التقت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي أمس، في بروكسل على «غداء عمل حاسم» رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر لتحاول إقناع الأوروبيين بأن وعودها باتت «كافية» ليوافقوا على بدء مفاوضات تجارية تصر عليها لندن. ويهدف اللقاء إلى وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مبدئي حول إجراءات الانفصال المقرر أن ينجز في نهاية مارس/ آذار 2019. وستعقد ماي اجتماعاً مع رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أيضاً، بحسب ما أعلنت رئاسة الحكومة البريطانية. وقال ناطق بريطاني: «مع المفاوضات المقبلة، سيشكل اللقاء مرحلة مهمة على طريق المجلس (القمة الأوروبية) الحاسم الذي سينعقد خلال الشهر الجاري، موضحاً أن مفاوضات جرت بين الجانبين في عطلة نهاية الأسبوع. من جهته، قال مصدر دبلوماسي أوروبي إن التوصل إلى اتفاق «سيكون صعباً لكنه أمر ممكن إذا كانوا (البريطانيون) منطقيين»، موضحا أن «هناك أربع أو خمس نقاط أخيرة تجب مناقشتها» في الملفات الثلاثة التي يعتبر الاتحاد أنها تشكل أولوية مطلقة.والملفات الثلاثة هي التسوية المالية لخروج بريطانيا من الاتحاد، وهي قضية باتت على الطريق الصحيح، ومصير المغتربين الأوروبيين بعد بريكست ومستقبل الحدود الإيرلندية الذي اصبح القضية الأكثر تعقيداً في الأسابيع الأخيرة.ومع كثرة الحديث عن انفصال بريطانيا تعود إلى صدارة المشهد قصص الصراعات القديمة خلال الفترة المظلمة في إيرلندا الشمالية- فترة الاضطرابات - التي طواها النسيان في بقية أنحاء أوروبا، ولكن ذكرياتها ما زالت ماثلة في الأذهان، سواء في شمال إيرلندا أو جنوبها، لاسيما وأن سنوات العنف أفرزت كيانا جديدا، منطقة اقتصادية مشتركة، اتحاد أوروبي مصغر داخل الاتحاد الأوروبي الكبير. ومع انتقال الأشخاص بحرية، بدأت الاقتصادات المحلية تنمو وتزدهر مرة أخرى، واختفت الحدود تماماً.وتقول دبلن إن أكثر من 8. 1 مليون سيارة تعبرها شهريا. والآن، هل سيعود موظفو الجمارك إلى الظهور مرة أخرى في نقاط العبور؟ وهل يجب على الأشخاص الذين يسافرون حاليا بشكل روتيني من بلدة إلى أخرى على الجانب الآخر من أجل الحصول على علاج طبي عاجل إظهار جوازات سفرهم؟ويقول وزير الخارجية الإيرلندي، سيمون كوفيني، إن هذا أمر لا يمكن تصوره بالنسبة للحكومة في دبلن: «لن نسمح بإقامة حدود على جزيرة إيرلندا مرة أخرى، لدينا مسؤولية مشتركة مع بريطانيا لضمان عدم حدوث ذلك».وتعلم دبلن جيداً أنها تحظى بدعم شركائها في الاتحاد الأوروبي، كما أن بريطانيا ملتزمة بهدف عدم وجود حدود.وتقول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «لدينا نفس الرغبة.. نريد أن نضمن استمرارية حرية حركة الناس والتجارة عبر تلك الحدود، ولا نريد إقامة أي حواجز جديدة أمام التجارة أو حركة الناس عبر تلك الحدود حاليا، هذه هي النتيجة التي اتفقنا عليها معا. وهذا ما نعتقد أنه في مصلحة إيرلندا الشمالية».ولكن الجميع يفكر في كيفية تحقيق ذلك بمجرد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد يكون الحل في أحسن الظروف عبر علاقات تجارية وثيقة للغاية يتم الاتفاق عليها بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.لكن التوصل إلى اتفاق من هذا القبيل سيستغرق شهورا، إن لم يكن أعواما، ولن يحظى ذلك بالطبع بأي اهتمام من جمهورية اير لندا. فدبلن تريد ضماناً من لندن. وتريد هذا الضمان الآن، حتى قبل أن يبدأ الاتحاد الأوروبي في التفاوض مع بريطانيا حول العلاقات المستقبلية. وكانت مطالبة إيرلندا بأن لا يفرض بريكست «حدودا صلبة» مع إيرلندا الشمالية الواقعة تحت سلطة بريطانيا عقدة أساسية في التوصل إلى اتفاق، وقال توسك بعد محادثات مع رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار الأسبوع الماضي إن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على أن يبدأ المرحلة الثانية من المفاوضات إلا إذا كانت إيرلندا موافقة بالكامل.وقال الدبلوماسي ان يونكر تحدث أيضا إلى فارادكار الجمعة وطمأنه حول دعم الاتحاد الأوروبي لدبلن. في السياق نفسه، سيقدم كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لبريكست ميشال بارنييه الذي سيشارك في الغداء، تقييمه الأخير غداً- الأربعاء.(وكالات)
مشاركة :