دخل فندق الريتز بالرياض التاريخ من أوسع أبوابه، ولا أتوقع أن من وقع عقد إنشائه، تخيل لهذا الفندق الفخم والنخبوي الدخول من هذا الباب تحديداً، باب أكبر حملة ضد الفساد تشهدها السعودية في تاريخها. وفي حوار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع صحيفة «نيويورك تايمز» أوضح رؤيته قائلاً: «ليس هُنالك من طريقة يمكن من خلالها القضاء على الفساد في جميع الطبقات»، لذلك فإنه عليك أن تُرسل إشارة، والإشارةُ التي سيأخذها الجميع بجدية هي «أنك لن تنجو بفعلتك». وهي إشارة قوية ستبقى مضاءة بلونها الأحمر في أذهان الجميع، خصوصاً من بيدهم وإمكاناتهم، سواء بالمناصب أو الثروات والنفوذ، اجتثاث المال العام. «لن تنجو بفعلتك» شعار صالح للماضي والحاضر والمستقبل، وليس سراً أن الكثيرين وربما الغالبية منا اعتقدوا وتيقنوا لوقت طويل أن هناك من نجا بفعلته وانهم يتزايدون بل واصبح بعضهم لا يستحون، وأساس هذه القناعة أن كل محاولات مكافحة الفساد السابقة باءت بالفشل فأطلقت إشارات سلبية، للأسباب التي ذكرها سمو ولي العهد في ما بين قوسين «وعلى مر السنين، كانت الحكومة قد شنت أكثر من «حرب على الفساد» ولكنها فشلت جميعاً. لماذا؟ لأن جميع تلك الحملات بدأت عند الطبقة الكادحة صعوداً إلى غيرها من الطبقات المرموقة». ينبغي الإشارة هنا إلى تأكيد ولي العهد لما جاء في بيان النائب العام من أن الحملة الكبيرة ضد الفساد بدأت بأمر من الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل سنوات بجمع المعلومات، «ففي وقتٍ سابق من عام 2015 كانت أول الأوامر التي أعطاها والدي لفريقه هي جمع كل البيانات المُتعلقة بالفساد لدى الطبقة العُليا. ولقد ظل الفريق يعمل لمدة عامين كاملين حتى توصلوا لجمع هذه المعلومات الأكثر دقةً، ومن ثم جاؤوا بحوالى 200 اسم». إن الحملة السعودية المظفرة على الفساد أضاءت أمالاً كباراً في أفئدة المواطنين ليس من ناحية استعادة أموال ضخمة من المال العام فحسب، بل لأنها سجلت بداية مرحلة جديدة ينتظر أن تسد فيها الثغرات التي سببت فساداً بهذا الحجم، أعاق التطور والتنمية وساهم في صناعة الكثير من المصاعب التي يعاني منها الوطن.
مشاركة :