جمر الصدام تحت رماد التهدئة الظرفية بين بغداد وأربيلالسلام البارد الذي يميّز العلاقة القائمة بين حكومة العراق المركزية وسلطات إقليم كردستان قد يكون مجرد هدوء ظرفي يسبق عودة العاصفة التي هبّت بعنف في أكتوبر الماضي وانحنى أمامها قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل اضطراري ولكنّه ظرفي.العرب [نُشر في 2017/12/12، العدد: 10840، ص(3)]شعور بالظلم يلازم أكراد العراق أربيل - تسود العلاقةَ الحاليةَ بين الحكومة المركزية العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق حالة من البرود الشديد في ظل بقاء القضايا الخلافية بينهما معلّقة دون حلول واضحة وتواصل انسداد قنوات الحوار، رغم نجاح حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي في فرض أمر واقع على حكومة أربيل، خصوصا في ما يتعلّق ببسط السيطرة على عدد من المناطق المتنازع عليها وأهمّها محافظة كركوك الغنية بالنفط. وعادت طبول الحرب لتقرع من جديد بين بغداد وأربيل مهددة بتفجير نزاع مسلح، يبدو أن لدى كل من طرفيه ما يكفي من الدوافع لخوضه حتى النهاية. وعلمت “العرب”، من مصادر عراقية أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي يدرس خطة جديدة لتوسيع نطاق انتشار القوات الاتحادية عند حدود إقليم كردستان، ليشمل معبرا حدوديا حيويا. وتقول المصادر إنّ العبادي كان ينتظر إعلانا صريحا من القيادة السياسية الكردية بإلغاء نتائج استفتاء الاستقلال الذي أجراه إقليم كردستان في 25 سبتمبر الماضي. وتضيف أنّ الساسة الأكراد في أربيل يماطلون منذ 18 أكتوبر الماضي ولا يعلنون إلغاء الاستفتاء، موضحة أنّ العبادي ربما يتحرّك عسكريا لاستكمال خطة إعادة الانتشار، بما يحقق سيطرة القوات الاتحادية على معابر بين الإقليم الكردي وكل من سوريا وتركيا. وكانت القوات العراقية نفذت بين 16 و18 أكتوبر عملية واسعة لإعادة الانتشار في مواقع تسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية منذ صيف 2014. وأوقفت تلك القوات تقدّمها نحو الأهداف التي كانت تتضمن عددا من المعابر بعد وساطة أميركية. ومنذ ذلك الحين، تقول قيادات سياسية كردية، إن العبادي يرفض إجراء حوار مباشر مع مسؤولي الإقليم. واشترط العبادي أن يسبق المفاوضات مع أربيل إعلانٌ صريح عن إلغاء نتائج الاستفتاء، فضلا عن ضرورة أن يمثل أي وفد كردي للتفاوض مع بغداد، جميع الأطراف السياسية في كردستان، ولا يقتصر كما جرت العادة على ممثلين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه وترأسه لعقود الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني. وكشفت المصادر لـ”العرب” أنّ قيادات عسكرية بارزة في الجيش العراقي تداولت مع العبادي، خلال الأيام القليلة الماضية، بشأن المضيّ في تنفيذ خطة إعادة الانتشار. ويريد العبادي أن يضع يده على منفذ فيشخابور بين سوريا والعراق الذي يقع بجانبه ممر وحيد نحو معبر إبراهيم الخليل الاستراتيجي بين مدينة دهوك التابعة لكردستان، وتركيا. ويقول مراقبون إن قوات البيشمركة التي انسحبت أمام تمدد القوات العراقية في أكتوبر الماضي ستقاتل من أجل الحفاظ على معبر إبراهيم الخليل مع تركيا. ويضيف هؤلاء أنّ هذا المعبر هو الشريان الوحيد الذي يربط إقليم كردستان العراق بالعالم الخارجي بعد حظر سلطات بغداد الرحلات الدولية عبر مطاري أربيل والسليمانية. ومن شأن سيطرة القوات الاتحادية على المعبر المذكور أن تخنق الإقليم وتحرمه من عوائد مالية ضخمة يدرّها المعبر يوميا. وتقول مصادر دبلوماسية إنّ العبادي ربما يستغل الفتور الواضح في العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والقيادة السياسية في أربيل، لتنفيذ تحرك عسكري محدود قرب منطقة دهوك يضمن من خلاله سيطرة بغداد على عقدة طرق استراتيجية ومعبرين حدوديين مع سوريا وتركيا. ونفى رئيس حكومة إقليم كردستان، نيجرفان البارزاني، الأسبوع الماضي، وجود أي تواصل بين بغداد وأربيل مطالبا العبادي بتحديد موعد المفاوضات. ودعا نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي الحكومة العراقية إلى إجراء حوار صريح وشامل مع إقليم كردستان، لحل كل المشاكل العالقة بين الجانبين تحت سقف الدستور. ويعود الخلاف بين بغداد وأربيل إلى سنوات مضت، ويتعلق بتقاسم عائدات النفط، وحصة كردستان من الموازنة ورواتب وتسليح البيشمركة. وقال النجيفي خلال لقائه سفير تركيا في العراق فاتح يلدز في بغداد إن “بقاء الأزمة ليس في صالح العراق الذي يتطلع إلى المستقبل بعد الانتصار التاريخي على تنظيم داعش”، مشيرا إلى أن “استفتاء الإقليم كان خطوة خاطئة وقد حسمت المحكمة الاتحادية الموضوع”. وأغضب العبادي الأكراد، عندما تجاهل ذكر البيشمركة، ضمن القوات التي أسمهت في دحر تنظيم داعش، خلال “خطاب النصر” الذي قرأه السبت. والاثنين شهدت أربيل والسليمانية تظاهرات طلابية ضد العبادي أغلق المحتجون خلالها، رمزيا، الطرق التي تؤدي إلى بغداد.
مشاركة :