يعدّ كتاب إدوارد لين؛ «القاهرة منتصف القرن التاسع عشر» (الدار المصرية اللبنانية) الأول بعد كتاب الحملة الفرنسية «وصف مصر»، الذي يتحدث عن مدينة القاهرة منذ نشأتها وحتى عصر مؤلفه؛ الذي يصطحبنا للعيش في مصر القديمة والتماهي مع كل تفاصيلها وحكاياتها بداية من النشأة بعد الفتح العربي وحتى عام 1847، ذلك التماهي الذي عاشه لين في شكل فعلي مع القاهرة القديمة وحضارتها في عام 1833 حين استقر في شكل رئيسي فيها تحت اسم «منصور أفندي» الذي أطلقه عليه المصريون. قدّم الكتاب وأعدّ له المستشرق الإنكليزي ستانلي لين بول وهو ابن شقيقة إدوارد لين، وأحد كبار العلماء المتخصصين في تاريخ مصر في العصر الإسلامي، وشغل لنحو عشرين عاماً وظيفة أمين قسم الشرق للمسكوكات في المتحف البريطاني. من مؤلفاته: «فن العرب في مصر»، و «معجم الأسرات الحاكمة الإسلامية»، و «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس»، و «تاريخ مصر في العصور الوسطى»، و «سيرة القاهرة». ولد إدوارد وليم لين في السابع عشر من أيلول (سبتمبر) عام 1801 في مدينة هارفارد غرب لندن، ودرس اللغة العربية قبل عام 1822، واتخذ قراره بالرحيل إلى الشرق ومصر بعد انتهائه من قراءة قصص ألف ليلة وليلة والتي كانت ذات تأثير كبير فيه، وكان قدومه للشرق ذا تأثير كبير في مصر أيضاً. ومن خلال ثلاث رحلات إلى مصر، قام وليم لين بمسح البلاد مسحاً كاملاً، والاتصال بمن استطاع من العلماء، ونسخ ما يستطيع الوصول إليه من المواد في آلاف الصفحات، وبذل قصارى الجهد في الوصول إلى المخطوطات الأصلية الملحقة بمكتبات المساجد وغيرها، كما استطاع أن يقدم مجموعة متميزة جداً من الكتب بالإضافة إلى كتابه «القاهرة منتصف القرن التاسع عشر» منها: «المصريون المحدثون»، وكتاب «وصف مصر». توزعت مادة الكتاب على عشرة فصول، حاول وليم لين بصورة موجزة في أول فصلين منها ذكر أهم ما يتعلق بنشأة المدينة وتطور حواضرها القديمة التي تتابعت منذ نشأة الفسطاط مروراً بالعسكر والقطائع حتى إنشاء القاهرة، ثم تطورها وامتدادها بعد ذلك في العصرين الأيوبي والمملوكي، اعتماداً على ما ذكره المقريزي. ومن الفصل الثالث بدأ في وصف المدينة الحديثة، بداية من بولاق وهو ميناؤها على النيل حتى المدينة نفسها بأسوارها وأبوابها. ومن الفصل الرابع أخذ في تقسيم ما سيتم تناوله داخل المدينة، بداية من قلعة صلاح الدين وتأسيسها وأهم المباني التي تشتمل عليها، ثم شوارع المدينة ودروبها وحاراتها ومتاجرها ومنازلها وأسواقها، ثم انتقل بعد ذلك إلى استعراض أهم المساجد داخل المدينة ثم أهمها خارجها، وفي الفصل الثامن تحدث عن المقابر والجبانات، بينما خصص الفصل التاسع لجزيرة الروضة، واختتم الكتاب في الفصل العاشر بالحديث عن مصر العتيقة وأهم مبانيها القديمة كجامع عمرو بن العاص وقصر الشمع. الكتاب ترجمة دكتور أحمد سالم سالم الأثري والباحث في مجال التاريخ والحضارة الإسلامية مترجم كتاب «تاريخ مصر في العصور الوسطى» لستانلي لين بول، الذي حازت ترجمته على جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي. مفتش الآثار الإسلامية في المجلس الأعلى للآثار، وقد وجه اهتمامه لدراسة الفترة العثمانية، فصدر له فيها كتابان: «السيطرة العثمانية على الحوض الغربي للبحر المتوسط في القرن السادس عشر»، و «استراتيجية الفتح العثماني»، إضافة إلى العديد من المقالات والترجمات المنشورة في بعض الدوريات المتخصصة.
مشاركة :