منع وزير الشباب والرياضة من زيارة محافظة البويرة القبائلية، وصمت حكومي وسط تحذيرات من تكرار مواجهات 2001.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/12/16، العدد: 10844، ص(1)]تغيير أجندة الزيارة الجزائر - اضطر وزير الشباب والرياضة الجزائري الهادي ولد علي، رفقة السلطات المحلية، إلى تغيير برنامج الزيارة المبرمجة له أمس الجمعة إلى محافظة البويرة (120 كلم شرقي العاصمة )، تحت ضغط شباب وطلبة المحافظة المحتجين منذ مطلع هذا الأسبوع، على قرار تجميد توسيع التعليم الأمازيغي في الجزائر. ولا تزال السلطات تلازم الصمت تجاه الاحتجاجات، خاصة بعد منع الوزير من دخول المناطق التي تدور فيها الاحتجاجات، في وقت تحذر فيه شخصيات معارضة وقيادات محلية من تكرار سيناريو 2001 والذي شهدت فيه منطقة القبائل مواجهات كبيرة مع الأمن أدت إلى مقتل العشرات من المحتجين. وذكرت مصادر محلية لـ”العرب” أن الهادي ولد علي، الذي يعد من أبرز المناضلين القدامى في الحركة البربرية، والوزير الحالي للشباب والرياضة، اضطر إلى تغيير أجندة الزيارة، بسبب المظاهرات والاحتجاجات التي تسود المحافظة، لا سيما في بلدات حيزر وبشلول ومشدالة. وأضافت المصادر أن الوفد الوزاري كان بصدد التوجه إلى المنتجع السياحي (تيكجدة)، من أجل إعطاء إشارة انطلاق الموسم الشتوي للسياحة والتسلية، ومعاينة المشروعات والمرافق المحلية، إلا أن احتجاجات الشباب الأمازيغي، أعاقت برنامج الوزير، واضطرته إلى البقاء في عاصمة المحافظة (البويرة)، حيث طاف ببعض المشروعات تحت حراسة أمنية مشددة، قبل أن يشد الرحال عائدا إلى العاصمة. وتعرف المحافظات القبائلية بوسط الجزائر (بومرداس، تيزي وزو، بجاية) وباتنة شرقا، احتجاجات ومظاهرات تنديدا بإسقاط الأغلبية البرلمانية المكونة من أحزاب السلطة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي)، لمقترح نائبة حزب العمال اليساري المعارض لويزة حنون، القاضي بإضافة بند مالي لتوسيع تعليم اللغة الأمازيغية. وتتجه الاحتجاجات إلى محافظة البويرة، بسبب الاشتباكات اليومية بين المتظاهرين وقوات الأمن، ما دفع جامعة محمد آكلي إلى تعليق الأنشطة العلمية والفكرية، بسبب ما أسماه مجلس إدارة الجامعة بـ”الحفاظ على الأمن والممتلكات العمومية”. وذكرت مصادر محلية لـ”العرب” أن المحافظة تشهد حالة من الاحتقان منذ اندلاع الأحداث. ويعمد المتظاهرون إلى التجمع يوميا أمام مبنى الجامعة قبل الشروع في مسيرات ومظاهرات منددة بما تسميه بـ”تراجع السلطة عن الالتزامات الدستورية بترقية وتوسيع التعليم الأمازيغي”. ونقل شهود عيان أن الحركة شلت تماما، وأن الآلاف من السائقين والمسافرين علقوا بسبب غلق الطريق السيارة العابرة للمحافظة من شرق البلاد إلى العاصمة أو غرب البلاد بالعجلات المحروقة وجذوع الأشجار. وعكس منع المحتجين لوزير الشباب والرياضة من التنقل إلى منتجع تيكجدة، حالة الاحتقان في المنطقة، ومخاطر الانزلاق إلى الفوضى، معيدا إلى الذاكرة سيناريو الأحداث الدامية التي عرفتها البلاد العام 2001، حيث أفضت المواجهات آنذاك إلى سقوط أكثر من 170 ضحية، وهو الأمر الذي تحذر منه مختلف القوى السياسية والأهلية، بما فيها الحزبان البربريان المعارضان (التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية). وكانت حنون دعت السلطة إلى الالتزام ببنود ترقية وتوسيع تعليم اللغة الأمازيغية، احتراما للدستور، و”للتضحيات التي قدمها المكون الأمازيغي في الهوية الوطنية منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، ومرورا بما يعرف بأحداث الربيع الأمازيغي في مطلع الثمانينات والألفية الجديدة”. ونفى وزير الشباب والرياضة، خلال زيارته الأخيرة لمحافظة تيزي وزو، وجود أي نية لدى الحكومة “لتجميد ترقية وتوسيع التعليم الأمازيغي”، وأن “مسألة المكون الأمازيغي في الهوية الجزائرية حسم فيها الدستور الجديد للبلاد، وأن الحكومة لا تنتظر قانون الموازنة العامة للعام 2018 للقيام بتجسيد الالتزامات الدستورية”. وحذر الهادي ولد علي مما أسماه “التوظيف السياسي للمطلب الأمازيغي”، في إشارة إلى بعض أحزاب المعارضة التي أثارت المسألة، ومن مغبة الانزلاق إلى الفوضى والعنف، الذي تترصده أجندات داخلية للمساس بوحدة وأمن واستقرار البلاد، “فالجزائر لن تكون دون القبائل والقبائل لن تكون دون الجزائر”. وباستثناء تصريحات وزير الشباب والرياضة، ومساعيه لاختراق الاحتقان السائد في المنطقة، فإن الحكومة ما زالت تلتزم الصمت إلى حد الآن، واكتفت بتعزيز التواجد الأمني في بلدات ومدن المنطقة. وكان حزبا السلطة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) المكونان للأغلبية داخل البرلمان، قد بادرا إلى تحميل مسؤولية الأزمة للقيادة في حزب العمال، بعد تعمدها تقديم اقتراح يتنافى مع روح قوانين الموازنة العامة، معتبرة أن إسقاط المقترح لم يكن بهدف تجميد ترقية وتوسيع التعليم الأمازيغي.
مشاركة :