لا تكثري من فيتامين D!

  • 11/22/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يحظى فيتامين D باهتمام كبير في الآونة الأخيرة، حيث ربطت البحوث تراجع معدلاته في الدم بارتفاع خطر أمراض شتى، من داء القلب والسكري إلى السرطان وتقلبات المزاج والخرف. ولم تمرّ هذه الاكتشافات مرور الكرام، إذ شهد استهلاك مكملات الفيتامين D وفحوصه رواجاً كبيراً. يغالي البعض في تناول فيتامين D في سعي إلى التمتع بصحة أفضل. الدكتورة جو-آن إ. مانسون، بروفسورة في قسم مايكل ولي بيل لصحة المرأة في كلية الطب التابعة لجامعة هارفارد، تقول في هذا السياق: «صارت فحوص فيتامين D في السنوات الأخيرة أحد أبرز الفحوص المخبرية الطبية في الولايات المتحدة. ولا شك في أن هذا الأمر مفاجئ بالنسبة إلى فحص لا يوصي به الأطباء إلا لمجموعة فرعية صغيرة من السكان». لكن المؤسف أن موضة فيتامين D هذه ليست مشرقة بالكامل. يفرط البعض في استهلاك المكملات. فقد لاحظ باحثون حللوا بيانات مسح وطني جُمعت بين عامَي 1999 و2014 ارتفاعاً بنسبة 2.8% في عدد مَن يتناولون مقداراً من فيتامين D قد لا يكون آمناً (أي أكثر من 4 آلاف وحدة دولية يومياً، وفق رسالة بحثية نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية). وشهدت الفترة عينها زيادة بنحو 18% في عدد مَن يأخذون ألف وحدة دولية أو أكثر من فيتامين D يومياً، علماً بأن هذا يفوق أيضاً جرعة الـ600 إلى الـ800 وحدة دولية الموصى بها لمعظم الناس. صحتك اكتشف العلماء منذ زمن أن فيتامين D الملقب بفيتامين نور الشمس، لأن الجسم ينتجه بعد التعرض لأشعة الشمس، يسهم في بناء عظام أقوى بتعزيز قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم والفسفور. ولكن في مستهل عام 2000، بدأت البحوث التي تتناول دور هذا الفيتامين في حالات صحية أخرى تتوسع بسرعة. صحيح أن دور فيتامين D في تعزيز صحة العظم يحظى بدعم علمي كبير، إلا أن الأدلة التي تُظهر أنه يحول دون الإصابة بحالات صحية أخرى لا تزال غير حاسمة، حسبما تشدِّد الدكتورة مانسون. تضيف: «لم تؤدِ البحوث التي تناولت مكملات فيتامين D والكالسيوم إلى نتائج حاسمة، خصوصاً التجارب السريرية العشوائية، وجاءت بمعظمها مخيبة للآمال حتى اليوم». لكن التجارب الراهنة قد تقدّم معلومات إضافية عن روابط بين فيتامين D والوقاية من الأمراض. على سبيل المثال، تُشرف الدكتورة مانسون على «تجربة فيتامين D وأوميغا-3» التي تُجرى راهناً وتُعتبر دراسة كبيرة (تشمل أكثر من 25 ألف مشارك من مختلف أرجاء الولايات المتحدة) تبحث في ما إذا كانت مكملات فيتامين D وأوميغا-3 تخفض خطر السرطان، وداء القلب، والسكتة الدماغية. عوامل تؤثر في معدلاته يعكس معدل فيتامين D في دمك عوامل عدة. إليك بعض الأمثلة: • مكان إقامتك: إذا كنت تعيشين في دول شمالية (شمال خط العرض 37)، تكونين أكثر عرضة لخطر نقص فيتامين D لأن بشرتك تعجز عن إنتاج هذا الفيتامين من التعرض لأشعة الشمس خلال فصل الشتاء. • سنك: تتراجع قدرة البشرة على إنتاج فيتامين D مع التقدم في السن. عندما تتخطين الخامسة والستين من العمر، لا تعودين تنتجين سوى ربع ما كنت تولدينه من فيتامين D حين كنت في عشرينياتك. • لون بشرتك: يحظى مَن يملكون بشرة داكنة عادةً بمعدلات أدنى من فيتامين D، مقارنةً بمن يملكون بشرة فاتحة. على سبيل المثال، يكون معدل فيتامين D في دم الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية نحو نصف ما يتمتع به الأميركيون البيض. • وزنك: إذا فاق مؤشر كتلة جسمك الثلاثين، فأنت تعانين على الأرجح انخفاضاً في معدل فيتامين D. يُخزّن الأخير في الدهون، لذلك يحظى مرضى السمنة بمقدار أقل منه في دمهم حيث يستطيع الجسم استخدامه. • نظامك الغذائي: يحتوي عدد قليل من الأطعمة على فيتامين D طبيعياً. لكن حبوب الفطور وبعض أنواع العصائر تكون غالباً مدعمة به، علماً بأن مقداره يختلف باختلاف العلامات التجارية. لذلك يعتمد مقدار فيتامين D الذي تحصلين عليه من الغذاء باختلاف الأطعمة التي تتناولينها وكمية الحليب التي تشربينها. • بعض الحالات الصحية: يواجه مَن يعانون حالات كداء الأمعاء الملتهبة، ومرض الكبد، والتليف الكيسي، وغيرها صعوبة في امتصاص فيتامين D، ما يؤدي إلى تراجع معدله. بحث عن رابط رغم أن دراسات عدة توصلت إلى رابط بين معدلات فيتامين D المتدنية في الدم وبين أمراض مختلفة، فلم يثبت العلماء بشكل قاطع أن النقص فيه يسبب المرض فعلاً، حسبما تؤكد الدكتورة مانسون. على سبيل المثال، قد تعاني امرأة مصابة بمرض خطير تراجعاً في مستوى الفيتامين D، لكنه ربما يعود على الأرجح إلى إمضائها وقتاً قصيراً خارج المنزل في ممارسة نشاط جسدي أو إلى اتباعها نظاماً غذائياً سيئاً، علماً بأن هاتين الحالتين تُعتبران من عوامل خطر أمراض عدة، فضلاً عن نقص الفيتامين D، وفق الدكتورة مانسون. علاوة على ذلك، تسبب الأمراض الالتهاب، الذي يحدّ بدوره معدلات الفيتامين D في الدم. كذلك تقلل السمنة، التي ترتبط بحد ذاتها بعدد كبير من الحالات، مقدار الفيتامين D في الدم لأن الجسم يخزّن هذا الفيتامين في الأنسجة الدهنية، مزيلاً إياه من مجرى الدم حيث تستطيع الفحوص المخبرية رصده. تذكر الدكتورة مانسون: «نتيجة لذلك، قد تشكّل معدلاته المنخفضة مؤشراً إلى حالات أخرى، إلا أنها ليست بالضرورة سبب المرض المباشر». بالإضافة إلى تحديد ما إذا كان نقص الفيتامين D يسبب المرض، ما زال على الباحثين أن يكتشفوا ما إذا كان تناول المكملات يقلل من هذه المخاطر، كما توضح الدكتورة مانسون. فوائد وتحذيرات صحيح أن البحوث في هذا المجال ما زالت قليلة، إلا أن بعض النساء يجنين الفوائد من تناول مكملات الفيتامين D إلى جانب المقدار الكافي من الكالسيوم، لأنها تساعدهن في تعزيز صحة عظمهن. ولكن لا داعي لأخذ جرعات كبيرة منه لتحقيق الفائدة المرجوة. توضح الدكتورة مانسون: «لا تُعتبر الكمية الأكبر أفضل في هذه الحالة. على العكس، تكون أحياناً أسوأ». مثلاً، أظهرت دراسة نُشرت عام 2010 في مجلة الجمعية الطبية الأميركية أن استهلاك جرعات كبيرة من الفيتامين D في حالة النساء المسنات يرتبط بارتفاع خطر السقوط والتعرض لكسور. علاوة على ذلك، تكون المكملات التي تحتوي على مقدار كبير من الفيتامين D سامة في بعض الحالات، فتسبب فرط كالسيوم الدم، وهي حالة يتراكم خلالها مقدار كبير من الكالسيوم في الدم، مشكّلاً على الأرجح ترسبات في الشرايين والأنسجة اللينة. كذلك تجعل هذه الحالة النساء أكثر عرضة لحصى الكلى المؤلمة. لذلك، إذا كنت تتناولين مكملات الفيتامين D، تذكّري أن الاعتدال يبقى الأهم. فالإكثار من فيتامين نور الشمس هذا يحد من فوائده. تعاطَي بذكاء معه كي تضمني تناولك مكملات فيتامين D بأمان، من الأفضل أن تلتزمي ببعض التوجيهات البسيطة: راقبي أرقامك: إذا كنت تتناولين فيتامين D، فلا تحتاجين على الأرجح إلى أكثر من 600 إلى 800 وحدة دولية يومياً. تُعتبر هذه الجرعة ملائمة لمعظم الناس. لكن البعض يحتاج إلى جرعة أكبر، خصوصاً مَن يعانون اضطراباً صحياً في العظم أو حالة تعوق امتصاص فيتامين D أو الكالسيوم، وفق الدكتورة مانسون. واحرصي على تفادي استهلاك أكثر من 4 آلاف وحدة دولية يومياً، ما لم يوصيك طبيبك بخلاف ذلك، علماً بأن هذه تُعتبر الجرعة الآمنة القصوى. فضّلي الطعام على الحبوب: من الأفضل أن تحصلي على فيتامين D من مصادر غذائية بدل المكملات، إن أمكنك ذلك. اختاري مشتقات الحليب المدعمة (يُضاف هذا الفيتامين إلى الغذاء)، والأسماك الدهنية، والفطر المجفف في الشمس، علماً بأن هذه كلها مصادر غنية بفيتامين D. لا تترددي في استشارة طبيبك: تذكر الدكتورة مانسون: «يتناول كثيرون جرعات عالية من تلقاء نفسهم من دون أن يطلعوا طبيبهم على ذلك». ولكن من الضروري أن تناقشي تناولك المكملات مع طبيبك كي تتأكدي من أن الكمية التي تأخذينها تتناسب مع حاجاتك. إذا كنت تتبعين غذاء متوازناً يشمل بانتظام مصادر غنية بفيتامين D، فلا داعي على الأرجح لأن تتناولي المكملات.

مشاركة :