رغم مرور أسبوعين على كتابة مقال انتقدت فيه أداء المسؤولين عن إدارة قطاع المحاكم، وتحديداً مرفق محكمة الرقعي على نحو خاص، وسوء الأمور في عدد من الأقسام كالإعلان، فإن الأمور، للأسف، لم تتغير ولم تتبدل، والسبب برأيي يعود إما إلى عدم صلاحية بعض المسؤولين في إدارة هذا المرفق، فضلاً عن عدم صلاحية بعض الكوادر التي تتم الاستعانة بها لتنفيذ القرارات الوزارية، وإما أن يعود الأمر إلى غياب فكرة محاسبة الموظف أو المسؤول المقصر في عمله، لأنهم جميعاً سيكونون في نهاية العام على مسافة واحدة من التكريم والأعمال الممتازة والتقاط الصور مع الموظف المنجز! وعندما لا تتحرك تجاه قضية تعذيب المواطن في إجراءات التقاضي، ولا حتى في إتمام إجراءات الإعلان في محكمة الرقعي، ولا في ترحيل القرارات من أمناء سر الجلسات وتجهيزها للهيئات القضائية، والبحث عن سر فقد ملفات الناس التي تحوي حقوقهم وأسرارهم، وتشاهد بأم عينيك أن تخليص المعاملات يتم عن طريق سوق يديره بعض الحجاب لقاء مقابل مالي، تأكد أنك مسؤول فاشل في إدارة هذا المرفق، ولا تستحق البقاء فيه، ومن الأفضل إحالتك أنت ومن على شاكلتك الإدارية الى التقاعد، فهو خير لك وخير للمرفق. أكثر من عام مر على افتتاح مبنى محكمة الرقعي الجديد، الذي صرفت عليه الدولة مبالغ طائلة حتى ينعم القضاة والمتقاضون والمحامون بخدمات إدارية تتناسب مع قيمة ما دفع، لا نملك، للأسف، إلا الحسرة والألم لما نشاهده اليوم، حيث وجدت المباني لكنها معيبة وقاصرة، ووجد الموظفون والمسؤولون ولكن تعثرت الإدارة، وضاعت كل الآمال التي كنا ننتظرها بسبب ضعف الإدارة التي أتت من رحم الواسطة والمحسوبية والمحاصصة في تعيين المناصب الإشرافية، ومن ثم الإدارية التي تتولى زمام المسؤولية والمحاسبة! مخجل جداً أن تحتفل وزارة العدل بإنجاز خدمات إلكترونية للمتقاضين، في حين تدار الخدمات التقليدية، كاستخراج الأوراق والأحكام وضم الملفات، عبر «سوق سمسمرة» من بعض ضعاف النفوس من الحجاب، الذين يستغلون غياب فاعلية العناصر البشرية المحسوبة علينا كموظفين في الوزارة. ومخجل أيضاً أن نتباهى بإنجاز الخدمات الإلكترونية ومندوبو الإعلانات في محكمة الرقعي لم ينجزوا خلال الأسابيع الماضية أكثر من 100 صحيفة، بسبب تراكم صحف الدعاوى التي تم الإعلان عن جزء منها، وتم إهمال الجزء الآخر بسبب قلة أعداد الموظفين هناك، في حين تولت الوزارة عبر إداراتها مهمة نقل ملفات القضايا إلى محكمة الرقعي، وكان يتعين عليها أن تكون مدركة لتبعات هذا القرار، ومنها أن مسألة نقل الدعاوى تتطلب إيجاد العناصر البشرية الكافية لتغطيتها وعدم المراهنة على إيذاء الناس وتحميلهم أضرار قراراتهم المعيبة! في الختام أتمنى أن يواجه المسؤولون اليوم قضية محكمة الرقعي بكل مسؤولية وأمانة للقسم، وأن يدركوا تماماً أن ما يكتب في هذا الصدد يهدف إلى تطوير هذا المرفق الذي كنا ننتظر وجوده طويلاً، وفي المقابل أن يعيد من يتولى مسؤولية إصدار القرار في الوزارة النظر في طريقة إدارة المرافق التابعة للقضاء، لأنها باتت تؤثر على تحقيق العدالة وإنجازها، لاسيما في ضوء الشعار الذي رفعته الوزارة وهو العدالة الناجزة!
مشاركة :