متهم بالتواطؤ إلى أن يثبت براءته

  • 12/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: أحمد عزت من منّا لم يتمنّ أن تنال دولة عربية شرف تنظيم بطولة كبرى ككأس العالم لكرة القدم؟ لكن، وبكل تأكيد، لا يريد ولا يتمنى أحد منا أن يكون السبيل إلى تحقيق ذلك الحلم معبّداً بالفساد، ومحفوفاً بالرشى، فهكذا تكون استضافة المونديال عاراً ما بعده عار.في لحظة تاريخية من عام 2010، فرحنا وهلّلنا لفوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022، لكن سرعان ما بدّدت قطر الحلم بنفسها، حين افتضح أمرها، فالحقائق التي تكشفت بعد ذلك أكدت أن استضافة المونديال كانت ولادة قيصرية لأكبر قرار فاسد في تاريخ الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، حيث تم طبخ الصفقة في أشهر معامل «يويفا، وفيفا»، ثم كانت الجراحة الفاضحة ب«كونسلتو» يضم أبرع الفاسدين في ميادين الرياضة والسياسة معاً، فتم تخدير الضمير العالمي برشى على كل شكل ولون، من أصغر عضو في تنفيذية، وعمومية المنظمة العالمية، إلى «الزعيم» بلاتر وحاشيته، ومن رؤساء الاتحادات القارية الذين تمت تعبئة خزائنهم وتأمين مستقبل أحفاد أحفادهم، إلى رؤساء حكومات بعض الدول، وقادتها، ممن استحلّوا «غسل الأموال القطرية»، وتسييل الغاز القطري، و«تقليب الزبالة القطرية» في مشروعات بلدانهم، إن لم يكن للتصويت والتهليل فرحاً في الجمعية العمومية، فَلكتْم أي صوت مناوئ ورافض لأكبر مؤامرة دولية في تاريخ الرياضة العالمية... أسئلة كثيرة أصبحت تفرض نفسها على الساحة منذ بدأت المقاطعة العربية من مصر والسعودية والإمارات والبحرين لقطر، بسبب دعمها للإرهاب، فمن لحظة بدء تلك المقاطعة في 5 يونيو أخذت الضيافة القطرية للمونديال منحى آخر، منحى فيه من الحقائق والوقائع ما يفنّد، ويبدد كل الأكاذيب والادعاءات، وفيه من المواقف والضغوط الدولية ما يتصدى بكل النزاهة والشرف لكل الافتراءات التي تستوجب الإنكار وتستدعي «القرف»، كيف ستستمر الضيافة في بلد يرعى الإرهاب ويدعمه بكل صوره وأشكاله في مختلف دول العالم؟ وكيف سيترجم شعاره المرفوع عن الوحدة والسلام في إقليمه وهو متناحر مختلف مع أهله، ومقطوع ومنبوذ من جيرانه؟ وكيف ستكتمل مشروعات الملاعب والمنشآت المونديالية والشركات تشكو نقص الموارد ومواد البناء، والعمّال يشكون سوء المعاملة والحياة الإنسانية؟ وكيف سيأتي الضيوف والمشاركون الغرباء، بينما المقيمون القاطنون يعانون المأكل والمشرب والتنقل والسفر عبر الأجواء؟هذا ما يخص قطر، أما الذي يخص ال«فيفا» عبر مرحلتي الرئيس السابق السويسري بلاتر، ثم مواطنه الرئيس الحالي جياني إنفانتينو، فتلخصه أسئلة من نوع آخر: كيف توصم المنظمة الدولية بالفساد، ويدان 42 مسؤولاً فيها من دون أن تكون قراراتها فاسدة؟ وإذا أثبتت التحقيقات اتهامات الرشى، والابتزاز، والتزوير وتبييض الأموال، فمن إذاً الراشي والمبتز والمزور والمبيّض.. والمال مال من؟ وكيف نصدق شعارات النظافة والتطهير ومحاربة الفساد التي أطلقها الرئيس الجديد، وقد كان الرجل الأول في فريق الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي «عراب الضيافة المشبوهة»، بشهادة ووشاية الشريك بلاتر؟ وأخيراً وليس آخراً، هل غياب المجرم والجاني يُغيّب الجريمة والجناية؟ وهل يكفي استبعاد المتهمين بالفساد لتعود النظافة والطهارة للفيفا، أم أن الأمر يقتضي إلزاماً، وبالضرورة، تصحيح وإصلاح ونسخ كل ما أفسدوه؟في هذا التحقيق الذي اتبعنا فيه دراسة المسح، ومنهاج تحليل المضمون في شأن كل ما ورد بخصوص الضيافة القطرية المشبوهة، وفساد ال«فيفا»، رصدنا الدعاوى والتحفظات، والحقائق والمعلومات التي تصوغ نقاط لائحة الاتهام لكل منهما، وفي النهاية وجدنا أن المبدأ القانوني الذي يقول إن «المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته» يستوجب أن ينعكس مضمونه ومنطوقه ليصبح «فيفا» متهماً بالتواطؤ مع قطر إلى أن يثبت براءته.. وإليكم فيما يأتي تفاصيل عريضة الاتهام. 5 أسباب رئيسية تهدد بسحب تنظيم المونديال من قطر تواجه قطر العديد من المخاطر التي تهدد تنظيمها لكأس العالم 2022، من قبل، ومن بعد مقاطعة الدول العربية لها، وهي على النحو التالي بترتيب أهميتها، وتأثيرها: 1- شبهات الفساديواجه «فيفا» مزاعم فساد منذ منح تنظيم كأس العالم 2022 لقطر، ونشرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية في يونيو/حزيران 2014، أنها حصلت على عدد كبير من الوثائق، تتضمن رسائل إلكترونية، وخطابات، وتحويلات مصرفية، دليلاً على دفع القطري محمد بن همام، المفصول من «فيفا»، مبالغ مالية قيمتها 5 ملايين دولار لمسؤولين مقابل دعمهم ترشح قطر لاحتضان نهائيات كأس العالم.كما أن السويسري جوزيف بلاتر، الرئيس السابق للاتحاد الدولي «فيفا»، أكد أن الفرنسي ميشيل بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي «يويفا» السابق، كان كلمة السر في حصول قطر على تنظيم البطولة العالمية، بعد أن نجح في تحويل العديد من الأصوات التي كانت ذاهبة لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية إلى قطر، وأن هذا التحول جاء بعد جلسة عشاء جمعت بين نيكولاي ساركوزي، الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت، وأمير قطر الحالي وولي العهد آنذاك، تميم بن حمد، إضافة إلى بلاتيني، وأن ساركوزي كلف بلاتيني بمراعاة مصالح فرنسا التي تقتضي فوز قطر بتنظيم المونديال، ونجح بلاتيني في المهمة المكلف بها التي قام بها على حد قوله «منفردًا»، وتجري في هذا السبيل تحقيقات تشترك فيها الولايات المتحدة مع سويسرا. 2- المقاطعة العربية في تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أكدت أن مقاطعة الدول العربية لقطر، تهدد أعمال البناء الخاصة بالانتهاء من منشآت البنية التحتية التي تحتاج إليها الدوحة، لاستضافة كأس العالم 2022 التي تقدر ب500 مليون دولار أسبوعياً، واستمرار المقاطعة لأمد أطول سيكون معناه المباشر صعوبة التنظيم، ثم استحالته. 3- عدم الاستقرار السياسي «استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي، سيجعل من الصعب جدًا التحضير لكأس العالم».. وهذا المعنى عبر عنه فيتالي موتكو رئيس الاتحاد الروسي لكرة القدم، نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي، الذي أكد أن سحب مونديال 2022 من قطر يحمل طابعًا سياسيًا. 4-انتهاكات حقوق العماليعيش العمال المشاركون في تشييد المنشآت الخاصة بالبطولة العالمية أوضاعاً معيشية صعبة للغاية، الأمر الذي دفع المنظمات الحقوقية لتوجيه انتقادات عنيفة إلى قطر، بسبب سوء معاملة العمال هناك، والسنوات الأخيرة شهدت العديد من حالات الوفاة بين العمال، في الوقت الذي تواجه فيه قطر ضغوطاً من المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة من أجل تحسين أوضاع هؤلاء العمال القادم، أغلبهم من دول جنوب شرق آسيا. 5- موعد إقامة البطولة بعد مداولات عدة في مناسبات متفرقة سببها الشكوى من صعوبة التنظيم في الصيف، كما هو معتاد بالنسبة إلى البطولة، تم الانتهاء إلى اعتماد «فيفا» رسمياً الفترة من 21 نوفمبر وحتى 18 ديسمبر كموعد لنهائيات كأس العالم 2022 في قطر، وستكون بذلك المرة الأولى التي تقام فيها بطولة كأس العالم خلال فصل الشتاء، والقرار مازال مثيراً لغضب واحتجاج العديد من الأندية الأوروبية، لا سيما أن الاتحادات الوطنية ستكون ملزمة بتغيير مواعيد انطلاق كل البطولات في القارة العجوز، لتعارض موعد إقامتها مع موعد كأس العالم.

مشاركة :