على الرغم من الارتفاع المتواصل والعالي لأسعار حملات الحج بالسنوات الأخيرة وشكوى المواطنين والمقيمين من التكلفة الباهظة التي أصبحت تتحملها الأسر لتأدية هذه الفريضة على الرغم من حرصها على الحملات التي توفر الحد الأدنى من الخدمات، إلا أن الملاحظ هو تجاهل الجهة المختصة لتحديد أسعارها وأهمية المبادرة لإيقاف استغلال تنظيمات منحتها سلطة مطلقة لتوفير متطلب الترخيص بالحج، بل إن التصريحات المنشورة بررت رفع الأسعار بأنها للخدمات الإضافية! وكأن من لايرغب بتلك الخدمات يستطيع الحج بأسعار مناسبة. ومع وضوح الموقف السلبي في الرقابة على الأسعار إلا أنني لا أستطيع أن افهم مايقصده وكيل وزارة الحج والمتحدث الرسمي للوزارة بتصريحه المنشور "أن وزارته لا تفرض أنظمة على الشركات والحملات في تحديد الأسعار بأرقام معينة، بيد أنها تحذر من المغالاة في الأسعار، ومعاقبة المخالفين لأنظمتها" فهو يعلن للجميع بأن وزارة الحج لاتلزم الحملات بأسعار محددة وفي نفس الوقت يحذرها من المغالاة بالأسعار - وهذه عبارة للاستهلاك الإعلامي – أما القول بمعاقبة المخالفين للأنظمة فإنها بالتأكيد ليست لها علاقة بالشكوى من الأسعار، أي في حقيقة الأمر لسنا بحاجة لتذكير ملاك الحملات بأنه ليست هناك رقابة حكومية على أسعارها ولا "تخديرنا" بأن الوزارة تحذر وتعاقب لمخالفات لم يشتك منها الحاج بعد، والغريب انه مع ضعف التناول الإعلامي لمشكلة رفع أسعار حملات الحج نجد الإبراز لتصريحات ملاك الحملات بأن الأسعار هذا العام انخفضت بنسبة (20%) للإيهام بعدم صحة الشكوى من رفع الأسعار. ومع أن وزارة الحج قد حاولت عبر برنامجيها الحج المخفض والميسر تخفيض تكلفة الحج، إلا أن محدودية العدد بالبرنامجين أمام حجم الطلب الكبير واحتكار عدد محدد للحملات ومواقعها يلغي تأثير البرنامجين على الأسعار كليا وهو مانراها فعليا عندما نجد أن السعر لمعظم الحجاج يتجاوز ال(3) أضعاف للبرنامجين اللذين لايمكن الاعتماد عليهما في الحد من تلك المبالغات التي تمنح أرباحاً خيالية مقابل العمل لأيام محدودة! ولعل القيام ببعض الحسابات التقديرية لجميع التكاليف التي تنفقها الحملة على حجاجها يكشف لنا الحد الأدنى من الأرباح التي تحققها الحملات بسبب تجاهل الجهة المختصة لتحديد السعر المناسب لمشاريع تجارية وليست خدمية كما يصنفها البعض. فالوضع الحالي لحملات الحج يحتاج لتنظيم أشمل ورقابة أكثر فاعلية بسبب انتفاء قاعدة العرض والطلب، فهي تحتكر تقديم خدمة ألزمت الدولة جميع من يرغب بالحج بالتسجيل في تلك الحملات وفق الأسعار التي تحددها كل حملة، ولذلك فان الاهتمام الأكبر في شأن تنظيم عمل الحملات يجب أن يكون لتحديد أسعار وخدمات معينة للحجاج وبدون مبالغات غير مناسبة بالخدمات لمنع استغلالها للتبرير برفع الأسعار، كما أن تحويل دور الوزارة من فرض حد أعلى للأسعار الى فحص الشكاوى من نقص الخدمات المتفق عليها هو في حقيقته إضعاف لدور الوزارة التنظيمي وفي أمور وخدمات انتهت لاتهم جميع الحجاج وبعقوبات تبقى محدودة لاتقارن بالأرباح المحققة، فوزارة الحج تستطيع تقدير التكلفة بحدها الأعلى لكل حاج ونسبة الربح المعقولة وبحيث تبقى المنافسة بين الحملات في مستوى تقديم الخدمات الإضافية وبدون ان يكون لذلك علاقة بالسعر، مع العلم بان جميع الحملات ستحصل على كامل العدد المخصص لها لارتفاع الطلب، والأهم أن يكون لوزارة التجارة دور بالرقابة على أسعار الحملات كجهة مختصة لايُحصر دورها في الرقابة على سلع ومباسط وتُبعد عن الأهم والأعلى ربحاً لحملات تمارس نشاطاً تجارياً أصبحت بأسعارها الحالية تستوجب التدخل لإيقاف استغلالها لاحتكار بيع قسائم الإقامة بمخيماتها.
مشاركة :