باريس - منذ أواخر تشرين الأول، يكشف عدد متزايد من الصحافيات في فرنسا عن حالات تحرش واعتداء جنسيين، في أعقاب الفضيحة المدوية للمنتج الهوليوودي هارفي واينستين. في نهاية تشرين الأول، رفعت مراسلة في قناة "بي اف ام تي في" دعوى ضد رئيس التحرير السابق في "فرانس 2" إيريك مونييه الذي يتعاون حاليا مع محطة "ال سي اي" الإخبارية التابعة لمجموعة "تي اف 1"، بتهمة "التحرش الجنسي والمعنوي". بدوره، اشتكى مونييه ضد هذا "البلاغ الافترائي"، وفقا لمجموعة "تي اف 1"، في حين فتحت النيابة العامة تحقيقا تمهيديا. والثلاثاء، علقت قناة "ال اس بي" المتخصصة بشؤون البرلمان مهمات أبرز مذيعيها فريديريك هازيزا الذي كان يقدم برامج عدة من إنتاجها، بعدما رفعت صحافية تتعاون معه شكوى عليه بتهمة "الاعتداء الجنسي"، مما دفع القضاء إلى فتح تحقيق. وفي كلا الحالتين، تعود الأفعال المزعومة لاعوام عدة. كذلك، أدلت صحافيات أخريات بشهاداتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، من دون الإفصاح عن هويات الرجال المعنيين. وقالت لورين باستيد، الناطقة باسم تجمع الصحافيات "برونو لا اون": "يلجأ إلينا عدد متزايد من الصحافيات يشتكين من بعض أنماط السلوك في أقسام التحرير، ويطلبن منا المشورة أو الدعم. وتتشكل حاليا موجة تضامن قوية". واضافت: "تتحلى النساء اللواتي يرفعن دعاوى اليوم ويجرؤن على التكلم عن الموضوع بشجاعة كبيرة، خصوصا عندما يكون المعتدي مشهورا ونافذا. وكثيرات هن الصحافيات اللواتي يلزمن الصمت حتى اليوم، نظرا الى الظروف التي تجعل الإعلاميات في موقع ضعف". وصرحت دومينيك برادالييه، الأمينة العامة للنقابة الوطنية للصحافيين (اس ان جي): "نتلقى بلاغات كثيرة. لكن المشكلة هي أن الهويات تبقى مجهولة. وما من مندوب نقابي مخول إجراء تحقيق داخلي بعيدا عن الأنظار، ومن الصعب التدخل. 3 زميلات على الأقل لا يزلن يترددن في المضي قدما". العام 2015، كان 46,5% من مزاولي مهنة الصحافة من النساء، وفقا لمرصد الأعمال الصحافية. لكنهن لا يتولين سوى 36% من المناصب الإدارية، في حين أن 58% من الصحافيين الأحرار هم من النساء، وفقا لـ"برونون لا اون" التي تشير إلى الفرق في الأجور بين الرجال والنساء في هذا المجال، والذي يبلغ 12%. وقالت باستيد: "هذه الرتبة المتدنية على صعيد المنصب والراتب هي أحد العوامل التي تحول دون تكلم النساء". وأضافت: "في بعض الأحيان، قد تساهم ظروف معينة في انتشار ممارسات التحرش" في أوساط الصحافة، مشيرة إلى "الضغوط الكبيرة التي تمارس في هذه الأجواء، حيث يكون منسوب التوتر عاليا، والأنا مضخمة، خصوصا في مجال المرئي والمسموع". لكنها لاحظت ان "ما من عناصر ملموسة تسمح بالبت أن ممارسات الاعتداء والتحرش الجنسي هي أكثر انتشارا في أقسام التحرير وبرحاب "السلطة الرابعة"، مما هي في مواقع عمل أخرى. وللأسف الشديد، لم توفر هذه الأزمة أي مجال". من جهتها، أكدت مارلين كولومب-غولي، الباحثة في جامعة "تولوز 2" والعضو في المجلس الأعلى للمساواة بين الرجال والنساء، أن "كل القطاعات متأثرة بهذه الممارسات". غير أنه تم الكشف عن حالات تحرش جنسي في وسائل الإعلام خلال الأسابيع الأخيرة، ووقعت خصوصا في أوساط المستشفيات والصحافة وقطاع المرئي والمسموع، "حيث هيمنة الذكور أمر مسلّم به"، على قولها. وأشارت إلى تاثير العلاقات على المناصب في مجال الصحافة، خلافا لغيرها من المهن، حيث يتم التوظيف على أساس مسابقات. ودعت "برونون لا اون" ضحايا التحرش والاعتداء الى إحالة القضايا على القضاء. وأوصت وسائل الإعلام بتخصيص وحدات لتقديم المساعدة والمشورة الى النساء.
مشاركة :