العصر الجديد.. والبلد العتيق

  • 11/29/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن القول بشكل عام ان وضع المرأة في أي مجتمع يعتبر مقياس تحضر أو تقدم ذلك المجتمع وإنسانيته. فرض الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، قبل نصف قرن مجموعة تشريعات إصلاحية تعلق أغلبها بالمرأة، ومنذ يومها والنقاش حولها لم يتوقف، وقلة من الدول العربية أو الإسلامية حذت حذوه، فقد كان موقفه مثاليا، وصعب على أي دولة، حينها وحتى الآن، السير فيه دون مخاطر. ولا شك أن بورقيبة حاول الاستفادة من كامل تجربة أتاتورك في تركيا، ولكن المعارضة الشديدة تاليا جعلته يبطئ من إصلاحاته، ولكن يبقى ما قام به مصدر فخر للتونسيين ومحبي التقدم والحرية. فدستور تونس الذي صدر قبل نصف قرن اتسم بدرجة عالية من التحرر من قيود الماضي، خصوصا ما تعلق منه باختيار الرئيس، أو بقانون الأحوال الشخصية الذي اعتبر مكسباً للمرأة لا يشبهه شيء في عالمنا المتخلف، حيث حدد فيه سن الزواج، ومنع زواج القاصرات. كما فرض الزواج بامرأة واحدة فقط، ومنع التعدد. ورفع الدستور الحظر عن الإجهاض، وفرض البت في الطلاق بالمحاكم، وهو ما اتبعته محاكم الكويت مؤخرا. كما عدّل من قوانين الإرث لمصلحة المرأة. وبعد مرحلة ثورات «الربيع العربي»، واستقرار الوضع السياسي في تونس، صادق البرلمان التونسي في يناير 2014 على فصل في دستور تونس الجديد يقر المساواة بين التونسيات والتونسيين في الحقوق والواجبات، ويعيد هذا الأمر العمل بمدونة المرأة التي أقرها رئيس تونس الأول الحبيب بورقيبة، التي نصت، ضمن أمور أخرى، على سحب حق القوامة من الرجل وجرمت الزواج العرفي، ومنعت إكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها. كما ألغت السلطات التونسية مؤخرا أمرا ترتيبيا وزاريا كان يحظر زواج التونسيات المسلمات من غير المسلمين. وقد أثار قرار الحكومة اعتراضات كثيرة، ولكنها خمدت مع الوقت، فالعصر هو عصر التحرر، وليس عصر انغلاق، ولهذا أيدت دار الإفتاء التونسية المساواة في الإرث والزواج بغير مسلم، ووصفت القرارات بأنها «تدعم مكانة المرأة، وتضمن مبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، التي نادى بها الدين الإسلامي». بينما أبدى رجال دين آخرون معارضتهم للقانون، كما أثار حفيظة مؤسسات دينية أخرى، على رأسها الأزهر. إن ما جرى في تونس جدير بالبحث ويستحق التفكير به، تشريعيا واجتماعيا، فليس من المعقول أن تبقى بضع دول إسلامية مختلفة تماما في نظمها ونظرتها للمرأة وقوانين احوالها الشخصية، عن بقية دول العالم، فالعصر عصر انفتاح ومساواة وليس عصر انغلاق وتمييز! ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار تونس الدولة العربية الأكثر تقدما، إنسانيا، وتحضرا، مقارنة بغيرها.   أحمد الصرافhabibi.enta1@gmail.comwww.kalamanas.com

مشاركة :