زوما وصل إلى الحكم حاملا آمال الفقراء ويغادره مثقلا بالشبهات

  • 12/16/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يغادر جاكوب زوما (75 عاما)، الذي وصل إلى رئاسة المؤتمر الوطني الأفريقي حاملا آمال المعوزين، هذا المنصب الذي شغله عشرة أعوام مثقلا بالشبهات في إطار فضائح فساد. وسيلقي جاكوب زوما الذي سيبقى رئيسا حتى الانتخابات العامة منتصف 2019، خطابه الأخير بصفته رئيسا للحزب أمام أنصاره الذين يجتمعون من السبت حتى الأربعاء لانتخاب خلفه. وقال رئيس الدولة الأسبوع الماضي، إنه «سعيد جدا» لتسليم مقاليد المؤتمر الوطني الأفريقي. حتى أنه وعد، بـ«عملية انتقالية ناجحة وسلسة». وتبدو المهمة معقدة، لأن حزب النضال التاريخي ضد التمييز العنصري يخرج منقسما وقد أضعفته ولايتا جاكوب زوما. وبسخرية خاطبه المعلق السياسي أوسكار فان هيردين بالقول هذا الأسبوع، «مؤتمر وطني أفريقي مدمر، اقتصاد مدمر، الفساد واختلاس الدولة مزمنان، أخشى أن يكون ذلك إرثك الوحيد الدائم». ويواجه أنصاره المتحمسون الأوفياء صعوبة في الدفاع عن هذه الحصيلة المحزنة. لكن جاكوب زوما يعرب على ما يبدو عن سخريته منها. ففي البرلمان، واجه أخطر التساؤلات المتعلقة بالقضايا التي تتهدده، ورد على خصومه بواحدة من ضحكاته التي باتت شهيرة، وتفسر في بعض الأحيان على أنها ازدراء. ومنذ فترة طويلة، يبدو جاكوب زوما الذي سمي «الرئيس تيفلون»، بسبب الاتهامات الكثيرة الموجهة إليه، شخصا محصنا بالمعجزات. ووصوله إلى رئاسة المؤتمر الوطني الأفريقي، مثال على ذلك. فقد استطاع أواخر 2007، أن يطيح من رئاسة الحزب، ثابو مبيكي، الذي عزله من منصب نائب الرئيس في جنوب أفريقيا قبل سنتين من الوقت المحدد، موجها إليه تهما بالفساد. وبعد بضعة أشهر، قضى على منافسه الذي اضطر للتنحي عن منصبه رئيسا للدولة.فضائح قبيل الانتخابات العامة في 2009، تراجع القضاء في الوقت المناسب جدا، كما يقول منافسوه بغضب، عن ملاحقة زوما، فيما كان متهما بالحصول على رشاوى لدى إبرام عقد تسلح مع شركات منها شركة تاليس الفرنسية. وفي سياق فوز المؤتمر الوطني الأفريقي، أصبح رئيسا للبلاد. وقبل ثلاث سنوات من ذلك كانت تمت تبرئته في ختام محاكمة مدوية بتهمة الاغتصاب. وتمكن جاكوب زوما، الذي يقيم علاقات متشابكة والمخطط البارع من مواجهة الصعوبات والمشاكل طوال فترة حكمه. حتى في 2016، التي كانت مع ذلك «سنته الرهيبة». فقد أدين الرئيس في البداية بانتهاك الدستور، لأنه حمل دافع الضرائب على دفع تكاليف أعمال تجديد في مقر إقامته الخاص. واضطر إلى تسديد ما يناهز نصف مليون يورو. ثم حصل المؤتمر الوطني الأفريقي في الانتخابات البلدية، على أسوأ نتيجة وطنية منذ وصول الديمقراطية إلى البلاد في 1994. وشكك تقرير رسمي في علاقاته المثيرة للجدل مع عائلة غوبتا الثرية لرجال الأعمال الهندية الأصل. ويهدد القضاء اليوم بإحياء ملاحقاته في قضية تاليس. وحتى لو أصبح الخطر واضحا، فقد نجا الرئيس دائما، من طلبات حجب الثقة عنه ومن العصيان الذي بات مفتوحا ضده داخل المؤتمر الوطني الأفريقي نفسه. ويعد مربي الأبقار السابق المولود في 12 أبريل/ نيسان 1942، وعلم نفسه بنفسه، أول رئيس دولة متعدد الزوجات رسميا في البلاد.وعود كاذبة تزوج جاكوب زوما ست مرات، ولديه أربع نساء، ورزق بحوالى عشرين طفلا. وهو بالتالي مطلق من الرئيسة السابقة لمفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما، التي يدعم ترشيحها لخلافته في رئاسة المؤتمر الوطني الأفريقي. ويخفي جاكوب زوما الذي يفتخر بانتمائه إلى الزولو وإتقانه الرقص والغناء، وراء ابتسامته الطبيعية، قدرة كبيرة على الصبر رسختها معتقلات التمييز العنصري. فقد أمضى في شبابه عشر سنوات في سجن روبن إيلاند، قبالة سواحل الكاب (جنوب غرب)، مع نلسون مانديلا. وفيه اكتشف شغفه بالشطرنج. وبعد الإفراج عنه، انصرف جاكوب زوما إلى إنشاء الهيئات السرية للمؤتمر الوطني الأفريقي في منطقته، قبل أن يسلك طريق المنفى. وتولى فيها أجهزة استخبارات المؤتمر في نهاية الثمانينات. وبعد إضفاء الصفة القانونية على المؤتمر الوطني الأفريقي في 1990، عاد إلى جنوب أفريقيا. وبصفته مسؤولا في الحزب، شارك في المفاوضات التي أدت إلى أول انتخابات ديمقراطية في 1994، وإلى فوز حزبه وشخصيته البارزة نلسون مانديلا. ولدى وصول المؤتمر الوطني الأفريقي إلى الحكم، أصبح جاكوب زوما وزيرا مسؤولا عن مقاطعة كوازولو ناتال، ثم نائبا لرئيس الجمهورية في 1999، حتى عزله في 2005. لكن هذه الصعوبات لم تستمر طويلا. فقد تولى السلطة معتمدا على الجناح اليساري للمؤتمر الوطني الأفريقي والنقابات. وجسد آنذاك آمال المعوزين المعدمين بتحسن أحوالهم. وبعد عشر سنوات، لم تتعد وعوده الإصلاحية «الجذرية» المرحلة الخطابية. وأكثر من أي وقت مضى، تبدو البلاد والحزب غارقين في الأزمة. وقال «قدامى» الحزب، إن جاكوب زوما هو الذي يتحمل مسؤولية الخطأ. وعشية تنحيه عن قيادة الحزب، كان حكمهم صارما، «سمح بسقوط المؤتمر الوطني الأفريقي وشعبنا وبلادنا».

مشاركة :