انظروا إلى أحذية الشباب! - مقالات

  • 11/15/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سأركض عبر هذا المقال مثل فورست غامب، وما بين هبة ديموغرافية فريدة من نوعها وهبها الله سبحانه وتعالى لدول الوطن العربي، حيث تمثل نسبة الشباب في أهرامها السكانية من 60 في المئة إلى 72 في المئة في جميع أنحاء الوطن العربي، وما بين أزمة سياسية ومعطيات خطيرة تتعرض لها هذه الهبة والمنطقة...سأكون من الراكضين نحو الله. هناك على الأقل عشر دول عربية تعرضت لهزة عنيفة عبر حرب أو ثورة أو نزاع مسلح، هذه الهزة جعلت قطاع الشباب بما هم جزر الحضارة المستقبلية لدولهم محاطين بالدمار والعنف وانهيار النظام الاجتماعي والأمن الغذائي وإحصائيات ستجعلك تبكي في ما يتعلق بالبنية التحتية والصحة البدنية والرفاه النفسي، ما جعل الفرد منهم عليه أن يكون حاضر البديهة يقظ الحواس حد الإنهاك المتواصل لكي يجد له مساحة آمنة اجتماعية أو اقتصادية أو صحية أو تعليمية وسط هذه الفوضى والدمار والعنف. إن كل النزاعات الموجودة حولنا اليوم في وطننا العربي تستدعي الحوار الجاد المبني على الحكمة وإعادة التوازن للعقل لا قرع طبول الحرب، والعقل يكون في أبهى صوره عندما يحجم الهوى والرغبة الذاتية للإنسان مذكراً إياه بأن الأرض وضعت للأنام، فيكفي ما أصاب عشر دول تقريباً من أصل 22 دولة! إننا اليوم لم نعد نخوض حروباً وتنتهي بعد إعلان الانتصار أو الهزيمة أو تنفيذ الأجندة الاستراتيجية، فهناك أيضاً ما يسمى مرحلة ما بعد النزاع، وقد وصلت تكاليفها في بعض الدول العربية إلى مستويات لم تكن موجودة في الحرب نفسها، حيث دمرت ثلاثة أجيال تقريباً بهدر إمكانية جيل وتحميل ميراث لجيل قادم وحقد متوارث لجيل آخر. هل يعقل في الوقت الذي نملك فيه أكبر نسبة من الشباب والشابات في العالم حسب إحصائياتنا السكانية، نجد أن هؤلاء الشباب يقعون في مركز شبكة من العلاقات التي تفتقد لمقومات الحياة، ما يجعل علم الاجتماع يرفع يده ويدعو ألا ينقرض المجموع... ذلك المجموع الذي اعتقد أنه عندما يمثل الأغلبية فإنه سيمثل جماعة ضاغطة لتحقيق آمالهم، ليكتشفوا أنهم وقعوا بين المطرقة والسندان، وقعوا بين طرفي المقص حيث طرف يمثل السياسة المراهقة وطرف يمثل نظاماً اجتماعياً وإنسانياً هشاً قابلاً للاختراق! إن أخطر ما في النزاعات المسلحة والحروب هي أنها تزرع في هذا القطاع الشبابي العريض احتمالية أن يكون نصفه بين صانعي السلام المهدوري الطاقة، ونصفه الآخر بين صانعي الديناميت الهادرين للحياة، لذلك فقد أثبتت الحكمة بما هي في أحد مقارباتها التعريفية أنها حسن التناول وإصابة الهدف بلا خسائر، أثبتت أن الحروب والنزاعات المسلحة ليست من الخير في شيء، حيث فرغت جزءاً كبيراً من هرمنا السكاني الشبابي وصبته في الهرم السكاني الجنائزي للدول الغربية، بالإضافة إلى إصابة الجزء الذي تبقى في بدنه أو عقله أو دينه أو ماله أو عرضه أو آماله ومستقبله، وكل هذا تزامناً مع تحركات بشرية تمثل نسبة أكبر هجرة قسرية حول العالم بمعدل 45 في المئة من مشردي العالم في خمس دول عربية على الأقل يسيرون على أقدامهم وتبدو عليهم عبر الشاشة وعثاء السفر وكآبة المنظر، ناهيك عن التكاليف الاقتصادية ورفع الحواجز والأسوار والأسعار والضرائب، وتنكيس الأعلام والرؤوس والمؤشرات التنموية. بعيدا عن أي مبررات قد تدخل عالمنا العربي في نزاع مسلح آخر أو حرب أخرى، مبررات استراتيجية سيتفرغ المحللون السياسيون للقص والربط بين أجزائها يوماً بعد يوم حتى تصبح في النهاية قصة كاملة مريحة ومخدرة لكل من يسمعها، بعيداً عن هذه المبررات... فأنا أرفض الحرب. واشحذ سكينك لو شئت أو لسانك لكي تصب نحوي كل لعناتك وسبابك واتهاماتك بأني جبان ومنحط ومتخاذل ومتآمر وأي شيء سيخطر على بالك من محيطك... ففي النهاية أنا أرفض الحرب. وربما لا يهمك أن تعرف رأيي في الحرب، وربما أنت نفسك لا رأي لك في الحرب، وربما ستقع الحرب سواء قلنا رأينا أم لم نقله. ولكن إن نطاح الصخور ليس دائماً أسوأ ما تستطيع الوعول أن تفعله، فنحن لا نملك إلا أن ننطح الصخور، فلربما تتشقق فينزل منها الماء أو تسقط من خشية الله، فهل يعقل أن يمتلئ العالم ضجيجاً من المثقفين والسياسيين واللصوص لأنه خلال المئة والخمسين عاماً المنصرمة قد تم تحرير الكربون الذي جرى اختزاله على مدى ملايين السنين، بسبب الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري بكميات هائلة، ما سبب ثقب الأوزون والاحتباس الحراري، ولا يتم التنبيه على ما يحدث منذ سنوات في الوطن العربي من ثقوب في الأجساد وقتل على الهوية وتهجير قسري وتجيير مذهبي، ما سبب حالة عامة من الهياج وتسارع خطى الحرب، بينما السياق بكل ما يحمله من معان وآمال وإحصائيات وبيانات وإخفاقات وحزن يقول تلك المعلومة المهمة التي تعلمها فورست غامب من أمه «إن الحذاء يجعلك تعرف الكثير عمن ينتعله مثلاً، المكان الذي يتوجه إليه، والمكان الذي كان فيه». فما هو العالق على أحذية شبابنا يا سادة مما كنا فيه؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ **** قصة قصيرة تقول له: منذ متى لم نلتق؟ يقول لها: منذ بدأت الحرب، وفقدت اليقين. تقول له: هل تغير فيك شيء؟ يقول لها: نعم، منذ فترة وأنا أريد أن أنهار ولكن لا وقت يكفي حتى لهذه، أعتقد أني مشتت. تقول له: لا يُشتت من وحد الله. كاتب كويتي Moh1alatwan@

مشاركة :