حمضك النووي يحدّد الغذاء المناسب لك

  • 12/10/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

رغم التوجيهات الغذائية، وحملات التوعية العامة، وجهود الناس الحقيقية لخسارة الوزن، يبدو أن وباء السمنة لا يتراجع. لماذا؟ توصل باحثون من جامعة تكساس A & M في كولدج سيتي إلى الجواب على الأرجح. ربما يكون مدى فاعلية حمية ما «مكتوباً» في جيناتنا. هذه الخلاصة الرئيسة التي توصلت إليها دراسة متقنة نُشرت أخيراً في مجلة «علم الجينات». كان الدكتور ديفيد ثريدغيل من كلية الطب وكلية الطب البيطري والعلوم الطبية الحيوية في جامعة A & M الباحث المشرف على الدراسة، في حين أشرف وليام ت. بارينغتون على إعداد التقرير الجديد. انطلق ثريدغيل وفريقه من ملاحظتهم من عدد الأميركيين الذين يعانون متلازمة أيضية (مصطلح شامل يشير إلى مجموعة من عوامل الخطر القلبية الأيضية) ارتفع رغم التوجيهات الغذائية الوطنية. يعتقد ثريدغيل أن هذا الأمر يعود إلى أن التوجيهات الغذائية تعتمد على الافتراض الخاطئ أن شكلاً واحداً يلائم الجميع. ويضيف: «تستند النصائح الغذائية، سواء كانت صادرة عن الحكومة الأميركية أو أي منظمة أخرى، إلى نظرية أن ثمة نظاماً غذائياً واحداً يساعد الجميع». «ولكن في وجه وبأ السمنة، يبدو أن هذه التوجيهات لا تجدي نفعاً»، حسبما يؤكد. يفترض ثريدغيل وفريقه أن الاختلافات الجينية قد تؤثر في طريقة تفاعل الإنسان مع نظام غذائي ما. اختبر هؤلاء الباحثون نظريتهم هذه على الفئران، التي تُعتبر، كما يوضح الباحثون في تقريرهم، مشابهة للإنسان في تركيبتها الجينية، فضلاً عن مدى تعرّضها للأمراض القلبية الأيضية، كمرض القلب والداء السكري. أنظمة غذائية مختلفة لاختبار فرضيتهم هذه، صمّم الباحثون أربع سلالات من الفئران مختلفة جينياً وأطعموا كلاً منها أربعة أنظمة غذائية مختلفة. صُممت الأنظمة الغذائية لتشابه أربعة أنظمة غذائية اتبعها الإنسان على مر التاريخ: النظام الغذائي الأميركي/الغربي، ونظام غذاء البحر الأبيض المتوسط، ونظام الغذاء الياباني، ونظام غذاء الماساي/المولّد للكيتون. احتوى النظام الغذائي الأميركي على كميات كبيرة من الدهون والنشويات المعالجة، في حين ركّز نظام غذاء البحر الأبيض المتوسط على الألياف. وتألف النظام الياباني من الأرز وخلاصة الشاي الأخضر. أما النظام المولّد للكيتون، فضم مقداراً كبيراً من الدهون والبروتين مع تراجع كبير في النشويات. يوضح بارينغتون: «راقبنا محتوى الألياف وتتبعنا المكونات الحيوية النشيطة التي اعتقدنا أنها تؤدي دوراً مهماً في الأمراض»، وذلك بغية جعل أنظمة غذاء القوارض مماثلة إلى حد كبير لما يتبعه البشر. كذلك أُطعمت فئران عدة نظاماً غذائياً تقليدياً يتألف من الطعام المعتاد لتشكّل هذه مجموعة الضبط. راقب الباحثون صحة الفئران القلبية الأيضية. فقاسوا ضغط دمها، ومعدل السكر في دمها، ومعدلات الكولسترول، وبحثوا عن أية إشارة إلى تراكم الدهون على الكبد. راقب الباحثون أيضاً معدلات النشاط الجسدي، فضلاً عن شهية القوارض واستهلاكها الطعام. أنظمة «بديلة» بدا عموماً أن الأنظمة الغذائية «البديلة» الصحية الثلاثة تعود بالفائدة على معظم الفئران، إلا أن السلالة الجينية الرابعة تفاعلت بشكل بالغ السوء مع النظام الغذائي الياباني. صحيح أن هذه الفئران «أبلت حسناً مع الأنظمة الغذائية الأخرى كافة، إلا أن أداءها تراجع كثيراً مع هذا النظام مع تراكم الدهون في الكبد وظهور إشارات إلى تضرره»، وفق بارينغتون. أما النظام الغذائي المولّد للكيتون، فلاءم سلالتين جينيتين وأساء إلى السلالتين الأخريين. يذكر بارينغتون: «أصبحت إحداها سمينة جداً مع تراكم الدهون على الكبد وارتفاع معدلات الكولسترول»، في حين عانت الأخرى كميات كبيرة من الدهون وتراجع معدل نشاطها الجسدي، مع أنها حافظت على شكلها النحيل. يوضح هذا الباحث: «تشبه هذه مَن ندعوه «السمين النحيل» بين البشر، حين يبدو أن الإنسان يتمتع بوزن صحي، إلا أنه يعاني في الواقع نسبة عالية من دهون الجسم». كما هو متوقع، زاد النظام الغذائي الأميركي السمنة والمتلازمة الأيضية بين معظم الفئران. في المقابل، أدى نظام غذاء البحر الأبيض المتوسط إلى نتائج مختلطة، مع بقاء بعض الفئران في وضع صحي جيد واكتساب البعض الآخر الوزن. «علم التغذية المحدد» لجينات الإنسان تأثيراً كبيراً وأن ما من نظام غذائي واحد يلائم الجميع». يستخلص الباحثون في تقريرهم: «إذا كان البشر يملكون رد فعل غذائياً مماثلاً يعتمد على الجينات، يعني هذا أن مقاربة شخصية أو «غذائية محددة» إلى التوصيات الغذائية تؤدي إلى نتائج صحية أفضل، مقارنةً بمقاربة «شكل واحد يلائم الجميع» التقليدية». يعرب معدّ تقرير الدراسة الرئيس عن أمله بالبحوث المستقبلية، قائلاً: «نود ذات يوم أن نطوّر فحصاً جينياً يحدد لكل إنسان أفضل نظام غذائي لتركيبته الجينية». يضيف بارينغتون: «ربما يحمل البشر اختلافات جغرافية تستند إلى ما تناوله أسلافنا، إلا أننا لا نملك راهناً معلومات كافية لنؤكد ذلك».

مشاركة :