الثابت والمتغير في السياسة الدولية

  • 12/1/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

هذا العنوان مقتبس من دراسات فلسفية ودينية ما زالت تطرح بقوة في الجامعات والحوزات الدينية الاسلامية، وهدفها ان هناك بعض القضايا الدينية قد تكون ثابتة لا تتغير، وبعضها من الممكن ان يتغير وفقاً للظروف، ومنها بعض الاحكام الفقهية، ولذلك مجاله الخاص. أمّا موضوع اليوم الذي أحببت ان يشاركني القارئ فيه، فهو هل الدول تبقى بنمط واحد في التعامل السياسي مع الاحداث أم ان سياستها قد تتغير وفقاً لمسار الاحداث وتبدل المصالح وتغيير الاصطفافات؟! لا فرق في ذلك بين الدول الكبرى او الدول الصغيرة. لذلك قد يكون من الخطأ المراهنة على موقف دولة ما في قضية ما، بأنها لن تغير موقفها، وقد يكون التغيير بنسب معينة وقد يصل التغيير الى نسبة ١٠٠ في المئة. ولا أقصد التغيير الاعتيادي للقضايا الطارئة، بل التغيير الاستراتيجي الذي ينقل الدولة من واقع الى آخر، او كما يقال من محور الى محور آخر. واذا استعرضنا تغير مواقف الدول في الفترة القصيرة السابقة، فمن كان يظن ان روسيا سيكون لها هذا التواجد القوي في منطقة كان الغرب يعتبرها تحت تأثيره المباشر؟! وها هي روسيا تمتلك اليوم قواعد عسكرية في سوريا، واتفاقيات استراتيجية مع تركيا وإيران، بمعنى ان روسيا أضحت متواجدة في قلب الشرق الاوسط، وعلى ضفاف الخليج العربي، ومزاحمة للنفوذ الغربي بشكل لافت للنظر في قلب العالمين العربي والاسلامي. ومن يتابع تصويتها في مجلس الأمن واستخدامها المتكرر لحق النقض (الفيتو)، يمكنه استنتاج الكثير. وبنفس الاتجاه نجد الموقف التركي، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، يتجه بقوة للانخراط مع المواقف السياسية الروسية والإيرانية والتعاون السياسي والعسكري المشترك في حل المسألة السورية متجاوزاً الحلول الاميركية، خصوصاً أن رهان الاميركان على المكون السوري الكردي، الذي لا يتوافق مع الرؤية التركية الاستراتيجية، يجعل الطلاق بينهما سهلاً وقريباً ان لم يبادر الاميركان بالتنازل عن موقفهم من التعاون الكردي، ولعل ذلك ما حدث في مكالمة الرئيس الاميركي مع الرئيس التركي مؤخراً. لكل ذلك فعلينا ألا نستبعد اي اصطفافات مفاجئة جديدة، ففي السياسة توقع غير المتوقع دائماً. عبدالمحسن يوسف جمال

مشاركة :