضرائب، والرفع العشوائي لدعم المواد ذات الاستهلاك الواسع، بدل الاجتهاد في إيجاد البدائل الحقيقية القائمة على الاستثمار في الإنسان الجزائري”. وقال في تصريح لـ”العرب”، إنه “كان على الحكومة وضع آليات حديثة لإصلاح هيئات التسيير المهترئة ومحاربة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، لتوفير موارد مالية جديدة، بدل اللجوء في كل مرة إلى جيوب الطبقات الاجتماعية الهشة، وإلى الرفع العشوائي لدعم المواد ذات الاستهلاك الواسع”. وتضمن قانون الموازنة العامة ضرائب جديدة على المواطنين، على غرار التبغ والمشروبات الكحولية، والمعاملات القنصلية ووثائق السفر، واقتناء السيارات التي يفوق سعرها 20 ألف دولار، فضلا عن إقرار زيادات جديدة في الوقود ومواد الطاقة، مما يهدد بارتفاع أسعار النقل العمومي والأنشطة المعتمدة على البنزين. كما فرض القانون الذي اعتمد سعرا مسبوقا للعملة المحلية مقارنة بالدولار الأميركي (115 دينارا للدولار الواحد) ضريبة على الثروة، تطال الأملاك المنقولة والعقارات والأموال، بداية من 350 دولارا، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا، قياسا بتواضع القيمة مقارنة بمؤشرات التضخم، والآليات التي تعتمدها الحكومة في إحصاء وتقييم أملاك الأثرياء. وكان رئيس الوزراء أحمد أويحيى، صرح أثناء عرض برنامج حكومته على البرلمان بأن “الضريبة لا تمس 90 بالمئة من الجزائريين”، مما يعني أن الحكومة تستهدف بضريبتها أربعة ملايين جزائري كطبقة للأثرياء. لكنه لم يقدم مصدر التصور الذي أعلن عنه، خاصة في ظل هشاشة النظام الضريبي والبنكي والمصرفي، وهيمنة السوق الموازية على أكثر من نصف اقتصاد البلاد. كما اعتمد المشروع، لأول مرة منذ سنوات موازنة تجهيز تفوق موازنة تسيير بنحو 30 مليار دولار، عبر اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، الذي يسمح للبنك بطبع كتل نقدية جديدة، لفائدة الخزينة العمومية وصندوق دعم الاستثمارات الحكومية، وذلك بغية تحريك آلية النشاط الداخلي، وبعث مشروعات تنموية واستكمال المشاريع المتعطلة. وحافظت وزارة الدفاع على صدارة الوزارات والهيئات الحكومية، حيث خصصت لها الحكومة أكثر من 11 مليار دولار، رغم التقليص الذي طال الحقائب والقطاعات الأخرى، وذلك بدعوى منح الأهمية القصوى لتطوير كفاءات وإمكانيات الجيش لمواكبة الأخطار الأمنية المحدقة بالبلاد، ومحاربة الإرهاب، والحفاظ على السلامة الترابية والإقليمية للبلاد. وتبقى حقيبة الدفاع الوطني الوزارة الوحيدة البعيدة عن المساءلة البرلمانية، ومحل إجماع بين الموالاة والمعارضة، على تزويدها بالإمكانيات المالية الممكنة، للاضطلاع بمهامها الحساسة، خاصة على الشريط الحدودي البري الممتد على طول يفوق الستة آلاف كلم، ما يتطلب إمكانيات بشرية وتجهيزات عسكرية ولوجستية متطورة، لرصد حركة المخاطر المحدقة.

مشاركة :