درس الناصري بقلم: فاروق يوسف

  • 12/4/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الناصري كان صديقا لطلابه ولم يكن أبا، بالرغم من أنه كان حريصا على مسافة من الرفعة تفصله عن الآخرين بمن فيهم طلابه.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2017/12/04، العدد: 10832، ص(16)] باستثناء فائق حسن وجواد سليم، وهما معلماه، فإن رافع الناصري هو الفنان الأكثر تأثيرا في طلاب الفن عبر أكثر من ربع قرن من الزمن. لقد درس مادة الحفر الطباعي (كرافيك) في قسم الحفر الطباعي (كرافيك) التابع لمعهد الفنون الجميلة ببغداد، وهو القسم الذي أسسه بنفسه ورافقه سالم الدباغ في ما بعد، غير أن الفرق بين الناصري وبين معلميه حسن وسليم أنه لم يكن يميل إلى أن يقلده طلابه في أسلوبه الفني، وكانت تلك واحدة من أهم مآثره معلما وفنانا. ولأنه كان يرى في طلابه المتميزين فناني المستقبل، فقد زرع فيهم روح الاستقلال، وهو ما عزّز لديهم روح الفنان الحر، الذي لا يحتاج إلى التمرّد على أبيه المجازي. الناصري كان صديقا لطلابه ولم يكن أبا، بالرغم من أنه كان حريصا على مسافة من الرفعة تفصله عن الآخرين بمن فيهم طلابه. لقد تعلم الناصري من درسه الصيني أن تكون لكل فنان دروبه الخاصة التي تصل به إلى الموضوع، حتى إذا تعلق ذلك الموضوع بوردة يعرفها الجميع، ولأنه كان مخلصا لحريته فقد حرص على أن يتعلم طلابه درس الحرية جنبا إلى جنب مع درس الرسم، غير أنها حرية منضبطة لا تسمح لحاملها إلاّ بأن يكون إيجابيا في كل ما يفعل. لم يتخلّ الناصري نفسه عن إيجابيته في أكثر المواقف تعقيدا وصعوبة، ولم أره يوما ما محبطا أو مهزوما، ذلك لأنه كان يثق بالفن وهو مصدر قوته. الثقة بالفن هي التي جعلته يحرص على أن يدفع طلابه بعيدا عنه ليصنعوا مصائرهم بأنفسهم، لم يكن يرغب في أن يرى نسخا منه، بعكس معلميه عرف الناصري كيف ينأى بأسلوبه الفني بعيدا عما يتعلمه طلابه، كل من درس على يدي الناصري يعرف أن الرجل قد فتح دروبا أمام طلابه لم يفتحها معلم رسم آخر. قبل أربع سنوات غادرنا الناصري تاركا وراءه إرثا فنيا عظيما ودرسا في الحرية. كاتب عراقيفاروق يوسف

مشاركة :