إسقاط ضريبة الثروة يقطع حبل الود بين حزبي السلطة في الجزائر بقلم: صابر بليدي

  • 11/19/2017
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

إسقاط الضريبة على الثروة سيشكل حرجا شديدا للحكومة ولرئيس الوزراء أمام الرأي العام كونه يهز مصداقيتها أمام الشارع الجزائري. العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/11/19، العدد: 10817، ص(2)]لجنة المالية تضع أويحيى في وضع حرج الجزائر - قررت لجنة المالية في المجلس الشعبي بالجزائر إسقاط ضريبة على الثروة تضمنها قانون المالية لعام 2018. ويشكل قرار اللجنة ضربة قاصمة لحكومة أحمد أويحيى التي تسعى لتوزيع أعباء الأزمة الاقتصادية على جميع الفئات الاجتماعية. وتفاجأ مراقبون بقرار لجنة المالية المشكلة من أغلبية نواب حزب جبهة التحرير. وجاء القرار معاكسا لكل توقعات تمرير قانون المالية دون تعديلات، باعتبار حرص الحكومة على تمريره بما يسمح لها بتحقيق توازنات مالية واقتصادية لتجنب احتقان الشارع الجزائري. وتضمن قانون الموازنة العامة للعام 2018 فرض ضريبة تتراوح بين 1 و3 بالمئة على الثروة المالية والعقارية التي تقدر بنحو 300 ألف دولار، لتوفير مصادر جديدة لتمويل الخزينة العمومية والتقليص من حجم التحويلات الاجتماعية والنفقات العمومية. ومن المتوقع أن يثير القرار جدلا عشية الذهاب إلى الانتخابات المحلية، خاصة في خضم الحملة الدعائية، إذ ستجد الأحزاب المعارضة ومعها المستقلون في قرار إلغاء الضريبة مادة سياسية دسمة لتشديد انتقاداتها للسلطة وللأحزاب الموالية لها بتوظيف نفوذها السياسي في الحفاظ على مصالحها الخاصة وعلى حساب الأعباء المتنامية على كاهل الطبقات الهشة. ولم يستبعد مراقبون أن يكون القرار تصفية حسابات بين الحزبين الغريمين في معسكر الموالاة حيث عمد نواب الحزب الأول في السلطة (جبهة التحرير الوطني) المشكلة لأغلبية لجنة المالية إلى قطع الطريق على المخاطر التي باتت تهدّد نفوذ حزبهم من طرف الحزب الثاني للسلطة (التجمع الوطني الديمقراطي). ويرى هؤلاء أن الملاسنات التي تضمّنها خطاب كلّ من جمال ولد عباس رئيس حزب جبهة التحرير الوطني وأحمد أويحيى رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي أثناء الحملة الانتخابية الجارية على خلفية موقع كليهما في مرحلة ما بعد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، تطورت لتصبح صراعا حقيقيا. وصرح أويحيى، أثناء عرض برنامج حكومته على البرلمان في سبتمبر الماضي، بأن “ضريبة الثروة لا تمس 90 بالمئة من الجزائريين” ممّا يعني أنها تمس الطبقة الثرية والتي تضم حوالي أربعة ملايين جزائري. كما قال أن “مداخل الضريبة ستوظف في تمويل الخزينة العمومية”.قرار لجنة المالية في المجلس الشعبي يشكل ضربة قاصمة لحكومة أحمد أويحيى التي تسعى لتوزيع أعباء الأزمة الاقتصادية على جميع الفئات الاجتماعية وقال بشير مصيطفي، الوزير السابق للاستشراف، إن “الضريبة ستحقق للخزينة العمومية نحو 20 مليار دولار لكن أبرز العوائق أمامها تتمثّل في إحصاء وتصنيف الثروات في ظل هشاشة وبدائية الأنظمة الضريبية والبنكية والمصرفية” في الجزائر. ويرى مراقبون أن إسقاط الضريبة على الثروة سيشكل حرجا شديدا للحكومة ولرئيس الوزراء أمام الرأي العام كونه يهز مصداقيتها أمام الشارع الجزائري. ويقول هؤلاء إن القرار يشكل تكريسا للانتقائية والمصالح الضيقة وتمييزا في توزيع أعباء الأزمة الاقتصادية على الفئات الاجتماعية حيث يثقل كاهل الطبقات الكادحة ويستثنى الأثرياء من المساهمة فيها. ولم تستبعد مصادر من داخل البرلمان أن يكون القرار تم تحت ضغط لوبيات رجال المال والأعمال النافذين في السلطة، لا سيما بعد ظهور البعض منهم برفقة جمال ولد عباس في تجمعات شعبية انتخابية على غرار محي الدين طحكوت المستثمر في مجال تركيب السيارات والنقل البري. وعاد الجدل في الجزائر حول نفوذ خفي يمارسه رجال أعمال بارزون في القرار السياسي والحكومي. وبعدما أثير حول تدخل “منتدى رؤساء المؤسسات” الذي يقوده رجل الأعمال علي حداد، في إقالة عبد المجيد تبون بعد 80 يوما من تعيينه في منصب رئيس للوزراء بسبب انتهاجه سياسة “الفصل بين الثروة والسلطة” لا يستبعد متابعون ضغط رجال الأعمال لإسقاط مشروع الضريبة على الثروة. وأشعلت خلافة بوتفليقة في قصر المرادية، بعد إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2019، سجالا قويا بين ولد عباس وأويحيى خلال الحملة الدعائية للانتخابات المحلية. ويصر ولد عباس على أن “الرئيس المقبل للبلاد لن يكون إلا من صفوف جبهة التحرير الوطني” وأن “لغريمه طموحات سياسية غير أخلاقية”، مما يعكس مخاوف من العودة القوية للتجمع الوطني الديمقراطي وتهديده لعرش جبهة التحرير الوطني في صدارة أحزاب السلطة. وفي المقابل شدد أويحيى، في تجمع حزبه في مدينة البليدة نهاية الأسبوع الماضي، على “الوفاء لبوتفليقة وعدم الترشح لأيّ استحقاق يكون فيه موجودا”. كما أبرز في خطابه رسائل التخفي تحت عباءة بوتفليقة ونسب إليه برنامج الحكومة في محاولة للاستقواء على خصومه في جبهة التحرير الوطني. ويعدّ إسقاط الضريبة على الثروة امتحانا حقيقا للحكومة أمام الطبقة السياسية والشارع الجزائري إذ كانت الضريبة تهدف لإضفاء توازن في توزيع أعباء الأزمة الاقتصادية على جميع الفئات الاجتماعية. كما سعت الحكومة من خلال فرض الضريبة على الثروة لاستعادة ثقة الرأي العام بهدف قبول خياراتها المؤلمة على غرار الرفع من أسعار الوقود إلى جانب إقرار ضرائب الجديدة.

مشاركة :